-

أفيال هوانج.. القوة والجمال في قلب الطبيعة

(اخر تعديل 2024-09-09 15:26:01 )
بواسطة

د ب أ–

تشتهر زيمبابوي بطبيعتها الخلابة، بما في ذلك محمية هوانج، التي تعد موطنًا لأكبر تجمع للأفيال في أفريقيا. تستقبل المحمية سنويًا آلاف السياح الذين يأتون من جميع أنحاء العالم لمشاهدة هذه الحيوانات الرائعة.

عند دخول المحمية، يستقبل الزوار مجموعة من الأفيال التي تقف عند الحاجز المؤدي إلى الداخل. تتجول الأفيال في المحمية بحرية، وتبحث عن الطعام والشراب. يمكن للزوار مشاهدة الأفيال وهي تتغذى على العشب الجاف، أو تشرب من البرك المائية، أو تأخذ قيلولة تحت أشجار السافانا.

على الرغم من أن محمية هوانج توفر ملاذًا آمنًا للأفيال، إلا أن هذه الحيوانات ما زالت مهددة بالانقراض. تتعرض الأفيال للصيد الجائر للحصول على العاج، كما تتعرض للتهديدات الأخرى، مثل فقدان الموائل والتغير المناخي.

من المهم اتخاذ إجراءات للحفاظ على الأفيال في زيمبابوي وجميع أنحاء العالم. يمكن القيام بذلك من خلال الحد من الصيد الجائر، وحماية الموائل الطبيعية، وزيادة الوعي بالأهمية البيئية لهذه الحيوانات.

وتشتهر محمية "هوانج" بقطعان الأفيال، وقد تأسست هذه المحمية في عام 1928 وتقع على مسافة ثلاث ساعات بالسيارة من شلالات فيكتوريا والمطار، وتعتبر أكبر محمية طبيعية في زيمبابوي ويعيش بها حوالي 45 ألف حيوان وتمتد على مساحة 145 كيلومتر مربع.

مخيم "سوماليسا"

وفي المخيم الرئيسي ينتظر الحارس "شيبرد" السياح من أجل اصطحابهم في السيارة الجيب إلى مخيم "سوماليسا"، والذي يقع إلى الشمال من منطقة "ماتابيليلاند"، وتعتبر هذه الرحلة إلى المخيم الواقع على نهر "كينيدي فلي" أول جولة للسياح في المحمية الطبيعية، وعلى غرار المحميات الطبيعية الأخرى يحكي الحراس هنا الكثير من المعلومات عن عالم النباتات والحيوانات في المحمية الطبيعية.

وتوقف الحارس "شيبرد" بالسيارة؛ نظرا لوجود ثلاث زرافات على الطريق ولم يرغب في إزعاجهم أثناء رعيهم في الحشائش، كما ظهر في هذا المشهد أيضا بعض الحمير الوحشية في السهول المحيطة، والتي تضم الكثير من الأشجار الخضراء وحشائش السافانا والمنحدرات الجبلية الصفراء وكذلك المسارات والدروب الحمراء.

وقد جفت الأنهار والجداول المائية في المنطقة منذ فترة طويلة، ولذلك تم إنشاء حوالي 60 بركة مائية صناعية خلال فترة الثلاثينيات من القرن المنصرم، لتوفير المياه للحيوانات خلال فترات الجفاف الطويلة، فضلا عن إتاحة الفرصة بصورة جيدة أمام السياح لمراقبة الحيوانات.

ومع الاستعداد لبدء السير مرة أخرى تظهر مجموعة كبيرة من الأفيال بين الشجيرات وتسعى للوصول إلى الجانب الآخر من الطريق، وتدفع إناث الأفيال الصغار بخراطيمها بينما تلقي ذكور الأفيال الصغار نظرة خاطفة على السيارة، وفي تلك اللحظة ترك الحارس "شيبرد" محرك السيارة دائرا بهدوء لكي يكون في مأمن، وحتى يتمكن من الانطلاق بالسيارة بسرعة في الاتجاه المعاكس.

شبكة "كافانجو زامبيزي"

وأصبحت محمية هوانج منذ 10 سنوات تقريبا جزءا من شبكة المحميات الطبيعية "كافانجو زامبيزي" (KAZA)، والتي تعتبر أكبر شبكة للمحميات الطبيعية العابرة للحدود في العالم.

وأوضح الراعي "شيبرد" الرؤية الخاصة بشبكة المحميات قائلا: يمكن لقطعان الأفيال الانتقال من زيمبابوي وبوتسوانا إلى مناطق في زامبيا وأنجولا لتوافر المزيد من المساحة والغذاء، ووفقا لما أعلنته المؤسسة البيئية WWF فإنه هناك نقص في المسارات والطرق المناسبة للحيوانات؛ حيث تحد المستوطنات الموجودة على حافة المحميات الطبيعية من حركة الحيوانات.

وقد تسبب نقص هذه الطرق في تدمير الأفيال للمحاصيل دون قصد ونشر الخوف بين الأشخاص في القرى الواقعة على أطراف المحمية الطبيعية، وذلك أثناء الهجرة بين المناطق المختلفة في شبكة المحميات.

ولكن المؤسسة البيئية WWF أكدت على أهمية انتقال قطعان الأفيال إلى المناطق الأخرى؛ نظرا لأن المحمية الطبيعية "هوانج" قد وصلت إلى حدودها القصوى، وأصبح الغطاء النباتي في المحمية مهددا بشدة بسبب حاجة الأفيال إلى الغذاء.

وأضاف الحارس "شيبرد" قائلا: "يستهلك الفيل البالغ حوالي 200 كجم من الأعشاب يوميا، ويشمل ذلك لحاء الأشجار والفروع والشجيرات والأعشاب، وهو ما يشكل عبئا كبيرا على المحمية الطبيعية لتوفير الغذاء الكافي لقطعان الأفيال في المحمية البالغ عددهم نحو 45 ألف".

وعلى الرغم من تزايد أعداد الأفيال في محمية "هوانج" والمناطق الأخرى في المناطق الجنوبية في إفريقيا خلال السنوات الأخيرة، إلا أن الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة (IUCN) لا يزال يضع الأفيال على القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض، وعلل الحارس "شيبرد" ذلك بقوله: "لقد انخفضت أعداد أفيال السافانا بنسبة 60% على الأقل خلال الـ 50 سنة الماضية، كما تقلصت أعداد أفيال الغابات الإفريقية الأصغر حجما بنسبة أكبر خلال نفس الفترة".

وكان يتم اصطياد الأفيال منذ آلاف السنين بحثا عن العاج لعمل المنحوتات الفنية، وقد مات أكثر من 80 فيلا قبل 10 سنوات في محمية "هوانج" بسبب قيام الصيادين بتسميم آبار المياه، ولضمان الحفاظ على الأفيال الإفريقية يجب أن يكون هناك المزيد من الالتزام. وأوضح الحارس "شيبرد" ذلك بقوله: "من الأفضل أن يجد الأشخاص في القرى المجاورة للمحمية الطبيعية فرص عمل أفضل، وأنه يكون لهم معرفة بطبيعة الحياة البرية في المنطقة".

علاوة على أن الأفيال قد حددت وتيرة العمل في مخيم "سوماليسا" الفاخر؛ حيث دعت "إيجانيا"، مسؤولة الاستقبال في المخيم، السياح إلى الدخول بسرعة عبر الممر الخشبي، مع تقديم مشروب الترحيب لهم؛ نظرا لوجود اثنين من الأفيال يشربون من بركة سابقة، بينما ظهرت مجموعة أخرى من الأفيال وهم يمرحون ويلعبون ويرشون بعضهم البعض بالمياه من بركة المياه القريبة بالمخيم.

وأوضحت "إيجانيا" قائلة: "بعد فترة قصيرة من افتتاح المخيم حولت الأفيال حمام السباحة لدينا إلى بركة للمياه، ولذلك تعين علينا بناء حمام سباحة جديد للسياح"، وبينما يجلس السياح في استرخاء على حمام السباحة القديم، تنظر الأفيال إليهم في ترقب.

أسود مهيبة

وبعد الانطلاق في جولة ما بعد الظهيرة لمسافة عدة دقائق من المخيم أذاع الجهاز اللاسلكي للحارس "شيبرد" وجود أسود بالقرب من بركة المياه كينيدي 2، وعندئذ قام الحارس بالتوجه إلى هناك على الفور بواسطة السيارة الجيب، وعندما وصل إلى هناك كان عدد الأسود عشرة، منهم لبؤة خرجت من الأعشاب ذات اللون الأصفر الشاحب، وتبعتها لبؤة ثانية، بينما تمرح مجموعة من الأشبال بالقرب من المياه.

وفجأة انتشر التوتر في المكان؛ حيث ظهر قطيعان من الأسود، وبدأت هذه الحيوانات تخطو بشكل مهيب نحو المياه. وسرعان ما تقوم الأسود بتحديد مناطق نفوذها، وفي هذه الأثناء يدير أحد الأسود رأسه نحو السيارة الجيب ويطلق زئيره الرعدي، ومكتفيا به لإظهار قوته ونفوذه، وبعد ذلك يستدير ويترك المجموعة السياحية.

وعندما يخلد السياح للنوم في المساء يطوف بخيالهم صور وأصوات الحمير الوحشية والزرافات والأفيال والأسود، ولا يفصلهم عن منطقة الحيوانات البرية سوى جدار الخيمة.