"فطسوه وخنقوه بالحزام".. كواليس ليلة بكت فيها
كتب - محمد شعبان:
كعادته كل مساء غادر "فؤاد" مسكنه قاصدًا رب عمله لاستلام وردية "التوك توك" وانطلق يتجول بين شوارع إمبابة المتاخمة لحي الوراق شمال محافظة الجيزة بحثًا عن رزق حلال يساعده على بلوغ غدٍ أفضل لكن أمرًا كان يحاك له في الخفاء.
رغم ارتفاع دراجات الحرارة -تزامنًا مع الموجة الحارة التي تضرب البلاد- أبا الشاب ذا الـ23 ربعًا لأا يعود إلى منزله أدراج الرياح عاقدصا العزم على تغطية نفقاته الشخصية دون أن يدري بخلده لبرهة أن يد الغدر ستطوله.
في شارع المعهد الديني بحي الوراق استوقفه شاب عشريني "فاضي ياسطى.. هنجيب حاجة من البيت قريب هنا" اصطحب "فؤاد" الراكب بضمادة يده الزائفة وطلب على إثرها "معلش اطلع شيل معايا الحاجة علشان دراعي مكسور".
بالعودة إلى مسكن الشاب بجمهورية إمبابة -كما يلقبها قاطنوها- تأخر الوقت ولم يرجع الشاب إلى المنزل كما هو معتاد يوميًا وحاول والده مهاتفته فوجد الجوال مغلقًا فأسرع إلى صاحب المركبة ذات الثلاث عجلات "ابني مرجعش؟" ليصدمه "مش عارف اتأخر ليه حتى تليفونه مش بيجمع".
على بعد خطوات من كورنيش النيل تحديدًا ديوان قسم شرطة الوراق يمكث العقيد مجدي موسى مفتش فرقة مباحث الوراق وأوسيم في مكتبه يراجع أوراق قضية قيد الفحص جنبًا إلى متابعة الحالة الأمنية بالمركزين التابعين للفرقة قبل أن يقطع انهماكه في العمل اتصالا عبر شرطة النجدة بإبلاغ رجل عن تغيب فلذة كبده.
بخبرة السنوات وحس أمني قل ما جانبه الصواب أدرك العقيد مجدي موسى أنه أمام ليلة ساخنة تحمل طابعًا جنائيًا ليوجه ضباط مباحث القسم بجمع التحريات وتتبع خط سير الشاب المبلغ بتغيبه.
انطلق الرائد محمد حربي معاون أول مباحث الوراق لجمع التحريات مستفيدًا من شبكة مصادره القوية وصولا إلى كاميرات مراقبة رصدت الظهور الأخير لـ"فؤاد" رفقة شاب توقف بهما التوك توك أمام عقار.
دقائق معدودة تحول معها الشارع المقصود إلى ثكنة عسريكة يعج بضباط البحث الجنائي لإسدال الستار على القضية اللغز فكان لهم ما أرادوا في النهاية.
جهود البحث والتحري التي أشرف عليها العميد هاني شعراوي رئيس المباحث الجنائية لقطاع الشمال بينت أن شقيقين خططًا لسرقة توك توك الضحية فاستدرجه أحدهما إلى المنزل وما إن دلف إلى مدخل العقار انقض عليه شقيقه وخنقه بمساعدة صديقهما وتركوا الجثة بالشقة وتوجهوا بالمركبة لبيعها ومعها هاتف القتيل لشراء مواد مخدرة أضحوا تحت رحمتها.
على أطراق المحافظة تحديدا ديوان عام مديرية أمن الجيزة منح اللواء محمد الشرقاوي مدير المباحث فريق البحث الضوء الأخضر لضبط المتهمين بالتنسيق مع قطاع الأمن العام بعد تقنين الإجراءات.
تمكن رجال المباحث من ضبط المتهمين الثلاثة وأرشدوا عن التوك توك والهاتف ليكشفوا كواليس جريمتهم النكراء أمام اللواء أحمد الوتيدي مدير المباحث الجنائية بالجيزة.
توزعت الأدوار ما بين متهم رئيس خنق الضحية بكلتا يديه وجلس الثاني على جسده لشل حركته "فطسه" قبل أن ينجز الثالث المهمة بخنقه مستخدمًا حزام بنهايته قطعة حديدية.
لوهلة ظن أحد المتهمين أنه سيضلل رجال الشرطة والحيلولة دون كشفهم فأمسك شفرة موس ومزق لوحة أرقام التوك توك حتى لا يتعرف عليها الضباط بل وصل به الحال إلى وضع شريحته الشخصية في هاتف الضحية لكن حنكة الشرطة كشفت المستور وعُثر على جثة المجني عليه بالشقة محل الواقعة بعدما تركها الجناة "قولنا نبيع التوك توك وبعدين نشوف لها صرفة".
"البقاء لله يا حاج.. ابنك مات" خارت قوى الأب لدى علمه بالخبر المشؤوم وتوجه إلى النيابة العامة لإنهاء الإجراءات ومن ثم الحصول على تصريح الدفن واتسلام جثمان فلذة كبده وتشييعع إلى مثواه الأخير في جنازة مهيبة أجمع فيها أهالي إملالة على دماثة خلقه "طول عمره جدع ميتعزش على اللي خلقه".