من الغرق إلى الانتشال.. تسلسل زمني لحادثة
السويس - حسام الدين أحمد:
نجح فريق الإنقاذ البحري بهيئة قناة السويس من انتشال القاطرة الغارقة فهد، مساء اليوم الثلاثاء، بعد 3 أيام من غرقها عصر السبت الماضي، وعلى متنها 7 أفراد من طاقم القاطرة.
خلّف الحادث 6 مصابين تماثلوا للشفاء، وريس ميكانيكي توفي غرقًا في القاطرة، إذ لم يسعه الوقت للخروج من الكابينة قبل غرقها.
تصادم ناقلة وقاطرة
البداية كانت عصر السبت الماضي، كانت حركة الملاحة تسير بشكل طبيعي، عبرت ناقلة الغاز المسال CHINAGAS LEGEND، من المدخل الجنوبي بمدينة السويس ضمن قافلة الجنوب في طريقها إلى بورسعيد حيث البحر المتوسط، قاصدة الولايات المتحدة الامريكية، لكن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفينة.
قطعت السفينة ثلثي المسافة في المجرى الملاحي للقناة الممتد لمسافة 162 كيلو متر، وعند الكيلو 51 ترقيم قناة عند منطقة البلاح وقع تصادم بين الناقلة والقاطرة التي كانت مصاحبة لسفينة أخرى.
تصادم عنيف وغرق سريع
بسحب بيان رسمي لهيئة قناة السويس يبلغ طول الناقلة 230 مترا، وعرضها 36 مترا، بغاطس 27 قدم، وحمولة كلية 52 ألف طن، اصطدمت بالقاطرة "فهد" بطول 34 مترا، كان لقوة الاصطدام أن تسبب في احداث فتحات بجسم القاطرة التي جرى تصنيعها عام 1976، فغرقت غرفة الماكينات وفي غضون دقائق اختفت من المسطح المائي للقناة.
فور تلقى غرفة التحركات بلاغ بالحادث، وجه الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس بالدفع بفريق الإنقاذ البحري التابع للهيئة لإنقاذ طاقم القاطرة المكون من 7 أفراد، مع الدفع بالرافعة "إنقاذ" لانتشال القاطرة الغارقة.
تحديد موقع "فهد"
بعد مضي نحو 5 ساعات من حادث الغرق، نجح فريق الإنقاذ البحري في تحديد موقع القاطرة الغارقة في الكيلو متر 51.300 ترقيم قناة، قضى فريق الغاطسين تلك الساعات في البحث عن القاطرة مع الاستعانة بالوحدات البحرية الحديثة والمزودة بأجهزة سونار وكشف للأعماق.
وعقب تحديد الموقع بدأ أعمال تجهيز الموقع لبدء أعمال انتشال القاطرة، وإخلاء المجرى الملاحي للقناة، وحرص الفريق ربيع على التواجد بموقع الحادث ومتابعته جهود الإنقاذ من على متن القاطرة نبيل الهلالي.
إنقاذ 6 من الطاقم
جهود الإنقاذ البحري استهدفت في المقام الأول انقاذ طاقم القاطرة، حيث جرى انقاذ 6 أفراد من طاقم القاطرة الغارقة، ونقلهم إلى المستشفى للاطمئنان على حالتهم الصحية وكانوا في حالة مستقرة، بينما استمرت جهود البحث عن فني ميكانيكا القاطرة المفقود.
انتظام قافلة الشمال
بالتزامن مع ذلك بدأ المرشدين الملاحيين في التسيير الفوري لحركة الملاحة بالقناة من قافلة الجنوب من تفريعة الشرقية عند الكيلو 51 ترقيم قناة، والتي تمثل امتداد قناة السويس الجديدة، مع تأمين موقع غرق فهد بالاستعانة بالشمندورات التحذيرية لحين انتشالها.
أكد رئيس الهيئة في بيان رسمي مساء السبت أن حركة الملاحة بالقناة لم تتوقف من اتجاه الشمال حيث عبرت جميع سفن القافلة ولم تتأثر بالحادث، فيما انتظم عبور سفن قافلة الجنوب المتبقية وكان عددها 19 سفينة.
مع فجر يوم الأحد الماضي، عبرت جميع السفن من القافلتين، لتبدأ عملية انتشال القاطرة "فهد" بواسطة الرافعة "إنقاذ" عقب إخلاء المجرى الملاحي للقناة.
على عمق 24 مترًا
واصل فريق الإنقاذ البحري جهوده لربط القاطرة فهد في الأسلاك المعدنية "وايرات" المتصلة بالرافعة "انقاذ"، مع الغطس على عمق 24 متر في البداية ووصل إلى 27 متر من خلال مجموعات متتالية لإستكمال أعمال رباط القاطرة الغارقة " فهد".
وذكرت الهيئة في بيان رسمي أن الطول الكلي للرافعة إنقاذ 60.9 مترا، وعرضها 26.6 مترا، بحمولة 500 طن، وتستخدم في أعمال رفع وإنزال الوحدات البحرية وتعويم وانتشال الوحدات البحرية الغارقة، وهي من القاطرات العملاقة المملوكة للهيئة.
8 أسلاك للربط
وقال الفريق أسامة ربيع إن عملية ربط الأسلاك وهى عملية تتطلب دقة عالية ووقت كاف حيث يستغرق توصيل السلك الواحد ما يقرب من ساعة ونصف لكل من الأسلاك الثمانية للرافعة.
كان من المقرر وفق الموقف أن ينتهي الغطاسين من توصيل القاطرة الغارقة "فهد" بأسلاك الرافعة في غضون ساعات لتبدأ بعدها مباشرة أعمال رفع وانتشال القاطرة الغارقة ونقلها إلى منطقة البلاح، إلا أن ظروف الطقس والتيارات المائية فضلا عن وضع القاطرة على جانبها صعبت من عملية الربط.
أولوية لدخول السفن
وأوضح رئيس الهيئة أن تنظيم حركة الملاحة بالقناة تشهد ترتيب أولويات دخول السفن من الاتجاهين، بما يضمن إجراء أعمال الإنقاذ بما لا يعيق الملاحة، حيث تشهد حركة الملاحة بالقناة، ذلك اليوم عبور 38 سفينة من اتجاه الشمال بإجمالي حمولات كلية 2.6 مليون طن، وعبرت مساءا 45 سفينة من اتجاه الجنوب بالمجرى الملاحي الجديد للقناة، بإجمالي حمولات كلية قدرها 2.7 مليون طن.
انتشال جثمان موسى
قبل غروب شمس يوم الأحد، أعلن الفريق أسامة ربيع ان جهود فريق الإنقاذ البحري اسفرت عن العثور على جثمان الفرد السابع والاخير المفقود من طاقم القاطرة الغارقة "فهد" واستخراجه من المياه، بعد مضي أكثر من 24 ساعة على حادث التصادم وغرق السيد موسى ريس ميكانيكي القاطرة.
نقل رجال الهيئة زميلهم المتوفي على متن لنش الإسعاف البحري إلى محطة البلاح ومنها إلى سيارة الإسعاف ثم المستشفى للانتهاء من الإجراءات اللازمة وتسلمت اسرته الجثمان لدفنه.
الفريق ربيع أوضح أن غطاسي الهيئة تمكنوا من العثور على الجثمان في كابينة المعيشة الخاصة بالقاطرة الغارقة وذلك أثناء قيامهم بمسح كبائن القاطرة الغارقة ومنطقة الحادث على عمق 27 متر من خلال مجموعات غطس متتالية.
شهيد الواجب
ووجه الفريق أسامة ربيع برقية تعزية بالأصالة عن نفسه ونيابة عن كافة العاملين بالهيئة وبشركاتها في شهيد الواجب ريس ميكانيكي السيد على محمد موسى، داعيا المولى عز وجل بأن يتغمده بواسع رحمته وأن يتقبله من الشهداء وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
وغادر 5 من أفراد من طاقم القاطرة فهد المستشفى بعد تعافيهم، بينما استمر بقاء أحد أفراد الطاقم حتى بالمستشفى تحت الملاحظة.
انتشال "فهد"
بعد جهود استمرت 3 أيام متتالية استطاع فريق الإنقاذ والإدارات المعاونة انتشال القاطرة "فهد"بواسطة الرافعة "إنقاذ" وإخلاء المجرى الملاحي للقناة.
وأشاد رئيس الهيئة بجهود فريق الإنقاذ البحري وكافة العاملين المشاركين في عملية الإنقاذ من الإدارات المختلفة والتي تضافرت جهودهم لإتمام أعمال الإنقاذ البحري بكفاءة وخلال وقت قياسي ودون التأثير على حركة الملاحة بالقناة.
انعدام الرؤية والتيارات الشديدة
وأوضح الفريق ربيع في بيان رسمي أن فريق الإنقاذ واجه صعوبات وتحديات تمثلت في شدة التيارات المائية وانعدام مستوى الرؤية تحت الماء فضلا عن الغطس على أعماق كبيرة وصلت إلى عمق 27 متر مما تطلب الاستعانة بغرف إعادة انضباط الضغط للغطاسين.
وأشار الفريق ربيع إلى أن عملية رفع وانتشال القاطرة "فهد" تطلبت تنفيذ عدة إجراءات بداية من مسح منطقة حادث التصادم لتحديد مكان القاطرة الغارقة، ثم تأمين موقع القاطرة بالشمندورات التحذيرية والإرشادية لتمكين السفن المارة من استئناف عبورها بأمان، لتبدأ بعد ذلك أعمال رفع القاطرة الغارقة بعد إجراء حسابات الانتشال اللازمة.
تأمين الموقع
وأشار رئيس الهيئة إلى أن موقع انتشال القاطرة الغارقة "فهد" تم تأمينه ملاحيا وبيئيا ضد حوادث الانسكاب البترولي المحتملة.
وأكد رئيس الهيئة أن حركة الملاحة بالقناة تعمل بصورة منتظمة من الاتجاهين ولم تتأثر بأعمال الإنقاذ حيث شهدت القناة على مدار يومين اليوم الثلاثاء وأمس، عبور 146 سفينة من الاتجاهين بإجمالي حمولات صافية قدرها 8.4 مليون طن.
اقرأ أيضًا: