-

فرنسي من أصل مصري وراء حملة التبرع للشرطي قاتل

(اخر تعديل 2024-09-09 15:26:01 )
بواسطة

كتبت- سلمى سمير:

لأيام متتالية لم يخمد دخان المدن الفرنسية من اضطرابات عنيفة واعتقالات وأعمال شغب طالت آلاف المؤسسات العامة، على خلفية مقتل فتى فرنسي من أصول جزائرية يدعى نائل مرزوقي صاحب الـ 17 عاماً، برصاص شرطي فرنسي بعد رفضه الامتثال لتوجيهاته بتوقيف السيارة.

أعمال العنف التي هزت فرنسا على مدار 7 ليالي متتالية أسفرت عن اعتقال أكثر من 3625 بينهم 1124 قاصر، وإلحاق الضرر بـمئات المؤسسات، ما دفع السلطات إلى توقيف الشرطي وفتح تحقيق في الحادث.

جمع تبرعات

وفي خضم تلك الأحداث، دعا نشطاء لجمع التبرعات لدعم والدة نائل، من خلال حملة نُشرت على موقع "ليتشي"، شارك فيها نحو 22 ألف شخص، استطاعت جمع مبلغ 434 ألف يورو.

في المقابل أطلق عددًا من أنصار اليمين المتطرف الداعي لوقف الهجرة وترحيل المهاجرين، حملة على موقع "جوفندم" لجمع تبرعات للشرطي المتهم بقتل نائل، بقيادة سياسي يميني فرنسي لأبوين مصريين، يدعى جان مسيحة، تحت شعار "دعم عائلة ضابط شرطة نانتير" والتي جمعت مبلغ 1.45 مليون يورو، ليتجاوز الرقم المستهدف الذي قُدر بـ 50 ألف يورو.

السياسي اليميني دافع عن الشرطي في تغريدة له على تويتر قائلاً "هذا الشرطي ضحية لمطاردة محلية شريرة هذه فضيحة"، مضيفا "جهود جمع الأموال هي رمز لفرنسا التي تقول لا لهذه الخيانة" بينما أطلق ناشطون انتقادات حادة لحملة مسيحة، خاصة من أصحاب التيار اليساري في فرنسا.

قائد حملة التبرعات للشرطي

السياسي اليميني جان مسيحة، ولد في القاهرة سنة 1970 لأبوين مصريين، حيث كان يعمل والده في السلك الدبلوماسي. وفي عامه الثالث هاجر مع أبويه إلى مدينة بوغوتا في كولومبيا، وقضى بها نحو 5 سنوات، وانتقل بعدها رفقة عائلته إلى مدينة مولوز في فرنسا التي حصل على جنسيتها بعدما أتم عامه العشرين.

بعد حصوله على الجنسية الفرنيسة، غير حسام بطرس اسمه الأول إلى جان مسيحة الذي يعرف به حتى اليوم. وتخرج في كلية الإدارة الوطنية ومعهد العلوم السياسية، وهما أرفع مؤسستين جامعيتين لتخريج كوادر الدولة، ونمى دراسته في الاقتصاد حتى حصل على درجة الدكتوراه حسب ذكر صحيفة "مونت كارلو".

وضع مسيحة الحياة السياسية نصب عينيه، فرشح نفسه لمناصب مثل عضو البرلمان الأوروبي والمستشار الإقليمي فرغم أن بدايته السياسية كانت في الجانب اليساري، لكنه أدار دفته ناحية اليمين عام 2016، وسط التحاقه بالجبهة الوطنية وشغله منصب المندوب الوطني للحزب، كما استطاع لفت انتباه زعيمة التجمع الوطني ماريان لوبان، وأصبح كبير مستشاريها ومنسق حملتها الانتخابية في الانتخابات الرئاسية الفرنسية.ثم عضواً في التجمع الوطني المعروف سابقا باسم الجبهة الوطنية، وفي عام 2022 تولى منصب المتحدث باسم مرشح الرئاسة عن أقصى اليمين إيريك زمور، المعارض الواضح لوجود المهاجرين والإسلام.

تبنى مسيحة نهجا جعله جديراً بمكانته في اليمين المتطرف، فرغم كونه مهاجر من أصول عربية إلا أنه عرف بمعارضته الواضحة لتدفق المهاجرين لفرنسا، إضافة إلى مخاوفه مما أسماه "أسلمة فرنسا"، باعتقاده أن الإسلام لا يمكن تطبيقه في فرنسا، وسط دعوته في أكثر من مناسبة لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة لمكافحة الهجرة.

تصرف مشروع

رغم الانتقادات الواسعة التي نددت بمقتل نائل، إلا أن مسيحة اعتبر تصرف الشرطي مشروع باعتباره أداء للواجب حسب قوله، داعيا لدعم الشرطي وعائلته وإنفاذ القانون، ويرى مسيحة أنها مسؤولية الفتى ووالديه.

منذ البداية اعترف الشرطي نفسه بجرمه، وأعرب عن أسفه حيال مقتل نائل، لكن مسيحة لا يراه إلا مجرماً استحق نهايته، قائلاً إن سجل نائل النظيف في جهاز الشرطة فقط للتساهل في التعامل معه، وأضاف في تصريحات لصحيفة يورونيوز، إذا لم تطع الشرطة فإنك تأخذ بنفسك إلى المأساة".

ونفى مسيحة، أي نوايا لدعم عائلة الفتى الجزائري في حال لم تكن هناك بالفعل واحدة لدعمه، قائلا إن نائل "مجرم متعدد الجناة" ، أما عائلة الشرطي فلوريان فحالتهم المادية متدهورة لوقف راتبه عقب توقيفه.

وأظهرت نتائج التحقيقات أن سبب هروب نائل من الشرطي هو عدم حيازته على رخصة قيادة وهو ما كذب الشرطي في البداية بشأنه مع إدعائه أن حياته هو وزميله كانت في خطر، لذلك توجب إطلاق النار، لتظهر كاميرات المراقبة لاحقا الشرطي وهو يضرب نائل دون داع وإطلاق النار عليه.

وقف حملة التبرعات

على صعيد آخر ظهرت دعوات منادية بضروروة وقف حملة التبرعات، حيث عارض سياسيون ونشطاء كثر حملة جمع التبرعات، مطالبين بوقفها معتبرين أن وسائل الإعلام تحاول محو حادثة مقتل نائل من الذاكرة، جاء ذلك من خلال تنديد السياسي اليساري، ديفيد جيرود، الذي حدد هدف حملة اليمين المتطرف في تشجيع معاداة العرب قائلا "هدفهم أقتل العرب وستصبح مليونيراً" مشيراً إلى أن الحكومة لم تحرك ساكناً تجاه الحملة.

ودخل زعيم الحزب الاشتراكي، أولييفه على الخط واصفاً حملة التبرعات بـ" صندوق العار" الذي يجب وقفه على الفور.

من جانبها أبدت رئيسة الوزراء الفرنسية اعتراضها على الحملة، لكن في ذات الوقت قالت إنها لا تملك حيلة حيال الأمر للتدخل لوقف الحملة، مشيرة أن الأمر بيد القضاء، وكان وزير العدل إريك دوبون موريتي، في موقف مشابه لها حيث قال إن لكل شخص الحق في التبرع لصالح حملة جماعية، مضيفا أنه لا يعتقد أن حملة مسيحة تسير في اتجاه تهدئة الأوضاع.

وقال النائبان ماتيلد بانوت وآرثر ديلابورت أنهما أحالا الأمر إلى المدعي العام في باريس، لوري بيكواو، من أجل إغلاق الصندوق.

و تحت الضغط اضطر مسيحة إلى إعلان إغلاق الصندوق بعد جمعه 1.45 مليون يورو.