أغرب القضايا.. سر ورقة برأت طبيبة من قتل طفلة
كتب- محمود سعيد:
لم تتحمل الطبيبة "منار. ا" بضع كلمات معسولة من أحد مرضاها في عيادة بأحد الأماكن الراقية بالتجمع، نسج خيوطه حولها بوسامته، سقطت في شباكه دون أن تدري شيئًا عن ماضيه الذي سيوصلها لحبل المشنقة قبل أن تُنقذها ورقة.
كان الشاب عاطلًا يستدرج النساء الحسناوات يعيش على أموالهن، في البداية تعرَّف على ابنة تاجر كبير، أوهمها بحبه فوافقت على الزواج، اتخذه التاجر ابنًا وأسكنه بشقة فاخرة، وأغدق عليه الأموال ليعيشا في سعادة.
داهمت التاجر أزمة مالية عاصفة، أشهر إفلاسه على أثرها، فكشف زوج ابنته عن وجهه القبيح، نفض يده من رعايتها وطلقها ثم أخذ طفلتهما الوحيدة تاركًا طليقته وحيدة مُفلسة تعاني الوحدة والألم.
لم يطل قطار بحث الشاب عن فريسة جديدة فكانت الطبيبة ثاني ضحاياه، حسبما يحكي المستشار بهاء أبو شقة في كتابه "أغرب القضايا".
بمرور الأيام، علمت الطبيبة أنها عاقر، تملكتها الغيرة من طفلة زوجها وكثرة حديث الأخير عن جمال والدتها، عاملت الطفلة بخشونة، منعت الصغيرة من الاتصال بأمها ومنعتها من الخروج واستخدام الهاتف.
امتدت مخاوف الزوجة إلى شريك حياتها، ساورها الشك تجاهه، ضيقته عليه عيشته، وراقبته حتى ضاق بتصرفاتها.
قبل واقعة العثور على الجثة، ضربت زوجة الأب ابنة ضرتها ضربًا مبرحًا ومع ارتفاع صرخاتها هرول الجيران وأنقذوها، حينها قالت الصغيرة إن زوجة أبيها تهددها بالكي بالنار والموت، رُغم ذلك لم يوبخها زوجها بل ألزم ابنته بتنفيذ أوامرها.
ذات مساء كانت البرودة تُخيم على الأجواء، غادرت الطبيبة المستشفى إلى منزلها، حيث نادت على الطفلة فلم تُجب، فتحت باب الغرفة، فأُصيبت بالصدمة، الطفلة ملقاة على الأرض وهي جثة هامدة مُتفحمة بالكامل، فصرخت مُستغيثة بالجيران.
بيَّن تقرير الأدلة الجنائية أن هناك آثارًا لمادة البنزين وأن النيران شوهت معالم الجثمان، حينها حضر الزوج وبكى منتحبًا بعد خسارته ابنته الوحيدة متهمًا زوجته الثانية بقتل ابنته وحرقها.
حامت الشبهات حول زوجة الأب بعد شهادة الزوج والجيران، فتم القبض عليها وإحالتها للمحاكمة بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وعاقبتها الجنايات بالإعدام رغم نفيها المُتكرر قتل الطفلة.
في مرحلة النقض، تولى المستشار بهاء أبو شقة الدفاع عن المتهمة والتي وصف أحداثها بأنها لغزًا محيرًا تُحار في فك رموزه العقول.
أمعن المستشار "أبو شقة" في قراءة وتحليل ورقة حوت تقرير "الصفة التشريحية" واستوقف نظره أنه بالكشف الظاهري على الجثة تبين أنها لفتى في الـ12 من العمر، ولأن الجثة كانت متفحمة فلم يستطع الطبيب الشرعي تحديد كيفية الاعتداء الذي وقع على المجني عليها والآلة المستخدمة في الاعتداء ومواضعه بجسد المجني عليها، وأثبت أن الحروق بالجثة غير حيوية، أي أن الوفاة قد حدثث أولًا ثم أُحرقت.
قدَّم الدفاع مذكرة الطعن مستندًا إلى الحكم بالخطأ في الإسناد، إذ أن أوراق الدعوى بينت أن الجثة لابنة المتوفى في حين أن الجثة التي جرى تشريحها كانت جثة فتى "ولد" كما أن الفتاة تبلغ 7 سنوات، والجثة لفتى يبلغ من العمر 12 سنة.
وقضت محكمة النقض بقبول الطعن وإلغاء حكم الإعدام وإعادة محاكمة المتهمة أمام دائرة أخرى.
وفي محكمة الإعادة، ناقش الدفاع الطبيب الشرعي الذي أكد أن التشريح لفتى يبلغ من العمر 12 سنة وليست طفلة الزوج البالغة من العمر 7 سنوات، وعليه قضت المحكمة ببراءة الطبيب من الاتهامات المنسوبة إليها.