-

ملتقى أزهري: الإسلام لا يفصل بين الشريعة

(اخر تعديل 2024-09-09 15:26:01 )
بواسطة

كـتب- علي شبل:

عقد الجامع الأزهر ملتقى العصر خلال الفعاليات والندوات التي يقيمها خلال شهر رمضان المبارك، حيث جاء الملتقى بعنوان: الفقه وتأسيس قواعد الأخلاق، حيث حاضر فيها فضيلة أد/ محمد سيد عامر، أستاذ الفقه لكلية الشريعة وعميد كلية الدراسات الإسلامية ببورسعيد، وفضيلة الدكتور خالد عثمان، المشرف العام على وحدة لم الشمل بمرصد الازهر العالمي للفتوى، وفضيلة الشيخ كريم حامد أبو زيد، منسق كتب التراث بالجامع الأزهر.

في بداية الملتقى قال فضيلة أ.د/ محمد سيد عامر، أستاذ الفقه بكلية الشريعة بالقاهرة وعميد كلية الدراسات الإسلامية ببورسعيد، وعضو لجنة الفتوى الرئيسة بالجامع الأزهر الشريف إن قضية ارتباط الأخلاق بالفقه والتشريع هو واقع ملموس في كل ما يتعلق بالفقه الإسلامي وقواعده وأصوله، مؤكدا أن الأخلاق غاية من غايات الإسلام الذي بدروه يريد مسلمًا عادلًا متصفًا بالأخلاق القويمة، لذلك يربط الإسلام بين الأخلاق والفقه وقواعده المنظمة لسلوك الإنسان.

وأضاف عميد كلية الدراسات الإسلامية ببورسعيد أن التشريع الإسلامي يتفاعل ويتأثر بالأخلاق، فالوفاء أخلاق وهو ملزم في كل العقود يقول تعالى "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" وكذلك العدل قيمة أخلاقية ينعكس أثرها على التشريعي على كثير من فروع الفقه، مؤكدا أن الشرع والنقل اجتمعا على أن الأخلاق هي مما يراد أن يكون حاكمًا على تصرفات الناس وسلوكهم فقد اهتم الإسلام اهتمامًا عظيمً بالأخلاق ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".

من جانبه قال فضيلة الدكتور/ خالد سالم عثمان، المشرف العام على وحدة لم الشمل بمركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية، إن الفقه لا ينفصم ولا ينفصل عن الأخلاق والإسلام لا يفصل بين الشريعة والأخلاق.

كما أوضح المشرف على وحدة لم الشمل أن الأخلاق ليست فضائل منفصلة وإنما الإسلام بكل ما يحتويه مؤسس للأخلاق فعقيدته أخلاق وشريعته أخلاق حيث عدَّ النبي ﷺ حسن الخلق من كمال الإيمان، فقال "أَكْمَلُ المُؤمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُم خُلُقًا" مؤكدا أن علماء الفقه منذ نشأته أسسوا لعلم الأخلاق وضمنوه في كتبهم ومؤلفاتهم ولم يفصلوا بين الأخلاق والأحكام الفقهية ومقاصدها، وضرب مثالا على ذلك بالمذهب المالكي وبكتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد الحفيد، مشددا أن كل العبادات تنعكس إيجابًا على الأخلاق والسلوك وتؤدي إلى الاستقامة في حياة المجتمعات وقد جمع الله بين التكليف بالصلاة وبين البعد عن الأخلاق الذميمة حيث يقول: "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي" ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الصيام : " من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"

فيما أكد فضيلة الشيخ/ كريم حامد أبوزيد، منسق كتب التراث بالجامع الأزهر الشريف، أن البعض البعض أن التشريع الإسلامي مقتصر على التكاليف الشرعية والأوامر والنواهي دون أن ينظر لتأسيس فلسفة أخلاق سليمة، لافتا أن هذا ظن خاطئ، مشيرا إلي إن الضارب في أعماق الفقه الإسلامي وأصوله وقواعده يكتشف أن هذه الأصول والقواعد هي الأسس النظرية لبناء فلسفة الأخلاق في الإسلام.

وأوضح منسق كتب التراث بالجامع الأزهر أن العلم الذي يبحث في سلوك الإنسان ويعمل على تصحيحه ووضع القوانين لتقويمه إنما هو (علم الأخلاق) وبالنظر إلى الغاية من علم الفقه، نجدها تعديل سلوك الإنسان المسلم وفق أحكام الشريعة بما يحقق المقاصد الكلية للشريعة وما المسائل الفقهية إلا سلوك وتصرفات الإنسان.

وأضاف أنه من الدلائل على ترابط العلاقة بين الفقه والأخلاق أن القرآن الكريم يقرن بين المسائل الأخلاقية والفقهية ضمن سياقٍ واحد، كما في قوله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾ وهكذا الأمر بالصلاة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعدم التكبُّر، والاعتدال في الحياة، وعدم رفع الصوت؛ إذ يقول تعالى: ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُوورِ * وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضضِ مَرَحاً إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيررِ﴾ مؤكدا أن الأخلاق دليل الإسلام وترجمته العملية، وكلما كان الإيمان قوياً أثمر خلقًا قويًا.