-

شيخ الأزهر: على الإنسان اللجوء إلى الله تعالى

(اخر تعديل 2024-09-09 15:26:01 )
بواسطة


كتب- محمد قادوس:

قال شيخ الأزهر إن العلماء عادة ما يعرضون لدراسة الحق في مقابل الباطل، من باب معرفة الضد بضده، أو النقيض بنقيضه، لما لذلك من عمق في حياة المسلم، على مستوى التفكير والعمل أيضا، لأننا الآن محاطون بالباطل من كل الجهات، موضحا أنه إذا كان الحق هو الموجود، فالباطل هو المعدوم، ولذلك الذين يتمسكون بالباطل يتمسكون بمعدوم، ويجرون وراء سراب، وقد عرفه علماء الشريعة بأنه هو القول أو العمل الذي لا ينعقد شرعا ولا تترتب عليه أثار شرعية، وقد جاء الحق ضد الباطل كما ورد في قوله تعالى "قل جاء الحق وزهق الباطل"، فالباطل لا يتسيد إلا حين يغيب الحق، وإذا ظهر الحق ينتهي الباطل تلقائيا.

وأوضح فضيلته، في الحلقة السابعة والعشرون من برنامج "الإمام الطيب"، أن كثير من الناس يلبسون الحق بالباطل، بمعنى تزييف الحق وإظهار الباطل على أنه هو الحق، وخير مثال ما يحدث الآن من كبار السياسيين حينما يقولون أن من حق الكيان الصهيوني أن يدافع عن نفسه، وغيرها من المزاعم الباطلة، ويتركون الحديث عن إبادة شعب كامل وقتله في غزة، مضيفا أن ذلك يحدث في صورة اجتماعات متكررة، وتصويتات، ثم نرى الفيتو على الأرض وقلعة من السلاح تقف على الشواطئ، فكل هذا باطل، لكن له جنوده التي تدافع عنه، رغم معرفتهم أن هذا ليس بحق ولكن لا بد أن يقولو شيئا في تبرير ما يرتكبونه.

وردا على سؤال "ما هو حق الله على عباده؟"، أكد شيخ الأزهر أن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله أنهم إذا لقوه لا يشركون به شيئا، فحقهم عليه أن يدخلهم الجنة وألا يعذبهم، مصداقا لقوله صلى الله عليه و سلم، فيما ورد عن معاذ بن جبل " قال: كنتُ رديف النبيِّ ﷺ على حمارٍ فقال لي: يا معاذ، أتدري ما حقّ الله على العباد؟ وما حقّ العباد على الله؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنَّ حقَّ الله على العباد أن يعبدوه ولا يُشركوا به شيئًا، وحقَّ العباد على الله أن لا يُعذِّب مَن لا يُشرك به شيئًا"، فحق العباد على الله أن لا يعذبهم إذا عبدوه.

وأوضح فضيلته أن العبادة هنا لا يقصد بها الصلاة والزكاة وغيرها فحسب، ولكنها بمفهومها الواسع، فالكثيرون يظنون أنهم إذا صاموا وزكوا وصلو قد أدوا حق الله تعالى، وبعد ذلك في معاملاتهم وأخلاقهم يخضعون للشيطان وحظوظ النفس، وعدم احترام الآخرين، مع أن هذه هي معاصي القلوب، وليست معاصي الجوارح، فمعاصي القلوب مثل الكره والبغضاء والحسد يترتب عليها في الحياة العملية نتائج ماسة بالآخرين، أما معاصي الجوارح فقاصرة على فاعلها فالدين هو المعاملة.

وأضاف شيخ الأزهر أن للمسلم على أخيه المسلم حقوق، أوضحها حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "حق المسلم على المسلم ست، قيل: ما هن يا رسول الله؟ قال: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه"، فمن حقه إذا مرض أن يعده، حيث ورد عن نبينا صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى يوم القيامة: يا ابن آدم مرضت فلم تعدني، قال: كيف أعودك وأنت رب العالمين؟! أما علمتَ أنَّ عبدي فلانًا مرض فلم تعده، ولو عدتَه لوجدتني عنده؟ وهو هنا ينصح المسلم أنه اذا مرض أخيه أن يعده.

واختتم فضيلته بأن دعاء "اللهم آرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه و أرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه"، هو دعاء محوري في حياة المسلم وخاصة في أيامنا الحالية، ونحن نعلم ونصدق القرآن الكريم في قوله تعالى: "فماذا بعد الحق إلا الضلال"، ومن ثم على الإنسان أن يلتجئ إلى الله تعالى ليريه الحق حقا، لأنه لولا هذه المعونة الإلهية سوف يلتبس عليه الأمر، وبالتالي لا يعلم إذا كان ما يفعله حقا أم غير حق.