حرب غزة.. هل يستطيع تقدم إسرائيل التكنولوجي
كتبت- سلمى سمير
تدخل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة شهرها السادس، بشكل مختلف تمامًا عن الأشهر الماضية، بتأثير مستجدات القتال على الأرض على موازين القوى شيئًا فشئ، تلك المستجدات التي جاء أبرزها نقص عدد جنود الجيش الإسرائيلي.
برزت المشكلة بشكل جلي خلال مناقشة مسألة تمديد مدة خدمة جنود الاحتياط الذين تم استدعائهم في بداية الحرب لوقت إضافي، بسبب الأزمة التي يعاني منها الجيش حاليا نتيجة الدفع بقواته جنوبًا في غزة وشمالًا على الحدود مع لبنان، وتأكيد على إن التقدم التكنولوجي لإسرائيل لن يشفع لها للفوز بحرب دون عدد كاف من القوات.
انهيار الوهم
جاء التأكيد على لسان زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، خلال انعقاد جلسة الكنيست الإسرائيلي، قائلًا: " أسطورة امتلاك إسرائيل لجيش صغير ذكي بتكنولوجيا متطورة يستطيع التغلب على إشكالية نقص القوات العسكرية انهارت بشكل كامل كما انهار الجدار العازل في الـ7 من أكتوبر أمام حماس".
وأكمل زعيم حزب "يش عتيد" كلمته خلال مناقشة مسألة تجنيد يهود الحريديم في جيش الاحتلال الإسرائيلي، بمطالبته بالتعجيل في زيادة عدد جنود الجيش بشكل كبير، مشيرًا في الوقت ذاته لعدم امتلاك المؤسسة العسكرية في إسرائيل أدنى فكرة عن تدبير هذه الأعداد.
وفي سبيل حفاظها على قوامة الجيش من حيث الجنود خاضت إسرائيل لأكثر من 20 عامًا حروبًا وعمليات عسكرية عن بعد، ارتكزت فيها بشكل أساسي على عمليات جوية تشن فيها الغارات باستخدام القنابل الموجهة وغير الموجهة من أجل إبادة أهدافها، وهو سلاح لن يكون دائم الفعالية في جميع البيئات كما قطاع غزة، وذلك حسبما ذكرت صحيفة "لو موند" الفرنسية.
عدد قوات الجيش الإسرائيلي
ويُضاف إلى الاعتبارات السابقة، الحرب البرية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على غزة في الوقت الحالي، وهي الحرب التي لم يكن لها مثيل في أي وقت سابق، والتي دفعت فيها إسرائيل بشكل فعلي بجنودها إلى ساحة القتال في مواجهة مباشرة مع المقاومة الفلسطينية، التي تذيع بشكل يومي فيديوهات اقتناصهم من أعلى الدبابات وداخل المنازل والكمائن المحكمة التي يصاب ويقتل فيها العشرات كل يوم، منذ وطأت أقدام القوات الإسرائيلية أرض غزة.
ويبلغ عدد أفراد الجيش الإسرائيلي في الفترة الحالية 169 ألف شخص، بينهم 126 ألفًا في قوات المشاة والبقية في القوات الجوية والبحرية، حسب تقرير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية "آي آي إس إس".
ورغم تخطي عدد الحاملين للجنسية الإسرائيلية عتبة الـ9 ملايين شخص، إلا أن الكيان لا يستطيع مع ذلك تكوين جيش قوامه مليون شخص مثل الصين والهند، وذلك حسبما ذكر ضابط سابق في سلاح الجو الهندي أوتام كومار ديفناث لوكالة "سبوتنيك" الروسية، والذي قال إن الجيش الإسرائيلي رغم تقدمه التكنولوجي لكنه لا يخلو من نقاط الضعف، لذلك يعتمد بشكل كامل على جنود الاحتياط الذين استدعاهم في بداية الحرب ويبلغ عددهم 400 ألف شخص.
يشغل جنود الاحتياط أكثر من نصف سعة الجيش الإسرائيلي حسب ديفناث الذي حذر من عدم تمتعهم بأي لياقة أو تدريب عسكري تمكنهم من فهم تكتيكات أرض المعركة أو التصدي لها، بقوله "إن جنود الاحتياط ليسوا إلا أشخاصًا عاديين خضعوا للخدمة الإلزامية من أجل استئناف حياة مدنية عادية".
الحروب الخاطفة
" الحروب الخاطفة" جاء استخدام هذا المصطلح على لسان الفريق سعد الدين الشاذلي خلال حوار سابق له كشف فيه عن استراتيجية يستخدمها الجيش الإسرائيلي خلال حروبه، والتي لا يستطيع فيها خوض حرب مكتملة الأركان يطول بها الأمد، قائلًا: "الجيش الإسرائيلي في جميع حروبه السابقة دائمًا ما شن حروبًا سريعة تنتهي خلال 4 أو 6 أسابيع بالأكثر".
في فترة 2009 حيث أجرى الشاذلي مقابلته، كانت إسرائيل تعبئ الجيش في حروبها بنسبة تقدر بـ 18% من الشعب الإسرائيلي، من أجل خوض غمار الحرب، وهي نسبة وصفها الشاذلي حينها بـ "الكبيرة للغاية"، نظرًا لشلل تام تشهده الحالة الاقتصادية في البلاد في تلك الفترة، وهو ما يوقع الكيان في "مقتلان" لا يمكن حلهما وهم قلة عدد الجنود والحروب طويلة الأمد.