"تيك توك".. كيف سيختنق بايدن بقراراته ضد
كتب- محمود الطوخي
تشارف الجولة الأحدث في الصراع الدائر منذ سنوات، بين "التنين الصيني" و"النسر الأمريكي"، على الانتهاء بما لا يفضله "تيك توك" ممثلا عن الأول؛ إذ أقر مجلس النواب الأمريكي، اليوم السبت، قانونا يحظر المنصة في البلاد ويحرمها مما يزيد عن 170 مليون مستخدم.
بدأ الصراع بين شركة "بايت دانس" الصينية المالكة لـ "تيك توك" والحكومة الأمريكية في عام 2019، بعدما تسارعت وتيرة انتشاره بين صفوف الأمريكيين، في أعقاب استحواذها على تطبيق "ميوزيكال لي" بقيمة مليار دولار عام 2018.
وفي أعقاب تلك الصفقة، تنامى عدد مستخدمي "تيك توك" في الولايات المتحدة وبلغ أكثر من 170 مليون مستخدم، بمتوسط 80 دقيقة يقضيها الفرد على التطبيق.
وبينما كان دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة عام 2020، حدد موعدا نهائيا لحظر التطبيق، أو نقل ملكيته إلى إحدى الشركات الأمريكية بدلا من "بايت دانس" الصينية المالكة للتطبيق، إلا أن الشركة تمكنت في الأخير من تخطي الأمر بعدما ربحت دعوى قضائية رفعتها ضد القرار.
ومع تجاوز "تيك توك" تهديد الحظر في الولايات المتحدة آنذاك، دفع الأمر كبار شركات التكنولوجيا بما فيها المالكة لشبكات التواصل الاجتماعي الأمريكية؛ إذ أشار تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" إلى أن شركات مثل "ميتا، استحدثت عدة ميزات تيمنا بـ "تيك توك" مثل "الريلز".
وبالرغم من فشل ترامب في حظر "تيك توك"، فإن كون التطبيق مملوكا لشركة صينية مثّل تهديدا للرئيس الأمريكي وإدارته، لتقرر الحكومة والجيش الأمريكي حظره من هواتفها الخاصة، وسط تكهنات من أعضاء الكونجرس بأن يكون آلة دعائية ونظام تجسس صيني سري.
بدوره، لم ينأى الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، بنفسه بعيدا عن الأمر؛ إذ بدا متوافقا إلى حد كبير مع منافسه الأول دونالد ترامب فيما يخص التطبيق الصيني على وجه الخصوص والعلاقات مع الصين بشكل عام.
ونظرا للأحداث، فإن بايدن بات على مقربة من إقرار قانون يحظر "تيك توك" في الولايات المتحدة، لكن يبقى القرار بانتظار المصادقة عليه من قبل مجلس الشيوخ بعد أن اعتمده مجلس النواب الأمريكي اليوم السبت.
وقبل أسبوع، أقرت لجنة الطاقة والتجارة بمجلس النواب الأمريكي قانون "حماية الأمريكيين من التطبيقات الخاضعة للرقابة من قبل الخصوم الأجانب"، بأغلبية ساحقة للقرار.
ونتاج ذلك، أثار القرار مخاوف عدد كبير من الأمريكيين بعدما نبه "تيك توك" مستخدميه بخطر الحظر، ما دفع عدد من المؤثرين إلى التواصل مع ممثليهم الحزبيين من النواب ومطالبتهم بالتصويت ضد القرار.
"تيك توك" قد يعصف بإدارة بايدن
وفقا لوسائل الإعلام الأمريكية، فإن مشروع قانون حظر "تيك توك" لا يحظى بشعبية كبيرة لدى مستخدمي التطبيق، والذين هم في الأساس من بين الشباب الذين يمكن أن يؤثروا بشكل كبير على الانتخابات الأمريكية المنتظرة في نوفمبر المقبل، بحسب شبكة "سي إن إن".
من جانبه، أعرب رئيس الهيئة القضائية بمجلس الشيوخ ديك دوربين، عن مخاوفه بشأن "دستورية مشروع القانون"، موضحا أن هذه الخطوة قد تسفر عن تداعيات سياسية وآثار سلبية فيما يخص مستقبل الرئيس جو بايدن الذي أبدى استعداده لتوقيع مشروع القانون "حظر تيك توك" إذا ما وصل إليه قبل الانتخابات المنتظرة في نوفمبر.
وأشار دوربين، إلى أن "تجاهل شريحة واسعة من الشباب ليس بالاستراتيجية المُثلى لإعادة الانتخاب".
وبالأخذ في الاعتبار، موقف ترامب (المنافس الرئيسي لبايدن في الانتخابات)، الذي عبّر عن معارضته لحظر التطبيق الصيني "تيك توك" في الولايات المتحدة، فإن هذا التغير قد يحسم الانتخابات لصالح الرئيس السابق، وفقا لـ "سي إن إن".
ماذا بعد الحظر؟
في حال صادق مجلس الشيوخ الأمريكي على "حظر تيك توك"، فإنه سيمهل التطبيق 5 أشهر للانفصال عن الشركة الصينية الأم "بايت دانس"، وإن لم يستجب لذلك، فإن الحكومة الأمريكية ستحظر على متاجر التطبيقات بالولايات المتحدة استضافته على منصاتها.
وإذا ما انتهكت متاجر التطبيقات قرار حجب التطبيق على منصاتها، فقد يتم تغريمها وفقا لعدد مستخدمي "تيك توك" عليها، وهو ما يقدر بـ 5000 آلاف دولار لكل مستخدم بحسب قانون الغرامات.
وعلى سبيل المثال، إذا انتهكت شركتا أبل وجوجل قرار حجب "تيك توك"، فسيتم تغريمهما 850 مليار دولار لكل منهما، وفق تقديرات أمريكية.
ومع ذلك، فإن حجب "تيك توك" ليس الأمر الأكثر صعوبة، إذ أن حذف التطبيق من هواتف مستخدميه في الولايات المتحدة هو ما يمثّل تحدّيا كبيرا للحكومة الأمريكية، لأنه بمقدور مستخدمي التطبيق الصيني التحايل وجعل الأمر يبدو كما لو أنهم يستخدمونه من بلد آخر.
ولا يزال من غير الواضح إذا ما كانت الشركة الصينية المالكة للتطبيق "بايت دانس"، ستوافق على البيع أم لا، فيما تشير توقعات بأن تجد صعوبات حال موافقتها على البيع، في العثور على مشتر أمريكي على استعداد لدفع المبلغ المطلوب، والذي قدرته جهات مختصة بقرابة 100 مليار دولار ثمنا لـ "تيك توك".
"تيك توك" ليس البداية
قبل سنوات حظرت الولايات المتحدة بيع أو استيراد معدات الاتصال من 5 شركات تكنولوجيا صينية؛ بسبب "مخاوف بشأن الأمن القومي الأمريكي".
وكان من بين هذه الشركات "هواوي"، "هيكفيجن"، "داهوا" و"هيتيرا"، المتخصصة في تصنيع معدات المراقبة بالفيديو والأنظمة الراديوية مزدوجة الاتجاه.
واتهمت الإدارة الأمريكية، الشركات الصينية الخمس بتزويد الحكومة في بكين ببيانات الأمريكيين، غير أن شركة "هواوي" نفت تلك المزاعم بشكل قاطع.
وشكلت القيود التي فرضتها الولايات المتحدة على شركات التكنولوجيا الخمس، البداية للصراع التكنولوجي بين واشنطن وبكين، ومنطلقا لتبادل الاتهامات بالتجسس.