تيرميسوس: جوهرة أثرية في قلب الجبال
تقع مدينة تيرميسوس الأثرية في جنوب غرب تركيا، على قمم جبال أنطاليا، وهي تعد واحدة من الكنوز التاريخية التي لا تزال صامدة على مر العصور. ورغم الغزوات التي قادها الإسكندر الأكبر، إلا أن هذه المدينة الرائعة، التي تشبه "عش نسر" في أحضان الجبال، تواصل جذب الزوار الذين يبحثون عن تجربة فريدة وهادئة بعيدا عن صخب الحياة اليومية.
عزلة ساحرة وجوهرة أثرية منسية
تتمتع مدينة تيرميسوس بعزلة تجعلها مختلفة عن الكثير من المواقع السياحية المعروفة. وعلى الرغم من قربها من المنتجعات الجذابة في أنطاليا، إلا أن المدينة لا تزال تحتفظ بهدوئها وسحرها الخاص. هذه العزلة تمنح الزائرين فرصة نادرة لاستكشاف معالمها الأثرية بمفردهم، بعيداً عن الحشود، مما يتيح لهم الاستمتاع بسحرها التاريخي.
مشهد تاريخي رائع
تجمع تيرميسوس بين التاريخ العريق وجمال الطبيعة الخلابة. فالأضرحة الضخمة، خزانات المياه الجوفية، المعابد، والأسوار المهيبة، بالإضافة إلى المسرح الذي يرتفع عالياً ويطل على مناظر طبيعية تمتد لأميال، كلها تدعو الزوار للغوص في تاريخ المدينة وسط صمت الطبيعة الخلاب.
سهولة الوصول رغم الخلو
تتواجد تيرميسوس في قلب منطقة أنطاليا، ويمكن الوصول إليها بسهولة عبر منتزه جبل غولوك. يتطلب الدخول دفع رسم بسيط، وبعدها يمكن للزوار الصعود عبر طريق جبلي متعرج لمدة عشر دقائق، ليصلوا إلى ارتفاع يقارب 1000 متر فوق سطح البحر، حيث تبدأ مغامرتهم.
بوابة المدينة القديمة
عند دخول المدينة، سيواجه الزائر ما كان في السابق سوقاً مزدهراً يعج بالتجار والمواطنين. يبدأ السير في شارع المقابر المزخرف، الذي يضم توابيت قديمة تروي تاريخ المدينة وأحوال أثريائها، حيث يمكن رؤية بعض التوابيت المنحوتة بدقة بينما تآكلت أخرى بفعل الزمن والغزوات.
دليل حي على قوة الحصون القديمة
تُظهر أسوار المدينة السفلية قوة الدفاعات التي بُنيت في القرن الرابع أو الخامس قبل الميلاد. ورغم محاولات الإسكندر الأكبر اقتحام المدينة عام 333 قبل الميلاد، إلا أنه لم يتمكن من ذلك، مما جعل تيرميسوس تُلقب بـ"عش النسر".
صعود صعب
يتطلب الوصول إلى قلب تيرميسوس صعوداً على طرق وعرة، لذا ينصح الزوار بارتداء أحذية متينة وزيارة المكان في الصباح لتجنب حرارة الصيف، مع ضرورة إحضار كمية كافية من الماء.
حضارة "السوليم" المنسية
يُعرف سكان تيرميسوس باسم "السوليم"، وهم أحفاد حضارة اللوفيين التي انتشرت في تركيا. ورغم قلة المعلومات المتاحة عنهم، فإن أعمال التنقيب المخطط لها في صيف 2025 قد تساهم في كشف أسرار جديدة حول تاريخ المدينة وهياكلها المائية ومعابدها.
عبقرية الموقع الاستراتيجي
اختار السوليم موقع تيرميسوس بذكاء، حيث ساعد ارتفاعها في تسهيل عملية الدفاع عنها، كما منحها موقعها على طريق تجاري رئيسي ثراءً كبيراً. وقد تمكن الرومان لاحقاً من السيطرة عليها بأساليب سياسية ومنحها استقلالاً تحت "الحماية الرومانية".
صالة الألعاب الرياضية
توفر أطلال صالة الألعاب الرياضية لمحة عن نمط حياة متطور، حيث كانت تحتوي على مبنى متعدد الطوابق مع حمامات وقاعات تدريب للمصارعة. وقد تدرب محاربو تيرميسوس في هذه الصالة قبل أن تتعرض المدينة للدمار، على الأرجح بسبب زلزال في القرن الرابع أو الخامس الميلادي.
خزانات مياه ضخمة وصهاريج تحت الأرض
تُعتبر الخزانات الجوفية متعددة الحجرات من أبرز إنجازات المدينة، إذ كانت تستوعب ما يصل إلى 1500 طن من الماء، مما جعل هذا النظام المائي شريان الحياة لمدينة محاطة بالجبال.
شارع النخبة ومقر الحكم
تحتوي المدينة على بقايا دار التجمع "البوليتيريون" وشارع بأعمدة كان يضم أرقى المتاجر والمحال الفاخرة، شبيهاً بـ"الشانزليزيه". هنا، كان الأثرياء يشترون أفخر المنتجات من مختلف أنحاء المتوسط.
ليلى الحلقة 41