فضائل المعوذتين في القرآن الكريم
كـتب- علي شبل:
لا شك أن القرآن الكريم هو كلام الله رب العالمين، وهو مصدر الهداية والخير، وفيه شفاء ووقاية للنفس والجسد، كما ورد في كتابه العزيز: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ (الإسراء: 82). تتميز سور القرآن الكريم برحمتها وهدىها، ولها أسرار وفضائل عظيمة. من بين هذه السور، نجد سورتي المعوذتين: الفلق والناس، اللتين وردت في فضلهما أحاديث كثيرة تكشف عن إعجاز أسرارهما وفضائل قدرهما. في هذا التقرير، سنستعرض بعض فضائل وأسرار هاتين السورتين.
السر الأول: سبب النزول
في حديث رواه أبو نعيم في كتابه الدلائل، يُذكر أن اليهود أعدوا شيئًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما أدى إلى شعوره بوجع شديد. وعندما زاره أصحابه، جاءه جبريل بالمعوذتين وعوَّذه بهما، فخرج إلى أصحابه في صحة جيدة. كما ذكر ابن حجر في كتابه الفتح، أن جبريل أمر الرسول بالقراءة والحل من العقد حتى قام وكأنه قد أُطلق من عقاله.
السر الثاني: هل لفظ "قل" زائدة أم من ألفاظ القرآن؟
في كتاب إكمال المعلم بفوائد مسلم للقاضي عياض، يُبرز الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "آياتٌ أُنْزِلَتْ علىَّ الليلة لم ير مِثْلُهُنَّ: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاس"، مما يُظهر بوضوح أنهما من القرآن. الإمام النووي في شرح مسلم يؤكد على عظمة هاتين السورتين وأن لفظة "قل" ثابتة من أول السورتين، وقد أجمعت الأمة على هذا الأمر.
السر الثالث: الوقاية من جميع الشرور
قال ابن القيم إن هاتين السورتين تتضمنان الاستعاذة من جميع الشرور بأوجز وأدق ألفاظ، بحيث تشمل كل أشكال الشر. كما أشار الثعلبي إلى أن الله جمع الشرور في الآية: وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (الفلق: 5)، وأن الحسد هو أخس الطبائع. وقد جاء في فتح الباري لابن حجر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالاستعاذة من كل الشرور، وخاصة الحسد.
السر الرابع: رقية النبي بها
تُعتبر رقية النبي صلى الله عليه وسلم بالمعوذتين من الأمور الثابتة. في صحيح البخاري ومسلم، نجد أن عائشة قالت إن النبي كان إذا اشتكى قرأ على نفسه بالمعوذتين وينفث، وعندما يشتد وجعه كانت تقرأ عليه وتمسح بيده طلبًا للبركة.
السر الخامس: المعوذتان حصن المسلم
سورة الفلق تُعد من أعظم سور القرآن وأفضلها، والتحصن بها مفيد للغاية، خاصة إذا أضيفت إليها سورتي الإخلاص والناس. كما جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثًا تكفيك من كل شيء" (رواه الترمذي). في صحيح البخاري، ذُكر أن النبي عندما يذهب إلى فراشه كل ليلة يجمع كفيه وينفث فيهما ويقرأ: "قل هو الله أحد"، "قل أعوذ برب الفلق"، و"قل أعوذ برب الناس"، ويمسح بهما ما استطاع من جسده ثلاث مرات.
روى الترمذي وابن ماجه عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من عين الجان وأعين الإنس، وعندما نزلت المعوذتان ترك ما سواهما. وكان العلماء قد أشاروا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ المعوذتين حصنًا له من كل مكروه، لذا فإن من يتعوذ بهما ويحصن نفسه بها، بإذن الله، سيكون محميًا.
اقرأ أيضًا:
حكم قراءة القرآن من غير وضوء.. أمين الفتوى يوضح
هكذا علمنا النبي.. دعاء لسداد الدين ولو كان مثل جبل أحد
الشركة الحلقة 5