-

مسخ أحدب دون رأس.. "آثار الأقصر" ترد على تشويه

(اخر تعديل 2024-09-09 15:26:01 )
بواسطة

الأقصر- محمد محروس:

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمنشورات لأثريين مصريين طالبوا بإزالة تمثال يعود لرمسيس الثاني رُمِّم قبل عامين ووُضع أمام المقصورة الرئيسية بمعبد الأقصر، متحدّثين عن "تشوهات صارخة".

ومن بين هؤلاء الأثريين أستاذ الآثار المصرية القديمة في جامعة القاهرة الدكتور أحمد عيسى، الذي نشر صورة لتمثال رمسيس الثاني المُرمَّم، على صفحته في "فيسبوك"، وتساءل: متى يمكن أن يزاح هذا التمثال، ذو التاج المزدوج لملك (حي) حاكم، بوضع أوزيري لملك (ميت)، وبهيئة أوزيرية دون العباءة، وجسد مضموم كالمومياء؟.

وقال عيسى أول من تحدث عن هذا التمثال أنه تمثال مسخ لكبير الرعامسة الفرعون رمسيس الثاني، وأنه لا يصح وجوده أصلاً في مكان كهذا، كما أنه أحدب الظهر -الرأس مغروس في الكتفين من دون نسبة رقبة ملائمة- ورفيع الذراعين والساعدين بما لا يتناسب وحجم أجزاء الجسد، مع بطن منتفخ نسبياً، وطوله أقصر مما اعتاد الفنانون المصريون القدماء تمثيله في تماثيلهم الواقفة بالنسبة المعتادة حيث تكون الرأس 1/7 من طول الجسم.

من جانبه أعد الدكتور أحمد العربي مدير معبد الأقصر مذكرة للعرض على الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، حيث نصت المذكرة على التالي: "انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإلكترونية بعض الانتقادات والتعليقات التي تعكس عدم رضا البعض عن ترميم وإعادة إقامة تمثال الملك رمسيس الثاني بالواجهة الرئيسية لمعبد الأقصر، وكذلك تمثالي المدخل الغربي للمعبد فهي بلا شك صدرت عن بعض المهتمين بشؤون الآثار وحفظ التراث همهم الأساسي حب الوطن وتراثه.

أضافت المذكرة و قبل الخوض في أسباب تلك الانتقادات من وجهة نظر المعترضين نود توضيح التالي:
- تلك التماثيل قد تم الانتهاء منها منذ أكثر من أربعة أعوام .
- تم ترميم تلك التماثيل بلجنة أثرية علمية مشتركة بين بعثة جامعة شيكاغو الأمريكية والمجلس الأعلى للآثار .
- تم عرض خطة الترميم على اللجنة الدائمة للآثار المصرية بجلستها في 19/11/2018 (تمثال الواجهة الرئيسية للمعبد ) و جلسة 31/7/2019 ( لتمثالي الواجهة الغربية للمعبد ) و التي وافقت على إجراء أعمال الترميم .
- أعمال الترميم لتلك التماثيل كان الغرض منها الحفاظ على أجزاء وقطع التماثيل المتناثرة على مصاطب حفظ الأحجار في شرق وشمال وغرب المعبد والتي بلغت أكثر من 40% من كتلة التمثال الخاص بالواجهة الرئيسية للمعبد و25 قطعة لتماثيل الواجهة الغربية ولولا التدخل بالترميم لما تم الحفاظ على هذا الكم من الكتل الخاصة بالتماثيل.
وتركزت أسباب الانتقادات والتعليقات على نقطتين رئيسيتين وهما:
أولاً:
1- سبب علمي وهو أن هذه التماثيل الأوزيرية لا تناسب واجهة المعابد القديمة ولكن الرد أنه واجهة معبد الأقصر الغربية يوجد بها تماثيل بالهيئة الأوزيرية وكذلك أمام الصرح الثاني لمعبد الكرنك على يسار الداخل يوجد تمثال بالهيئة الأوزيرية للملك رمسيس الثاني.

2- عند قيام الأثري الدكتور محمد عبد القادر بإجراء أعمال الحفائر والتنظيف أمام المعبد اكتشف قاعدة التمثال وأجزاء كثيرة من تمثال الواجهة الرئيسية بالهيئة الأوزيرية، أي أن إقامة التمثال وترميمه تمت في وضعه الأصلي المكتشف عليه.

3- تماثيل الواجهة الرئيسية الستة هي خليط من أحجار الجرانيت الأسود والجرانيت الأحمر في مادة صنعها وفي هيئتها، حيث يوجد منها تماثيل واقفة وتماثيل جالسة ويوجد منهم تمثال للملك أمنحوتب الثالث من الجهة الغربية أمام الواجهة الرئيسية، ويحتمل أن المصري القديم في عصر الملك رمسيس الثاني نقله لاستكمال تماثيل الواجهة أي أنه لا يمكن أن نعتمد السيميترية في وضع تلك التماثيل.
4- يوجد نقش في أكثر من موقع في الفناء الأول للمعبد جميعها تذكر عدد التماثيل الستة في الواجهة الرئيسية ولكنها مختلفة في هيئتها.
5- يوجد في فناء رمسيس الثاني من الناحية الشرقية على الجدار في المنتصف نقش على أحد الأحجار يوضح تمثال جالس بتاج مزدوج ومخصص لتمثال أوزيري وهي أحدث واجهة لشكل تماثيل الواجهة الأمامية للمعبد وللإيضاح يعتبر نص التكريس هو آخر عمل يتم في المعبد أي أنه بمثابة الختم وكذلك الخاتمة.
ثانياً:
اعترض البعض على الناحية الفنية والنسب وهذا يرجع إلى ضخامة التمثال بالوضع الأوزيري والذي كان السبب في وجود أخطاء قديمة في نحت التمثال.

وكذلك يمكن ذكر أن معظم الصور المتداولة للتمثال أثناء إزاحة الستار عن التمثال، واستكمل فريق العمل أعمال الترميم لمدة شهرين أو أكثر بعد هذه الصور وذلك لتصويب النسب الخاصة بالتمثال للوصول للشكل الأمثل وفي النهاية يمكن أن نذكر أن جميع الانتقادات مقبولة طالما إنها للصالح العام وطالما إنها في خلاف علمي يمكن الأخذ منه والرد عليه.
ولم نجد إلى الآن أي من الأشخاص قدم لنا تفسيراً علمياً واحداً أو رد على ما نشر علمياً وأثر هذا الاختلاف العلمي في الآراء منذ 4 أعوام سابقة ولم يقدم لنا ردوداً علمية.

وأضافت المذكرة أنه تمت عدة مناقشات علمية سابقة بخصوص موقع تمثال رمسيس الثاني بالهيئة الأوزيرية بمعبد الأقصر وأفاد كلا من السيد كريستيان لوبلان عالم الآثار الفرنسي رئيس البعثة المصرية الفرنسية بمعبد الرامسيوم والذي يعمل في مصر منذ 45 عاماً أن التماثيل في الوضع الأوزيري تتكرر في كثير من المعابد ومنها معبد الأقصر.

- د. هوريك سوزيان رئيسة البعثة الألمانية المصرية العاملة بالأقصر، إن التمثال موجود في مكانه الصحيح وشكل التمثال يتخذ المنظر الأوزيري بالفعل ولكن ليس على شكل المومياء والتمثال في وضعه هذا منذ الإنشاء وأضيف في مرحلة التوسعة التي أجراها الملك رمسيس الثاني على المعبد وأوضحت أن هذا موضع التمثال الصحيح والتاريخي وما تم في التمثال خلال المرحلة الأولى كان التجميع، مشيرة إلى إنها شاهدة على هذا الإنجاز الذي قام به فريق الترميم المصري لأنهم قدموا هدية للعالم في يوم التراث العالمي.
- د.راي جونسون مدير البعثة الأمريكية من جامعة شيكاغو والتي تعمل بمعبد الأقصر أكد أن التمثال المقام أخيراً في في موضعه الطبيعي التاريخي ويجب على المصريين بشكل عام تشجيع رجال الترميم الذين قاموا بعمل رائع وهو العمل الذي سيزيد من رصيد السياحة المصرية، حيث إن كل تمثال يتم ترميمه يمثل عامل جذب جديد للسياحة المصرية.

وختمت المذكرة: نحن مازلنا في محراب العمل الأثري ويجب أن نقف معاً في سبيل أن تعلوا آثارنا بفضل المصريين ورفع شأن مصرنا الحبيبة.