فشل استخباراتي إسرائيلي: دروس من الحرب
الأزمة الاستخباراتية: دروس من تجربة إسرائيل
كتبت- أسماء البتاكوشي:
قبل عام تقريبًا، شهدت إسرائيل أسوأ فشل استخباراتي في تاريخها، عندما قامت حركة حماس بتنفيذ هجوم مفاجئ، أسفر عن مقتل 1200 شخص وأسر 250 آخرين. كانت تلك اللحظة صادمة بكل المقاييس، إذ لم يتوقع أحد أن تكون حماس قادرة على شن هذا الهجوم المفاجئ.
ردود الفعل والاحتجاجات
وبعد ذلك، تلت تلك الأحداث هجمات حزب الله اللبناني في شمال إسرائيل. وهنا، بدأت تل أبيب في استخدام قصة جواسيسها، الذين لطالما ادعت أنهم من النخبة، كوسيلة لتبرير فشلها الاستخباراتي. ولكن السؤال الذي طرح نفسه كان: كيف تمكنت إسرائيل من اختراق حزب الله بينما أخفقت في اختراق حماس في غزة، رغم الحصار المفروض على القطاع؟
استثمارات إسرائيلية غير متوازنة
وفقًا لتقرير صحيفة وول ستريت جورنال، فإن هذا التحول يعكس كيف استثمرت إسرائيل وقتها ومواردها على مدى العقدين الماضيين. فعلى الرغم من أن إسرائيل كانت قد استعدت بدقة لصراع كبير آخر مع حزب الله منذ حرب 2006، إلا أن حماس كانت تُعتبر تهديدًا أقل خطورة. حتى قبل الهجوم الإسرائيلي على غزة في السابع من أكتوبر، كان كبار المسؤولين العسكريين الإسرائيليين يستبعدون أي مؤشرات على وجود هجوم وشيك.
في سبتمبر الماضي، وصف الجيش الإسرائيلي غزة بأنها في حالة "عدم استقرار مستقر"، وخلصت تقييمات الاستخبارات إلى أن حماس قد حولت تركيزها إلى إذكاء العنف في الضفة الغربية، ساعية للحد من خطر الرد الإسرائيلي المباشر. وهذا يعكس نوعًا من التقدير الخاطئ من قبل القادة الإسرائيليين.
أخطاء في التقدير
تقول كارميت فالنسي، الباحثة في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب: "لقد كان تركيزنا منصبًا على الاستعداد لمواجهة حزب الله، وأهملنا الوضع المتطور مع حماس في غزة". وهذا ينبهنا إلى أن التركيز على خصم واحد قد يؤدي إلى تجاهل تهديدات أخرى قد تكون متزايدة.
تقرير وول ستريت جورنال أشار أيضًا إلى أن سلسلة الهجمات الإسرائيلية في لبنان قد تركت حزب الله في حالة من الذهول. على سبيل المثال، اغتيال الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، في غارة على مقر الحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت، كان حدثًا صادمًا. انفجرت آلاف أجهزة اللاسلكي الخاصة بحزب الله، مما أدى إلى استشهاد حوالي 37 شخصًا وإصابة نحو 3000 آخرين. ومع تواصل الغارات الجوية، تم اغتيال مجموعة من القادة العسكريين النخبة.
التحليل والإستنتاجات
تشير التقارير إلى أن أمن حزب الله لا يزال ضعيفًا، حيث أدت غارة جوية أخرى إلى مقتل أحد القادة البارزين في الحزب. ومع ذلك، فإن نجاح إسرائيل في اختراق حزب الله يقف في تناقض صارخ مع فشلها في غزة، مما يثبت أن أجهزة الأمن الإسرائيلية أفضل في الهجوم من الدفاع.
كما يؤكد أفنر جولوف، المدير السابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي: "إن جوهر عقيدة الأمن الإسرائيلية هو نقل الحرب إلى العدو. في غزة، كان الأمر مختلفًا تمامًا، وقد فوجئنا، مما يعتبر فشلًا".
رصد التسلح والتأهب
لقد راقبت إسرائيل عملية بناء ترسانة حزب الله منذ الهدنة التي وقعت بين الجانبين في عام 2006. في ذلك الوقت، كانت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تشعر بخيبة أمل إزاء الأداء العسكري، حيث فشلت في إلحاق ضرر كبير بحزب الله، الذي بدأ في إعادة بناء موقعه.
بالمقابل، اتبعت الحكومة الإسرائيلية في غزة استراتيجية احتواء حماس، معتقدة أن الجماعة تركز على حكم غزة وليست مهتمة بالصراع. ومع ذلك، كانت هناك دلائل تشير إلى أن حماس كانت تخطط لهجوم، لكن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية قللت من أهمية هذه الأنشطة، معتبرة إياها مجرد تهديدات داخلية.
السلة المتسخة الحلقة 35
التحديات المستقبلية
عندما يتعلق الأمر بجمع المعلومات الاستخباراتية من مصادر بشرية، فإن الأمر يصبح أكثر صعوبة في غزة مقارنة بلبنان. يقول عوزي شايا، مسؤول استخبارات إسرائيلي سابق، إن الحياة في غزة معقدة للغاية، حيث يعرف الجميع بعضهم البعض، مما يجعل من الصعب الوصول إلى المعلومات. ورغم الجهود المبذولة لإضعاف قوة حزب الله، فقد نجحت الجماعة في حشد ترسانة ضخمة من الأسلحة.
في ختام هذا التحليل، تشير فالنسي إلى أن النجاحات التي حققتها إسرائيل مؤخرًا قد تجعلها تشعر بثقة مفرطة. ومع ذلك، فإن الغزو المحتمل للبنان قد يمنح حزب الله الفرصة لإظهار تفوقه العسكري. لقد تعلمنا أن القضاء على منظمات معقدة مثل حماس صعب، لكن حزب الله يمثل تحديًا مختلفًا تمامًا.