أدب الأطفال العربي: أفق جمالي جديد
أدب الأطفال العربي: أفق جمالي جديد
أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب مؤخرًا إصدارًا نقديًا جديدًا بعنوان «الشكل والوظيفة في أدب الأطفال العربي المعاصر: نحو أفق جمالي جديد». هذا العمل، الذي أعدّه الباحث والناقد المعروف د. كمال اللهيب، يأتي في إطار اهتمام الهيئة بتطوير الدراسات المتخصصة في أدب الطفل ودعم مسار التحديث النقدي في هذا المجال الحيوي.
رؤية نقدية جديدة
يسعى الكتاب إلى تقديم رؤية نقدية مبتكرة تهدف إلى وضع أسس منهجية حديثة لدراسة أدب الأطفال العربي، حيث يُعتبر هذا الأدب ظاهرة جمالية أولاً وقبل كل شيء، قادرة على نقل قيم ثقافية وتربوية مهمة، دون أن تؤثر على تشكيله الفني. يعتبر هذا الكتاب مقدمة لعمل نقدي أكبر يطمح الباحث من خلاله إلى الوصول إلى نظرية معاصرة تتماشى مع التحولات التي يشهدها أدب الأطفال وتفتح أمامه آفاقًا جمالية جديدة.
أهمية أدب الأطفال
ينطلق الكتاب من فرضية أساسية تؤكد أن أدب الأطفال ليس مجرد وسيلة تعليمية أو تربوية، بل هو فن سردي فريد يتميز بخصوصية تشكيلية تستحق دراسة معمقة. يبرز الباحث أن الطفولة، بما تحمله من قدرة على التلقي ومرونة ذهنية، تمثل فضاءً حاسمًا في تكوين الوعي، مما يجعل أدب الأطفال من أكثر أدوات التنشئة الثقافية فعالية في ترسيخ القيم والمثل العليا.
ملاحظات نقدية مهمة
من خلال قراءة شاملة في النقد الأدبي العربي، يرصد اللهيب مجموعة من الملاحظات الجوهرية، منها الهيمنة الواضحة للتوجهات التعليمية والتربوية على حساب العمق الجمالي. كما يشير إلى أن العديد من الدراسات السابقة اعتمدت على مناهج تقليدية لم تستوعب التحولات السردية الحديثة، مع قلة الدراسات التي استخدمت أدوات السرديات الثقافية أو تعمقت في بنية النصوص الحفرية على المستويات الفنية والثقافية.
مرتكزات الكتاب النقدية
يحدد الباحث مجموعة من القناعات الفكرية التي تشكل أساس كتابه، أبرزها أن أدب الأطفال هو ظاهرة جمالية في الأساس، تكتسب قيمتها من تشكيلها الفني وليس من محتواها التعليمي. كما يُشير إلى أن تطوير هذا الأدب يعتمد على دراسة تشكيلاته السردية بعمق، مما يكشف عن خصوصياته المختلفة مقارنة بأدب الكبار. إضافة إلى ذلك، يؤكد أن الجمالي والثقافي عنصران متكاملان لا يمكن فصلهما عند تحليل النصوص، وأن الوصول إلى أفق جمالي جديد يتطلب وجود نظرية نقدية عربية معاصرة تدعم هذا التطور.
منهجية الكتاب
يعتمد الكتاب على منهج السرديات الثقافية كمنهجية تكاملية تجمع بين إنجازات علم السرد والدراسات الثقافية لقراءة الظاهرة السردية في سياقها الفني والثقافي. يتضمن العمل مقدمة وتمهيدًا نظريًا، يليه ستة فصول تطبيقية تتناول عناصر التشكيل السردي مثل الشخصية، الحدث، الزمن السردي، الفضاء المكاني، السارد، والتناص، مع توضيح طبيعة كل عنصر بشكل عام وخصوصيته داخل أدب الأطفال، بالإضافة إلى أهم وظائفه السردية والثقافية.
خاتمة الكتاب
يختتم الكتاب بخاتمة تجمع نتائج الدراسة، يليها ثبت شامل للمصادر والمراجع، إضافة إلى سيرة مختصرة للأديبين عبد التواب يوسف ولينا كيلاني، اللذان يُعتبران من أبرز رواد أدب الطفل العربي. من خلال هذا الإصدار، تفتح الهيئة المصرية العامة للكتاب نافذة معرفية جديدة في مجال نقد أدب الطفل، مقدمة عملًا يؤسس لمرحلة نقدية أكثر عمقًا وتقدمًا في دراسة جماليات هذا الأدب وخصوصياته الثقافية.
اقرأ أيضاً:
- انخفاض الحرارة.. الأرصاد تُطالب المواطنين بارتداء الملابس الشتوية
- هل بركان "هايلي غوبي" بإثيوبيا مفتعل؟.. خبير جيولوجي يُجيب
ليلى الحلقة 41