-

إقليم قره باغ يفرغ من سكانه الأرمن ويحصي قتلاه

(اخر تعديل 2024-09-09 15:26:01 )
بواسطة

(أ ف ب)

يستمرّ نزوح الأرمن الجماعي من إقليم ناغورني قره باغ، اليوم الجمعة، غداة الإعلان عن حلّ الجمهورية الانفصالية المعلنة من جانب واحد، وعلى الرغم من دعوات أذربيجان لهم للبقاء.

وخلال نزوحهم على الطريق الجبلي الوحيد الذي يربط الإقليم بأرمينيا، قُتل ما لا يقل عن 170 شخصًا في انفجار مستودع للوقود، وفقاً لحصيلة جديدة نشرتها الشرطة التابعة للقوات الانفصالية، اليوم الجمعة.

وقالت إنّه "تمّ العثور حتى الآن على رفات 170 شخصًا، وتمّ تسليمها إلى الطب الشرعي"، وسيتم إرسالها إلى أرمينيا لتحديد هويات أصحابها.

وتحدثت حصيلة سابقة عن مقتل 68 شخصاً على الأقل وفقدان نحو 100 آخرين.

وفي سياراتهم المملوءة بالمؤن القليلة، المتبقية بعد أشهر من حصار باكو، توقف العديد من السائقين في هذه المحطة الواقعة على مشارف "العاصمة" ستيباناكيرت، وهي واحدة من المحطات القليلة التي ما زالت في الخدمة.

وأدى الحادث أيضاً إلى إصابة 349 شخصاً، معظمهم يعانون من حروق خطيرة.

وفي المجموع، قتل حوالى 600 شخص في أعقاب الهجوم العسكري الخاطف الذي شنّته باكو، وأدى إلى استسلام الانفصاليين في 20 سبتمبر، وأدى القتال نفسه إلى مقتل نحو 200 جندي من كلّ جانب.

تذكارات وكتب محترقة

أصدرت سلطات ناغورني قره باغ الانفصالية، أمس الخميس، مرسومًا يأمر بحلّ "جميع المؤسسات، في الأول من يناير 2024"، معلنًا أنّ جمهورية ناغورني قره باغ المعلنة من جانب واحد قبل أكثر من 30 عامًا، "ستزول من الوجود".

وقوبل هذا الإعلان بحزن في أرمينيا، حيث بكى مذيع تلفزيوني أثناء نقل الخبر في مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع.

بدوره، أعلن الكرملين، اليوم الجمعة، أنّ روسيا ستقرّر مع أذربيجان مستقبل مهمّة حفظ السلام في هذه المنطقة الانفصالية التي نشرت فيها قوات منذ العام 2020.

وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف رداً على أسئلة الصحافيين بشأن مستقبل هذه القوات "بما أنّ المهمّة موجودة الآن على الأراضي الأذربيجانية، فإنّ هذه النقطة ستكون موضوع مناقشات مع الجانب الأذربيجاني".

في غضون أيام قليلة، غادر 93 ألف شخص، أو حوالى ثلاثة أرباع سكان الإقليم البالغ عددهم 120 ألف نسمة، منازلهم، وفقًا لآخر إحصاء نشرته يريفان.

ويخشى السكان من الانتقام بعد الهجوم العسكري الذي شنّته باكو والذي أدى إلى استسلام الانفصاليين في 20 سبتمبر.

وكانت هذه المنطقة ذات الغالبية المسيحية، والتي انفصلت عن أذربيجان ذات الغالبية المسلمة بعد تفكّك الاتحاد السوفييتي، خاضت على مدى أكثر من ثلاثة عقود مواجهات مع باكو، لا سيما خلال حربين بين العامي 1988 و1994 وفي خريف العام 2020.

وقال معظم الأشخاص في هذه المنطقة التي يتمتّع فيها جميع الرجال بخبرة في الجيش والقتال، إنّهم أحرقوا زيّهم الرسمي ووثائقهم العسكرية، وحتى أكثر من ذلك بكثير.

وقالت الفتاة الشابة لاريسا "الصور العائلية وذكرياتنا، وكتب تاريخ أبطالنا، ليس هناك شك في أنّ الأذربيجانيين سوف يدنّسونها".

تعايش مستحيل

اتهم رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان أذربيجان بتنفيذ "تطهير عرقي"، معتبراً أنه لن يكون هناك أرمن في الجيب "في الأيام المقبلة".

غير أنّ باكو رفضت هذا الاتهام، حيث تقول إنّ "السكّان الأرمن يغادرون قره باغ بمحض إرادتهم"، فيما دعتهم إلى "عدم مغادرة منازلهم" وإلى أن "يكونوا جزءاً من مجتمع متعدّد الأعراق".

ويقول الباحث في معهد العلوم السياسية في فرنسا بيرم بالجي إنّ "لا أحد يؤمن بإمكانية التعايش بين الطائفتين، لا الأرمن ولا الأذربيجانيون مستعدّون لهذا الخيار".

ويضيف أنّ أرمن ناغورني قره باغ "غادروا بإرادتهم. أجد أنّ الأمر أكثر إثارة للقلق" ممّا لو تمّ طردهم، مقدّراً أنّ "5 إلى 10 آلاف نسمة فقط ربما سيبقون" هناك.

والأرجح أنه لن تبقى سوى المنازل الفارغة والحقول البور، عندما يسلّم الانفصاليون مفاتيح باكو.

ووفق يريفان، فإنّ مخاوف السكان تتأجّج بسبب سلسلة من "الاعتقالات غير القانونية" بين صفوف المدنيين الفارّين، على الرغم من التزام السلطات الأذربيجانية بالسماح للانفصاليين الذين سلّموا أسلحتهم بالمغادرة.

وتقول زالا بيراموفا المحامية المتخصّصة في مجال حقوق الإنسان وابنة أحد رموز المعارضة الموجود في السجن في باكو "لقد اتُهموا جميعاً بالإرهاب والخيانة لمجرّد نشرهم رسائل (على شبكات التواصل الاجتماعي) تنتقد الحرب".

وتضيف "لذلك، عندما تقول الحكومة إنّها ستعامل الأرمن بشكل جيّد وبكرامة، فهذا غير صحيح البتة".