أزمة ارتفاع منسوب النيل في المنوفية

في توقيت غير متوقع، وبينما كان المزارعون في محافظة المنوفية يستعدون لموسم حصادهم، شهدنا ارتفاعاً مفاجئاً في منسوب مياه نهر النيل، مما أدى إلى غمر مئات الأفدنة من الأراضي الزراعية. هذا الارتفاع خلق مأساة إنسانية ومالية لمئات الأسر التي تعتمد على تلك الأراضي كمصدر رزقها الوحيد.
تفاصيل الكارثة الزراعية
الارتفاع المفاجئ في منسوب النيل، الذي أثر على مساحة 798 فداناً و8 قراريط، كان موزعاً على عدة مراكز من بينها أشمون ومنوف والسادات. الغريب أن هذا الارتفاع لم يحدث في الموسم المعتاد له (من أغسطس إلى أكتوبر)، مما أثار العديد من التساؤلات حول الأسباب وراء هذا الأمر، وأدى إلى جدل واسع حول إدارة المياه والوضع القانوني لهذه الأراضي.
كيف بدأت أزمة النيل في المنوفية؟
بدأت خيوط الأزمة في 10 أبريل، عندما أصدرت وزارة الموارد المائية والري إنذارات تحذر فيها من زيادة متوقعة في تصرفات المياه. ومع ذلك، فاقت سرعة تدفق المياه كل التوقعات، مما أدى إلى غمر الحقول وتحويلها إلى برك من المياه والطين، مع تقديرات أولية للخسائر تقدر بملايين الجنيهات.
شهادات من أرض الواقع
عبد الحكيم محمد، أحد المزارعين المتضررين، أشار إلى أن محصوله من السمسم تلف بشكل كامل بسبب المياه. يقول: "المية طلعت الأرض ومحصول السمسم تلف". وعبّر عن عجزه عن إنقاذ محاصيله، مما يجعله ملزماً بدفع إيجار الأرض لوزارة الري.
ليلى مدبلج الحلقة 141
مزارع آخر من نفس القرية أبدى قلقه من التوقيت، قائلاً: "ياريت عارفين ميعاد ارتفاع المنسوب قبل ما نزرع"، مشيراً إلى أنه لا يعرف كيف سيستطيع دفع الإيجار بعد هذه الخسائر.
الآثار الإنسانية والاقتصادية
تداعيات الكارثة لم تكن قاصرة على المزارعين فقط، بل امتدت لتطال الأسر التي فقدت منازلها بسبب ارتفاع المياه. الحاج عاطف محمود، من قرية دلهمو، يقول: "كل ما نزرع زرعة المية تطلع تاكلها"، مشيراً إلى أن أحلامه في زراعة محاصيل ذات عائد أعلى قد تبددت.
التحليلات العلمية
الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية، أشار إلى أن ارتفاع منسوب المياه في هذا التوقيت غير مبرر، ويطرح تساؤلات حول الأسباب وراء ذلك. كما تساءل عما إذا كان هذا الأمر مرتبطاً بزيادة تصرفات السد العالي أو بمشاكل فنية.
ردود الفعل الرسمية
المهندس محمد غانم، المتحدث باسم وزارة الموارد المائية والري، أوضح أن ما حدث هو غمر طبيعي لبعض الأراضي الزراعية، مشيراً إلى أن هذه الأراضي تُعتبر جزءًا من السهل الفيضي لنهر النيل. وأكد أن هذا الأمر يحدث بشكل سنوي، إلا أن توقيت هذا الارتفاع أثار جدلاً كبيراً.
القلق المتزايد من تكرار الكارثة
محافظة المنوفية، التي تعتمد بشكل كبير على الزراعة، تشهد تكراراً لظاهرة غرق أراضي طرح النهر، مما يثير قلق المزارعين ويزيد من التساؤلات حول تغير الأنماط والأسباب الفنية وراء هذا الارتفاع المفاجئ.