-

زواج القاصرات: مأساة الطفولة المسلوبة

(اخر تعديل 2025-10-28 09:16:20 )
بواسطة

زواج القاصرات: مأساة الطفولة المسلوبة

في قرية الدير التابعة لمركز فرشوط في محافظة قنا، كانت هناك فتاة صغيرة تُدعى (م.ع) لم تتجاوز بعد الرابعة عشرة من عمرها. كانت تعيش في عالم مليء ببراءة الطفولة، حيث كانت تستمتع بلعب "عرائس البلاستيك" و"القفز على الحبل". كانت تلك الفتاة لا تعرف شيئًا عن تفاصيل جسدها المتغير، ولا عن الواجبات الثقيلة التي قد تفرضها الحياة الزوجية.

فجأة، تغير كل شيء

ومع ذلك، جاء يوم غير حياتها بشكل جذري. تحول روتين حياتها الهادئ إلى صخب غير مفهوم. بدأت تسمع همسات في المنزل، ثم فجأة، جاء الكلام الواضح والصارم الذي ألقى بظلاله على عالمها البريء: "ستتزوجين، وزفافك سيكون بعد أيام." كانت نظرات والديها مزيجًا من الإصرار والقلق، لكن ما أرعبها حقًا هو العريس الذي اختاروه لها، رجل بالغ يبلغ من العمر 39 عامًا، متزوج ولديه خمسة أطفال.

الخوف من المجهول

شعرت (م.ع) برعب غريب يتسلل إلى قلبها. تساءلت في نفسها، ماذا يعني أن تتزوج؟ لم تفهم تمامًا ما يتطلبه منها هذا الأمر، ولكنها أدركت بفطرتها أن هذا الشيء "الكبير" الذي يفرضه عليها الكبار ليس شيئًا جيدًا. كل ما تعرفه عن الزواج هو أنه سيوقف اللعب والضحك، وستترك المدرسة لتكون الزوجة الثانية لرجل يكبرها بـ25 عامًا.

استغاثة في اللحظة الأخيرة

ومع اقتراب "ليلة الحنة" التي كان الأهل يعدون لها، لم تستطع الطفلة أن تعبر عن خوفها إلا بالبكاء المكتوم. ولكن خلف الأبواب المغلقة، وصل بلاغ عاجل إلى خط نجدة الطفل، مما أدى إلى تحرك وحدة حماية الطفل بمحافظة قنا بالتعاون مع وحدة فرشوط لإنقاذ الفتاة ووقف هذه الزيجة. تمت اتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة ضد والديها والعريس البالغ.

تدخل سريع لحماية الطفلة

مديرة وحدة حماية الطفل بمحافظة قنا، سميحة سعد، أكدت أن الوحدة تلقت بلاغًا يتعلق بنية والدي الطفلة (م.ع) تزويجها من رجل متزوج. هذا الأمر يُعتبر انتهاكًا صارخًا لقانون الطفل الذي يمنع زواج من هم دون سن الثامنة عشرة. وبفضل التدخل العاجل، تم إيقاف الزيجة واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، بالإضافة إلى توفير الحماية الاجتماعية والنفسية للطفلة.

القضية الأوسع: زواج القاصرات في مصر

ومن جهة أخرى، أكدت الدكتورة مجدة إمام، مديرة مركز التخطيط الاجتماعي والثقافي بمعهد التخطيط القومي، أن قضية الزواج المبكر هي مشكلة اجتماعية تؤثر على جميع جوانب الحياة. فهذه الظاهرة تنتشر في المجتمع المصري بنسبة تقارب 15% من إجمالي حالات الزواج، مما يؤثر سلبًا على القدرة على الحد من النمو السكاني.

جهود مصر في مواجهة زواج الأطفال

في السنوات الخمس والعشرين الماضية، حققت مصر تقدمًا كبيرًا في الحد من ظاهرة زواج الأطفال، وهي تُعتبر من الدول الرائدة في هذا المجال، خاصة بين الأسر الفقيرة. يتم ذلك من خلال تبني عدة مبادرات تهدف إلى مكافحة هذه الظاهرة. وأكدت الدكتورة إمام على أهمية تضافر الجهود بين جميع الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني لمواجهة هذا التحدي.


شراب التوت الحلقة 103