جالانت يهاجم نتنياهو.. هل بدأ تبادل الاتهامات
بي بي سي
خرج وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت عن صمته، ليعلن انتقاده لسياسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وزعيم الحزب الذي ينتمي له الطرفان، حزبُ الليكود الحاكم، إذ يطالب بإعلان واضح من نتنياهو بخصوص مستقبل الحرب في غزة، ويطلب مناقشة بديل لحركة حماس في القطاع، الأمر الذي يرفضه نتنياهو قبل القضاء عسكريا على الحركة.
يمثل جالانت وجهة نظر المؤسسة العسكرية والأمنية، التي حاولت منذ أشهر أن تتحدث عن مخاوفها من فقدان إسرائيل نتائج الإنجازات العسكرية على الأرض بسبب الاعتبارات السياسية الداخلية.
وقبل شهرين تقريبا، أرسل رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هاليفي، رسالة واضحة لمجلس الحرب حذر فيها من خطورة عدم مناقشة البديل السياسي لحركة حماس مستقبلا في القطاع.
لم تلق تلك الرسالة آذانا صاغية؛ فنتنياهو يعلن بصراحة أنْ لا مناقشةلخطة ما بعد الحرب قبل القضاء على حماس، بينما رؤية غالانت تتلخص بفكرة أنه "لا يمكن القضاء على حماس بدون خلق بديل سياسي لها".
لماذا تخشى المؤسسة العسكرية الإسرائيلية حالة الفراغ السياسي في غزة؟
الاستمرار في هذه السياسة من قبل نتنياهو، بحسب جالانت، مخاطرة بالإنجازات العسكرية على الأرض، وسيؤدي إما لبقاء حماس عسكريا أو للفوضى التي ستجبر الجيش على تولي المسؤولية العسكرية والمدنية في قطاع غزة.
"لا نريد أن نكون مسؤولين على الإدارة المدنية في غزة"، هذا ما يقوله أمير بار شالوم، المحلل العسكري لإذاعة الجيش الإسرائيلي، عند سؤالنا له حول أسباب حديث جالانت بهذه الطريقة.
يضيف بار شالوم بأن تصريحات غالانت تكمن في خطورة بقاء الجيش مستقبلا في غزة ما قد يحد من قدرته على فتح مواجهة شاملة مع حزب الله في الجبهة الشمالية.
خلال نقاشنا مع عدد من المراقبين العسكريين، تبين لنا بأن فكرة تولي الجيش المسؤولية مستقبلا عن غزة ستثقل كاهل الاقتصاد الإسرائيلي وسيضطر الجيش حينها لإرسال آلاف القوات للبقاء في القطاع.
وبالتالي، هذا الأمر سيحد من قدرة إسرائيل على التعامل مع جبهات قتال مختلفة مستقبلا، فضلا عن زيادة عدد القتلى الجنود، في حال بدأت مقاومة عسكرية ضد الوجود الإسرائيلي الدائم هناك.
هل ستؤدي تصريحات جالانت ضد نتنياهو لإقالته من منصبه؟
بعد بيان وزير الدفاع، ارتفعت أصوات من اليمين المتشدد تدعو نتنياهو كي يقيل وزير الدفاع فورا، وهذه ليست المرة الأولى التي تحدث فيها مواجهة من هذا النوع بين الطرفين.
يعتقد الباحث السياسي في مركز أبحاث " الدفاع من أجل الديمقراطية " سيث فرانتزمان، أن أي احتمال لإجبار جالانت على التنحي من شأنه أن يسبب أزمة أكبر بكثير لإسرائيل، وعلى المستويين الدولي والإقليمي، وذلك "لأن وزارة الدفاع رأت شخصا واثقا جدا ومخلصا لوظيفته ويعمل بجد مع شركاء إسرائيل في المنطقة".
ستمثّل استقالة جالانت، وحتى لأعضاء مجلس الحرب في إسرائيل أمثال غادي أيزنكوت وبيني جانتس، "أزمة داخلية" إسرائيلية ما قد يشتت إسرائيل في العمل ضد أعدائها.
لذلك يعتقد سيث بأن سيناريو استقالة أو تنحية هؤلاء "ما زال بعيدا" حتى لا تؤثر خطوات كهذه على إسرائيل من ناحية أهداف الحرب.
السؤال المركزي: هل تملك الحكومة هدفا في غزة أم تكتيكا فقط؟
يطرح هذا سؤال كثيرا وقد يحدد مستقبل المرحلة القادمة، يجيب فرانتزمان على السؤال بأن عدم وجود استراتيجية واضحة ستدفع الجيش للعمل بالمناطق التي أعادت حماس السيطرة عليها، وسيضطر لتمشيط المناطق مرة أخرى حتى يصل إلى آخر النقاط في غزة، وبعدها سيجد نفسه مسؤولا عن القطاع بسبب عدم وجود استراتيجية تضمن البديل السياسي في غزة.
يعتقد بعض المحللين بأن إسرائيل أصبحت تعمل بحكومتين منفصلتين، الأولى هي حكومة اليمين المتشدد التي تضغط على نتنياهو وتهدده بفك الائتلاف الحكومي في حال عدم الالتزام بتوجهات أقصى اليمين، وحكومة أخرى تتمثل في غالانت والوزراء في مجلس الحرب الذين يميلون لوجهات النظر الأمريكية ويحاولون إضفاء طابع التوازن على قرارات الحكومة الإسرائيلية.
ويظل السؤال في إسرائيل: هل يبقى مجلس الحرب والائتلاف الحكومي متماسكين في ظل عدم تحقيق الأهداف المعلنة للحرب حتى الآن وبعد مرور أشهر طويلة؟