-

هل تصبح النيجر مسرحا لـ"حرب بالوكالة" بين روسيا

(اخر تعديل 2024-09-09 15:26:01 )
بواسطة

كتبت- سلمى سمير:

يسود ترقب حذر داخل النيجر، وذلك عقب رفض المجلس العسكري للنيجر استقبال وفدا من المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا "إيكواس"، اليوم، معللاً أن ذلك بسبب دواع أمنية، يأتي هذا بينما يعقد قادة إيكواس اجتماعا استثنائيا يوم الخميس، بعد رفض قادة الانقلاب في النيجر العودة إلى النظام الدستوري، بعد انتهاء المدة التي حددتها المجموعة الأمر الذي يهدد باندلاع حرب في النيجر.

وكان المجلس العسكري للنيجر أعلن إغلاق المجال الجوي في البلاد عقب انتهاء المهلة التي منحتها إيكواس لعودة بازوم للحكم في الـ 7 من أغسطس، وذلك بينما وضعت خيار التدخل العسكري على الطاولة فيما تفرقت الآراء بين مؤيد ومعارض للقرار، ويأتي ذلك في ظل أنباء عن طلب المجلس العسكري للنيجر، تدخل قوات مجموعة فاجنر.

ومنذ البداية جاء ترحيب مجموعة فاجنر العسكرية الروسية بانقلاب النيجر سريعا، وذلك خلال تسجيل صوتي لقائد المجموعة يفيجيني بريجوجين، أعلن فيه تأييده لانقلاب العسكريين في النيجر، قائلا إنه يرحب بالانقلاب ضد الاستعماريين، مشيرا بذلك إلى فرنسا معلنا أن قواته على كامل الاستعداد للتدخل لدعم المجلس العسكري في النيجر لدعم حكمهم، وذلك بحسب تسجيل صوتي نشرته "رابطة الضباط من أجل الأمن الدولي" والتي تعتبرها واشنطن، واجهة لمجموعة فاجنر في إفريقيا.

ويعتبر بازوم هو الحليف الغربي النادر في المنطقة الإفريقية، حسبما وصفته صحيفة "واشنطن بوست" على عكس روسيا التي تتمتع بتواجد واسع من خلال تمركز مجموعة فاجنر بشكل كبير في الدول الإفريقية، منذ سنوات مع انتشار المئات من مقاتلي المجموعة في مالي بشكل واضح عقب خروج القوات الفرنسية منها بعد طلب القادة العسكريين في البلاد لخروج القوات الفرنسية، بعد تمركزهم لسنوات بغاية مكافحة هجمات الجماعات الإرهابية المتصاعدة في كلا من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

من جهة أخرى سارع قادة المجلس العسكري في النيجر بطلب الحصول على دعم مجموعة فاجنر الروسية لمساعدتهم في ترسيخ أساسيات حكمهم الجديد، باعتبارها ضمانة تدعم تواجدهم في السلطة، جاء هذا من خلال طلب رسمي من المجلس العسكري الجديد في النيجر، خلال زيارة قام بها ساليفو مودي، أحد القادة العسكريين إلى مالي المجاورة التي تتمركز فيها روسيا بشكل واضح، وتواصل ساليفو خلال الزيارة مع عناصر من فاجنر، لبحث مسألة تدخل فاجنر مع اقتراب انتهاء المهلة التي منحتها إيكواس للنيجر لإعادة الحكم الديموقراطي، وذلك حسبما ذكرت صحيفة "أسوشتيدبرس".

وفرضت مجموعة إيكواس حزمة من العقوبات على النيجر حتى ترجع عن قرارها أهمها قطع نيجيريا للكهرباء عن النيجر مما تسبب في غرق العديد من مدن النيجر في ظلام دامس، في خطوة تحاول إيكواس الضغط بها على النيجر حتى ترجع عن قرارها قبل استخدام الخيار العسكري، الأمر الذي تؤيده فرنسا بشكل واضح مما يضع المخاوف من إمكانية اندلاع حرب عالمية بالوكالة بين كلاً من الغرب وروسيا بينما يكون مسرح العمليات هو النيجر.

هل تندلع حرب؟

ولم يتم حسم مسألة تدخل إيكواس عسكريا، حتى اللحظة مع تأجيل المجموعة النظر في مسألة النيجر حتى الخميس المقبل، وذلك بعد انتهاء المهلة المعطاة للحكومة العسكرية، وكانت إيطاليا طلبت من إيكواس أمس تمديد المدة الممنوحة للمجلس العسكري لإعادة بازوم إلى منصبه، لكن على الرغم من ذلك جعلت إيكواس موقفها أكثر تحديداً تلك المرة وذلك من خلال تصريحات مفوض إيكواس للشئون السياسية والسلام والأمن، عبد الفتاح موسى، الذي قال إن التدخل العسكري هو الخيار الأخير على الطاولة، لكن لوح إلى إمكانية استخدامه قائلا "يجب أن نريهم أنه يمكننا أن نعض أيضا نحن لا نعوي فقط"، وذلك خلال مؤتمر صحفي تم عقده في العاصمة النيجيرية أبوجا.

وبينما يُنظر لموقف إيكواس بالسلبي في السنوات الماضية حيث شهدت الدول الإفريقية عدة انقلابات عسكرية متتالية دون موقف رادع من إيكواس، مثلما حدث في مالي وبوركينافاسو، لكن الوضع مختلف تلك المرة حسبما ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز"، مع تأييد الغرب بقيادة فرنسا لعودة بازوم الشريك المثالي للغرب. حيث جاء تأييد باريس سريعا مع إعلانها دعمها الكامل لجهود إيكواس لإحباط الانقلاب العسكري في النيجر، من خلال اجتماع وزيرة الخارجية الفرنسية، كاترين كولونا، مع رئيس وزراء النيجر وسفير النيجر، السبت الماضي، ورغم تحديد فرنسا لموقفها بشأن الحكومة العسكرية في النيجر وضرورة أخذ تهديدات الإيكواس بالتدخل العسكري بعين الاعتبار، لكنها لا تزال لم تحدد موقفها بشأن دعمها للتدخل العسكري، وذلك حسب تصريحات كولونا للإذاعة الفرنسية.

وبينما لم تتخذ فرنسا موقفها بعد من التدخل العسكري، أعلنت إيطاليا دعمها للحوار الدبلوماسي بين كافة الأطراف، وذلك خلال تصريح لوزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو ناياني، لصحيفة "لاستامبا" الإيطالية، قال فيه أن الحل الوحيد يكمن في الطريق الدبلوماسي، وتسير واشنطن على نفس نهج روما مع إعلان وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن تمسك بلاده بالحوار الدبلوماسي، من أجل الوصول إلى اتفاق بشأن الأزمة في النيجر، وذلك خلال حواره مع إذاعة فرنسا الدولية".

من جانبها تستبعد صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أن تحمل الولايات المتحدة أو الغرب السلاح من أجل إعادة الرئيس النيجيري محمد بازوم، مشيرين إلى خوفهم من أن تكون النيجر هي العراق وأفغانستان القادمة، لذلك لن يفضلوا أن تكون هناك مواجهة مباشرة مع روسيا أو أن يكونوا أول من يطلق النار على الروس تخوفا من اندلاع حرب عالمية ثالثة.

وخلق التوتر في النيجر انقساما كبيرا فبينما تعتبر كلا من مالي وبوركينا فاسو عضوان في الإيكواس، إلا أنهما اعتبرا أن أي تدخل عسكري في النيجر سيكون بمثابة إعلان الحرب عليهما، فيما تعمل النيجر على الاحتفاظ بموقف وسط بين جميع الأطراف محاولة تهدئة الموقف.

وتشكل منطقة الساحل وتحديدا النيجر حاليا لعبة جديدة يحيكها بوتين تجاه الغرب، وفق الصحيفة، التي ترى الرئيس الروسي، يعمل على استغلال توتر الجماعات الإرهابية في المنطقة الأفريقية، التي تعاني من فراغات في السلطة بسبب انقلابات عسكرية، ستعمل روسيا على استغلالها لإرسال موجة من المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي تخلق مزيد من الصعوبات وزعزعة في استقرار القارة العجوز.