21% من طائرات روسيا سقطت دون قتال.. هل أسقطت
كتب - محمد صفوت:
أعلنت وكالة النقل الجوي الفيدرالية الروسية "روس أفياتسا"، الأربعاء، مقتل قائد مجموعة فاجنر الروسية العسكرية يفجيني بريجوجين، وكشفت عن قائمة بأسماء ضحايا تحطم الطائرة المدنية في مقاطعة تفير الروسية.
وبحسب الهيئة الروسية، كان على متن الطائرة "قائد فاجنر يفجيني بريغوجين، ومؤسس مجموعة فاجنر دميتري أوتكين، ويفجيني ماكاريان، وسيرجي بروبوستين، وألكسندر توتمين، وفاليري تشيكالوف، ونيكولاي ماتوسيف".
في البداية، تضاربت الأنباء حول مقتل قائد فاجنر في تحطم طائرة أثناء رحلة داخلية بين موسكو وسان بطرسبرج، إذ تؤكد وسائل إعلام روسية مقتل قائد فاجنر، فيما تنفي أخرى وتشير إلى أن اسمه مدرج على قائمة الركاب فقط لكنه استخدم طائرته الثانية لدواعي أمنية.
وأشار موقع "ريبار" العسكري إلى أن المعلومات عن وجود قادة من فاجنر بين ركاب الطائرة المتحطمة شمال موسكو لا تزال غير مؤكدة. بدوره لفت موقع "ريدوفكا" الروسي إلى أن بريغوجين سجل اسمه فقط ضمن ركاب الطائرة لأسباب أمنية واستقل طائرة أخرى.
ونقلت وكالات ريا نوفوستي وتاس وإنترفاكس عن وكالة النقل الجوي الروسية "روسافياتسيا" أنّ اسم يفغيني بريغوجين ورد على قائمة ركاب هذه الطائرة التي كانت متجهة من موسكو إلى سانت بطرسبرغ وتحطّمت وقضى كل من كان على متنها وعددهم عشرة أشخاص.
لم تؤكد السلطات الروسية مقتل قائد فاجنر إلا بعد ساعات من الحادث، وتحدث الأنباء عن أن الطائرة أسقطت بأنظمة الدفاع الروسية عن طريق الخطأ. وقالت وكالة "تاس" إن الطائرة أسقطتها أنظمة الدفاع التابعة للجيش الروسي.
غموض حول الحادث
بينما يحيط الغموض بالحادث ولا يعرف مصير قائد فاجنر، خاصة بعد إعلان وزارة الطوارئ الروسية العثور على 8 جثث فقط في مكان حطام الطائرة التي ادعى الإعلام الروسي أنها تقل 10 أشخاص بينهم 7 ركاب. فضلاً عن وجود أنباء عن هبوط طائرة ثانية تابعة لبريغوجين بعد سقوط الطائرة بفترة في مطار فنوكوفو جنوب موسكو، كل هذا يثير الغموض بشأن الحادث.
وبعيدًا عن تأكيد موت قائد فاجنر في الحادث أو نفيه، فإن سقوط الطائرة عن طريق الخطأ بأنظمة الدفاع الجوي، يعيد إلى الأذهان حوادث الطيران المشابه ومنها حادث الطائرة الأوكرانية التي أسقطت في إيران بعد وقت قصير من إقلاعها من مطار اطهران في 8 من يناير 2020، ما أدى إلى مقتل 176 شخصًا، واعترفت إيران بأن الطائرة أُسقطت جراء خطأ بشري و"بغير قصد"، ما يطرح تساؤل حول تسبب الأخطاء البشرية في حوادث الطائرات.
سقوط أم إسقاط
قناة يفيجني بريجوجين على تطبيق تيليجرام، قالت إن طائرة رئيس مجموعة فاجنر العسكرية الخاصة، التي أشارت تقارير إلى أنه لقي حتفه لدى تحطمهما، تم إسقاطها في سماء روسيا، في ضربة موجهة. وكتبت قناة "جراي زون" على تليجرام، أن دفاعات مضادة للطائرات أسقطت الطائرة فوق منطقة تفير، لكنها ألقت بظلال شك على مقتل بريجوجين من عدمه.
بدورها، أعلنت لجنة التحقيق الروسية، إجراء تحقيق بشأن انتهاك قواعد السلامة المرورية، وتشغيل النقل الجوي، بعد تحطم الطائرة المنكوبة في مقاطعة تفير، شمالي موسكو، وأكدت أنها إدارة التحقيق الرئيسية التابعة للجنة التحقيق الروسية فتحت قضية جنائية بموجب المادة 263 من القانون الجنائي الروسي، والتي تتعلق بانتهاك قواعد السلامة المرورية وتشغيل النقل الجوي".
21% من الخسائر ليس بسبب القتال
في هذا الشأن، كشفت مجلة "نيوزيوك" الأمريكية، في تحقيق لها نشر اليوم الأربعاء، عن أن 20% من الطائرات الروسية التي سقطت في الحرب الأوكرانية كانت بسبب أخطاء بشرية أو نيران صديقة أو أعطال وليس في اشتباكات مع أنظمة الدفاع الأوكرانية أو سلاح الجو الأوكراني.
التحقيق الذي أجرته "نيوزويك" يتناول خسائر روسيا من الطائرات المأهولة والمروحيات وليست المسيرات (درونز) ويتناول الفترة ما بين 24 فبراير 2022، منذ اندلاع الحرب الروسية وحتى 17 أغسطس الجاري.
ويشير التحقيق، إلى أن 21.7% من خسائر الطائرات المأهولة الروسية التي تم التحقق منها، والتي تشمل الطائرات والمروحيات وطائرات النقل، كانت بسبب أعطال في الطائرات أو أخطاء بشرية أو نيران صديقة أو حوادث أخرى لا تتعلق بالقتال المباشر ضد أوكرانيا.
يشير الخبراء إلى أن الخسائر الكبيرة في الطائرات الروسية أثناء التدريب أو المهام غير القتالية يمكن أن ترجع إلى عدة عوامل، ليس أقلها إشراف روسيا على صيانة طائراتها، واستثمار الوقت في تدريب الطيارين على مستوى عالٍ والصرامة بشأن إجراءات السلامة.
استندت المجلة الأمريكية، في تحقيقها إلى الأنباء الواردة بشأن حوادث الطائرات في وسائل الإعلام الحكومية الروسية ووسائل الإعلام المحلية الروسية، كما اعتمدت على بيانات موقع "Oryx" (أوريكس) وهو مصدر مفتوح لتحليل الدفاع الاستخباراتي ومجموعة أبحاث الحرب ويقوم برصد الخسائر في الحرب الروسية الأوكرانية.
وفقًا لبيانات أوريكس، فقدت روسيا 186 طائرة ومروحية مؤكدة خلال الحرب حتى من 17 أغسطس، بينها 13 طائرة صنفت أنها خسائر "غير قتالية". فيما تمكنت "نيوزويك" من تحديد تقارير عبر وسائل الإعلام الروسية والتأكد منها، حتى نفس اليوم، وأظهرت أن هناك 48 طائرة خسرتهم روسيا في حوادث ليس لها علاقة بالقتال في أوكرانيا تشمل 7 طائرات من طراز (Su-25)، و4 طائرات من طراز (MiG-31) الأسرع من الصوت، و3 طائرات هليكوبتر روسية من طراز (Ka-52 Alligator).
أحصى موقع "أوريكس" إجمالي خسائر سلاح الجو الروسي خلال 18 شهرًا هي عمر الحرب الأوكرانية وبلغت 186 طائرة بينهم 78 مقاتلة وقاذفتين استراتيجيتين، وطائرتين للقيادة والسيطرة، وطائرتي نقل، و102 طائرة هليكوبتر. الإحصاء الذي أجرته "نيوزويك" اعتمادًا على مصادر أخرى رفع إجمالي الخسائر إلى 221 طائرة.
الجيش الأوكراني يزعم أن إجمالي خسائر روسيا من الطائرات بلغ 315 طائرة مقاتلة و314 طائرة مروحية. وقالت المجلة الأمريكية إنها غير قادرة على التحقق من هذه الأرقام بشكل مستقل وأنها تعتمد تقديراتها فقط وعلى البيانات والنتائج التي توصلت إليها.
استنادًا إلى الأرقام التي نشرته "نيوزويك" فإن 48 طائرة من أصل 221 إجمالي خسائر روسيا لجوية، لم تكن لها علاقة بالقتال في أوكرانيا، ما يقدر بنسبة 21.7%، ويشمل ذلك 26.7% من جميع الطائرات المقاتلة وأنواع الطائرات الأخرى التي فقدت في الفترة المعنية، و17.5% من خسائر طائرات الهليكوبتر.
أسباب ارتفاع خسائر روسيا
ويرجح المحلل الاستراتيجي في مركز لاهاي للدراسات الاستراتيجية فريدريك ميرتنز، ارتفاع نسبة الخسائر في الطائرات الروسية في غير القتال إلى افتقار روسيا إلى الطيارين ذو الخبرة، وأن التدريب قبل الحرب لم يكن كافي، فضلاً عن امتلاك روسيا لطائرات أكبر بكثير من عدد طياريها ذو الخبرة الذين تلقوا تدريبات كافية.
وأشار إلى أن سلاح الجو الروسي يتعرض لضغوطات كبيرة بسبب قلة الطياران ذو الخبرة الأمر الذي اضطر موسكو إلى الدفع بالمدربين إلى ساحات القتال ما قلل الوقت اللازم لتدريب طيارين آخرين ويعرض المدربين لخطر الموت، مضيفًا أن الحوادث هي سمة من سمات الجيوش التي تتعرض لضغوط شديدة لفترات طويلة وهو الأمر الذي تتعرض له روسيا.