-

أنين وألم وأمل.. شهادات ضحايا زلزال المغرب من

(اخر تعديل 2024-09-09 15:26:01 )
بواسطة

كتبت- سارة أبو شادي:

كانت ليلة شديدة القسوة، وصفها أهل مدينة مراكش بليلة الرعب، منازل تهدّمت على ساكنيها، وعائلات افترشت الأرض هربًا من انهيار بيوتهم فوق رؤوسهم، وآخرين حاولوا إزالة الأنقاض لمعرفة مصير أحبائهم.

مشاهد عدة خرجت من قلب المدينة المغربية، لتصف مدى المأساة التي ألمّت بأصحابها بين ليلة وضحاها، فبالأمس القريب كانت الشوارع تمتلئ بالسائحين وزائري الأماكن الأثرية، واليوم باتت مراكش أشبه بمدينة أشباح لا تحوي سوى آثار الدمار والخراب، الجميع باتوا إمّا بالساحات يفترشون خيامهم أو في المستشفيات ينتظرون مصابيهم وجثامين ضحاياهم.

"كنت أجلس في المقهى أتصفح إحدى المجلات حتى اهتزت الأرض من تحت قدماي فجأة" الصحفي المغربي سليمان بكباش أحد أبناء مدينة مراكش المغربية، سرد لمصراوي العديد من المشاهد التي وثقّها الشاب فور وقوع الزلزال تحديدًا داخل المركز الطبي بالمدينة والذي استقبل العشرات من ضحايا الليلة الماضية.

اعتقد سليمان في بداية اهتزاز الأرض أن هناك أعمال بناء تتم بإحدى البنايات المجاورة للمقهى، لكن مع اشتداد الهزة أدرك الشاب أن الأمر أكبر من أعمال بناء وهو زلزال، الهزة التي لم تتجاوز الـ20 ثانية دفعت المئات بل الآلاف من المواطنين بالفرار خارج منازلهم سليمان نفسه أسرع خارج المقهى إلى الشارع ، وفي لحظات معدودة اكتظ الشارع بالمواطنين مما بدا على ملامحهم الهلع والخوف ، " لم نرى مثل ذلك من قبل لم نعتاد على الزلازل بعكس مدن أخرى مثل أغادير والتي تعتبر بؤرة زلزالية وهو أمر عادي لدى سكانها".

الشاب اطمأن على عائلته فور الهزة الأرضية، وفي الساعات الأولى من الصباح، أسرع لأداء واجبه المهني، فذهب إلى مركز محمد السادس الطبي بالمدينة، والذي يعد أكبر مستشفى في المدينة، واستقبل المركز أغلب الإصابات الخطيرة في الزلزال، رصد "سليمان" العديد من المشاهد على مدار نحو 11 ساعة داخل المركز، تحدّث مع سائقي سيارات الإسعاف الذين تطوعوا لنقل الضحايا مجانًا دون مقابل ، وسرد قصة أحدهم بأنّ هذا الشاب تدمرّت منطقته فذهب على نفقته الخاصة لمسافة نحو 100 كم لنقل المصابين إلى المركز الطبي، والعودة مرة ثانية من أجل استكمال مهمته في نقل الباقين.

مشهد آخر سرده الشاب المغربي، في حديثه مع مصراوي، وهو أثناء تجوله بين أروقة المستشفى لنقل الصورة بالكاملتحديدًا في الثامنة صباحًا، سمع صوت أنين وبكاء عجوز داخل سيارة إسعاف، السيدة التي كانت في العقد السادس من عمرها، تحدّثت مع الشاب وأخبرته أنّها فقدت زوجها وحفيدتها تحت الأنقاض، ونجت هي وابنتها فقط لكنّها أصيبت بكسور شديدة ستمكث على إثرها فترة داخل المستشفى.

في الساعات التي قضاها سليمان داخل أروقة المركز، تابع أنّ المركز لم يستقبل إلّا الحالات المصابة بإصابات خطيرة وحرجة، والتي هي تقدر بالمئات، وبالتالي تواجه الأطقم الطبية صعوبة بالغة في التعامل مع هذا الأمر، في ظل العدد الهائل والكبير من الحالات الحرجة جراء الزلزال، حتى أنّ الحالات من أصحاب الأمراض الأخرى التي كانت بالمستشفى قبل الزلزال وهرعت خارجها أثناء الهزة مثل مرضى القلب والسكر وغيرهما، بعض هؤلاء كان ينتظر إجراء جراحات بعد ساعات فقط لكنّ الأمر بات صعبًا الآن وعليهم الانتظار حتى الانتهاء من مداواة جرحى الزلزال.

المشاهد لم تكن جميعها مؤلمة بالرغم من الفاجعة الكبرى، لكن وبعد الكارثة تجمع المئات ما بين مغاربة وأجانب على أبواب المستشفيات يقدمون المساعدة ويد العون للفرق الطبية أو المصابين وذويهم، بل وهموا بالإسراع في التبرع بالدم خاصة بعد الاستغاثات التي أُطلقت عقب الكارثة على مواقع التواصل الاجتماعي، كذلك حضر العديد من المتطوعين إلى المركز الطبي يحملون الطعام والشراب لعائلات المصابين الذين يفترشون الأرض أمامه في انتظار الاطمئنان على ذويهم.

أكثر المتضررين كانوا من سكان المدينة العتيقة خاصة وأنّ منازلها كانت قديمة وعلى وشك السقوط، لذا كان الضرر بها أكبر بكثير من مراكش ذاتها ، المدن التي كانت الأكثر تضررًا بالزلزال أغلبها مناطق جبلية لذا مع الانهيارات الأرضية تناثرت الصخور في كل مكان أغلق بعضها الطرق، لذا لم تتمكن جميع المساعدات من الوصول إلى المتضررين البعض وصل إلى مناطق وهناك أخرى تنتظر الإغاثات بعد، حسب ما سرده الصحفي المغربي سليمان بكباش.

وأعلنت وزارة الداخلية المغربية، السبت، أن 2012 شخصا على الأقل لقوا حتفهم، وأصيب 2059 آخرين، وهناك 1404 على الأقل في حالة حرجة جراء الزلزال الذي ضرب البلاد، الجمعة، وفقا للتلفزيون الرسمي المغربي.

وكانت المملكة المغربية قد أعلنت، في وقت سابق من السبت، الحداد الوطني لمدة 3 أيام، على أرواح ضحايا الزلزال مع تنكيس الأعلام فوق جميع المباني الحكومية، حسبما أوردت وكالة الأنباء المغربية الرسمية.

وضرب زلزال عنيف بلغت شدته 6.8 درجة المغرب ليلة الجمعة، و أجبر الزلزال العديد من السكان على قضاء الليل في الشوارع فيما قالت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية إنه أقوى زلزال يضرب هذا الجزء من شمال إفريقيا منذ أكثر من قرن.