أبدية العذاب: تأملات في الفهم والعدل الإلهي
تحليل عميق حول أبدية العذاب
في حديثه الرمضاني المميز، ناقش الأستاذ الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، موضوعًا شائكًا أثار جدلاً واسعًا في الأوساط الدينية. يتعلق الأمر بفهم العذاب في الآخرة وما إذا كان دائمًا أم لا، وما إذا كان الله سيقوم بإلغاء النار. هذا النقاش يتطلب منا التعمق في النصوص الدينية وفهمها بشكل صحيح.
معايير العقوبة في الشرع
أوضح فضيلة المفتي أنه لا يمكن قياس العقوبة بزمن الذنب، بل بخطورته وتأثيراته. فكما أن بعض الجرائم في حياتنا اليومية قد تحدث في لحظة واحدة، إلا أن عقوبتها قد تمتد لسنوات طويلة. هذا المفهوم يسلط الضوء على أهمية فهم طبيعة الذنب وتأثيره على النفس والمجتمع.
بهار مترجم الحلقة 38
الكفر كاختيار مستمر
وأشار المفتي إلى أن من يكفر بالله أو يجحد رسله، فإن اختياره في الكفر يصبح دائمًا. فالآية الكريمة {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ ۚ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} (سورة الأنعام، الآية 28) تدل على أن هذا الاختيار ليس اضطراريًا، بل يأتي من إرادة حرة. وبذلك، فإن العقوبة يجب أن تتناسب مع طبيعة الفعل واختيارات الإنسان.
العدل الإلهي ومفهوم الجزاء
أكد فضيلة المفتي أن عدل الله في العقوبات قائم. فالجزاء من جنس العمل، كما هو مبين في قوله تعالى {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} (سورة الرحمن، الآية 60). هذا العدل الإلهي ينطبق أيضًا على الأعمال السيئة، حيث قال الله تعالى: {مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} (سورة فصلت، الآية 46).
الحرية في الاختيار
وفي رد على من يدعي أنه مجبر على المعصية، بين المفتي أن هذا الادعاء غير صحيح. فقد أرسل الله رسله وأنزل كتبه ليهدوا الناس إلى الطريق المستقيم، ومنحهم القدرة على اتخاذ القرارات. في قوله تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} (سورة النساء، الآية 165)، نجد تأكيدًا على أهمية الحرية في الاختيار.
الخاتمة: الرضا بقضاء الله
وفي نهاية حديثه، أكد مفتي الجمهورية على أن البلاء قد يكون نعمة، وأن العذاب في الآخرة هو تجسيد للعدل الإلهي، الذي لا ظلم فيه. ويدعو الجميع إلى الرضا بقضاء الله والاستسلام لحكمته، فهو اللطيف الخبير الذي لا يظلم أحدًا، ولا يحاسب إلا بعد البيان والتمكين.