بعد تضاعف أسعارها.. الحرب السودانية تنعش مبيعات
كتب- محمود عبد الرحمن:
بالقرب من إحدى محلات الأجهزة الكهربائية بشارع عبد العزيز بالعتبة، انتظرت هالة أحمد التي تحمل الجنسية السودانية قدوم زوجة أخيها، التي ذهبت للاتفاق مع إحدى العربات لنقل الأجهزة الكهربائية والمنزلية التي قاموا بشرائها، لتأسيس الشقة التي استأجروها في منطقة الهرم بالجيزة وبمجرد وصلهم إلى القاهرة، وذلك هربا من الاشتباكات المسلحة التي اندلعت بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل الماضي، وأثرت على معيشة المدنيين الذين قصد بعضهم العديد من الدول للإقامة فيها حتى تضع الحرب أوزارها.
"أول ما وصلنا مصر خدنا شقة إيجار غير مفروشة وقعدنا فيها"، تقولها هالة صاحبة الـ 40 عاما، لتبدأ السيدة وزوجة شقيقها جولات على مجموعة من الأسواق المشهورة والأرخص في الأسعار لشراء المتطلبات الأساسية التي تحتاج إليها شقتهم من أجهزة وفرش وغيرها: "كنا لما نحب نشتري حاجة نبحث على الانترنت ونشوف أرخص مكان"، لذا اختاروا شارع عبد العزيز لشراء الأجهزة الكهربائية لانخفاض أسعاره مقارنة بالأسعار في المحلات الأخرى.
تحكي هالة:"العيشة في السودان بقت صعبة ومصر بلدنا الثاني". قبل شهر ونصف الشهر اتخذت هالة التي كانت تقيم في مدينة أم درمان بالسودان وعدد من أفراد أسرتها "أخواتها وأطفالهم"، قرارهم بالرحيل عن محل إقامتهم والقدوم إلى مصر كغيرهم من آلاف السودانيين، بعدما دبروا أحوالهم المادية، وذلك بعدما اشتدت وتيرة الحرب بين قوات الجيش السوادني وقوات الدعم وراح ضحيتها مئات وربما آلاف الأبرياء على حد تقديرها.
"أول مرة أنزل مصر والأسعار هنا مش مرتفعة جدا"، تستكمل هالة التي تعتبر واحدة من ضمن 150 ألف مواطن سوداني استقبلتهم مصر منذ بداية الاشتباكات، وفقا لتصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي، وساهم هؤلاء الأشخاص في تحريك حالة الركود التي تعاني منها محلات الأجهزة الكهربائية في السوق التجاري، نتيجة موجة ارتفاع الأسعار غير المسبوقة خلال الفترة الماضية.
أشرف هلال، رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية والإلكترونية باتحاد الصناعات، يقول إن الأزمة التي يعاني منها سوق الأجهزة الكهربائية ترجع إلى تضاعف أسعار المنتجات وقلة بعضها، موضحا أن الأزمة بدأت عام 2020 الذي شهد جائحة كورونا التي تسببت في شل حركة الاستيراد وتوقف سلاسل الإمداد: "بعد كورونا حصل انتعاشه في السوق وبدأ الشغل يرجع تاني"، لتأتي الحرب الروسية الأوكرانية بجانب تراجع سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار وتأخر الإفراج عن مستلزمات الإنتاج الخاصة بالتصنيع لتسبب في تزايد الأزمة، يقول هلال: "في مصانع كتير عندها أصناف مش موجودة بسبب عدم وجود المستلزمات"، التي يتم استيراد 70% منها من الخارج بالدولار.
"الحال مش أحسن حاجة بس بقي في حركة في السوق بسبب السودانيين اللي يجوا يشتروا"، يقول فريد سيد مدير إحدى محلات الأجهزة الكهربائية في أشهر شارع لبيع الأجهزة الكهربائية والهواتف المحمولة في مصر، يتذكر الرجل حالة الركود في البيع والشراء قبل أشهر من الاشتباكات المسلحة بين الجيش وقوات الدعم في السودان، وانتظارهم أمام المحلات قدوم مشترِ لكسر تلك الحالة يقول "الحاجات الفترة الأخيرة أسعارها زادت الضعف والناس ظروفها مش ألطف حاجة"، ليختلف الوضع عقب قدوم السودانيين الأمر الذي زاد الإقبال.
"أغلب الزبائن حاليا في السوق سودانيين"، يقول سيد الذي يعمل في مهنة بيع الأجهزة في سوق عبد العزيز منذ 28 عاما، بدءا من بائع بسيط حتى مديرا لإحدى المحلات: "في فترات كدة البيع بيريح في السوق بس بترجع تاني"، لكن مع الارتفاع الكبير في الأسعار طالت حالة الركود، يقول سيد "الناس بدأت تحس بالشغل تاني من بعد إقبال السودانيين اللي جم مصر جديدة".
"الإقبال كويس واللي جاي عاوز يشتري كل الأجهزة"، يقول أحمد عصام، بائع في إحدى المحلات، موضحا أن 70% من رواد شارع عبد العزيز في الوقت الحالي من السودانيين الذين قرروا الإقامة في مصر عقب أحداث بلادهم وفق ما أخباره عدد من المترددين على محله المتخصص في بيع منتجات إحدى الماركات المشهورة.
"في إقبال بس في بضاعة مش عارفين نوفرها للزبون"، يستكمل أحمد الذي يعمل في السوق منذ 5 سنوات، موضحا أن هناك العديد من الشركات لم تقوم بطرح بعض المنتجات في السوق منذ موجة ارتفاع الأسعار: "كل ما نكلم مندوبي الشركات نسأل على بضاعة عشان نعمل طلبيات يقولوا مفيش في الوقت الحالي".
يوضح أشرف هلال رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية والإلكترونية باتحاد الصناعات، أن الانتعاشة التي يشهدها سوق الأجهزة في الوقت الحالي نتيجة إقبال السودانيين هي انتعاشة لفترة زمنية مؤقتة: "اللي جاي وخد شقة مجبر أن يفرشها"، موضحا انه عقب شراء هؤلاء الأشخاص متطلباتهم سوف يعود الأمر إلى ما هو عليه.