صراخ أسفل مقاعد الانتظار.. خطوبة وعلاقة آثمة
الغربية- مروة شاهين:
هدوء يخيم على طرقات المستشفى، ما زال الوقت مبكرا لمرور الأطباء وأطقم التمريض على المرضى، الشمس كشفت نورها لكن أشعتها لم تصل للنوافذ بعد، دقائق مرت وكسر الصمت صراخ رضيع أيقظته أشعة الشمس حينما لامست وجهه.
كان لصراخ الطفل أن يجمع حوله أفراد الأمن والممرضات بمستشفى قطور العام، ومن وصل إلى سمعه تلك الاستغاثة، حين أدرك الطفل أنه وحيدا خائفا جائعا يؤلمه البرد بعد أن نزعته أمه حضنها، من انت؟ كيف وصلت إلى هنا؟ من أحضرك وتركك وحيدا؟، أسئلة تسابقت في رأس الحاضرين يقطعها صراخ الطفل بلا جدوى.
هرول أفراد الأمن إلى نقطة الشرطة الكائنة عند البوابة، أخبروا رجال الأمن بما حدث، قبل أن يتناول الطفل جرعة من اللبن الصناعي حضرتها ممرضة، كان ضباط مركز قطور وصلوا إلى المستشفى للكشف عن ملابسات تلك الجريمة.
استمع رجال المباحث لرواية أفراد الأمن، وشاهدوا ما سجلته كاميرات المراقبة داخل المستشفى، توصلوا إلى أن سيدة أجادت إخفاء ملامحها وجهها والرضيع بوشاحها، دخلت للمستشفى بعدما ادعت آلام في المعدة، سمح لها الأفراد بالدخول، وما إن استشعرت الأمن وغياب أعين البشر عنها حتى تركت الرضيع أسفل مقاعد الانتظار وخرجت، لم يدرى أي منهم حتى تلك اللحظة أن الرضيع حفيد من ألقته وتركته في إحدى ليالي أمشير الباردة.
بعد العاشرة صباحا تدب الحياة في الشوارع المحيطة بالمستشفى، تجول رجال الأمن على المحال التجارية والصيدليات، بشكل متسلسل تتبعوا حركة السيدة، كيف ومن أين جاءت ومن أي طريق رحلت، ساعات كانت كفيلة بكشف هويتها.
التحريات الأمنية كشف أنه قبل نحو عام تعرف "م. ف" عامل في العقد الثالث من العمر مقيم بقرية بلتاج، على "ن.و " فتاة لم تخط عامها السابع عشر، جمعهما الحب وأشياء أخرى كانت كفيلة بإتمام الخطبة في منزلها بقرية سماتاي رغم ظروفه المادية وصغر سن الفتاة.
كثر تردد العامل على خطيبته، يسرق منها لمسة فتعاتبه بدلال، حتى أتى لزيارتها في أحد الأيام وهي وحيدة بالمنزل الريفي، لم يدفعه حياءه إلى المغادرة، بل استغل شيطانه الأمر واختلى بها، هم بها ونال منها ما بين الأزواج بلا زواج، تكرر الأمر إذ تحين الوقت الذي تغيب فيه الأم في السوق فيتسلل إلى الفتاة التي وعدها بالزواج ينال منها ما لا يؤتى إلا بميثاق وعقد.
حملت الفتاة بدون زواج، وحين اكتشفت الأمر أخبرت أمها "ر.ح"، نزل عليها الخبر كالصاعقة، فالثقة التي وضعتها في ابنتها لم تمنع الصغيرة من فتح الباب ليدخل عليها رجل استفزه الشيطان، يتعجل أمر قبل أن يؤتى حقه.
لم ينفع بكاء الأم حسرة وابنتها ندما، بينما تنكر من ظنوا فيه الرجولة ولم يعقد على البنت وادعى أنه غير جاهز للزواج في هذا الوقت، عمدت الأم إلى حبس ابنتها وألا تخطو عتبة الدار لتخفي خطيئتها، حتى تضع مولودها.
كبر الجنين حتى أتم عمره الرَحمي، وحان خروجه فوضعته أمه الصغيرة في ليلة شتوية باردة ممطرة، بمساعدة جدته التي لم يرق قلبها لصراخه، ولا لضعفه بل عمدت إلى التخلص منه وفق خطة مسبقة ساقها إليها شيطانها منذ أن عرفت بحمل ابنتها، وفي ليلة أقل ظلمة من يوم ولاته خرجت الجدة من قريتها تخفي الرضيع، وذهبت في وقت متأخر للمستشفى وهناك تركته وحيدا.
ألقى ضباط المباحث القبض على الفتاة وأمها، واعترفا تفصيليا بالواقعة، وتحرر محضر بالواقعة، وباشرت النيابة العامة التحقيق وأمرت بحبس المتهمين 4 أيام على ذمة القضية بتهمة الإهمال وترك الطفل وتعريضه للخطر.