-

"استهانة بقدرات حماس".. تحقيق إسرائيلي جديد

(اخر تعديل 2024-09-09 15:26:01 )
بواسطة

كتبت- أسماء البتاكوشي

نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تحقيقًا بشأن الفشل الاستخباراتي في الـ 7 من أكتوبر الماضي، كشف أن الجيش الإسرائيلي كان قد قلص عددًا من الأقسام والوحدات على حدود غزة قبل الأحداث، ولم يتبقَ سوى وحدة ذات موارد قليلة يديرها 3 ضباط.

ونقلت الصحيفة عن ضابط إسرائيلي كبير قوله إن الضباط كانوا يشعرون بأن ثمة استهانة بحركة المقاومة الإسلامية "حماس" من قبل المسؤولين الإسرائيليين، مشيرًا إلى أن سبب الفشل الاستخباراتي كان الاعتقاد أن الجدار تحت الأرض سلب الحركة قدرتها على اجتياح مناطق إسرائيلية.

وتواصلت صحيفة "هآرتس" مع جندي إسرائيلي، قال لها إنه بعد منتصف الليل بقليل في الـ 6 من أكتوبر الماضي، اقتحم جندي من المخابرات العسكرية غرفة العمليات، ونادى باسم "علي القاضي" وهو ناشط في القسام من منطقة جباليا، وكان هو ومقاتلين آخرين يتصرفون بطريقة أثارت الشكوك في الشهر الذي سبق الهجوم، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء ضده، لتنتشر معلومات عن تسلل، حتى وصلت إلى مكتب ضابط المخابرات في شعبة غزة.

بعد 8 ساعات، عندما حوصروا داخل غرفة العمليات - تم تعطيل معظم كاميرات المراقبة وكان مقاتلو حماس خارج الباب مباشرة - رأوا "القاضي" على الشاشة، من الكاميرا الوحيدة التي كانت لا تزال تعمل، كان يقود عشرات المقاتلين إلى معبر إيريز بين غزة وإسرائيل، دون مواجهة أي مقاومة، بحسب مصادر تواصلت مع الصحيفة العبرية.

ويستند التحقيق الذي أجرته هآرتس إلى محادثات عديدة مع مجموعة من المصادر في الجيش والمؤسسة الأمنية في سابقين وحاليين بما في ذلك مسؤولين كبار في الجيش، إذ يرسم صورة مقنعة لفشل المخابرات في 7 أكتوبر، ولعمى إسرائيل عما كان يحدث في غزة.

تشكل النتائج الرئيسية المعروضة، وفق مصادر بارزة في جيش الاحتلال الإسرائيلي، جوهر التحقيق المستمر للجيش في فشل المخابرات، فإنه يشمل الإخفاقات في قطاع الأمن بأكمله، سواء في جهاز أمن الشاباك أو الجيش الإسرائيلي، إذ استند إلى تغيير كبير في التصور بأنه لا توجد فرصة لأن تتمكن حماس من القيام بهجوم بري على إسرائيل، وأن القدرة الرئيسية للجماعة تتمثل في إطلاق صواريخ بعيدة المدى.

كما يتطرق إلى حقيقة أنه وفقًا للعديد من القادة، بعد حرب غزة في عام 2021، تقرر التوقف عن جمع المعلومات الاستخباراتية حول المجموعة التكتيكية لحماس والرتب المتوسطة من ذراعها العسكري، والتركيز على عدد قليل من الأفراد المختارين، ونتيجة لذلك، تم تحويل موارد جمع المعلومات الاستخبارية لمواجهة خطر الصواريخ، وأبعدوا أعينهم عن أفراد حماس.

يقول أحد المصادر: "لم يكن هناك خوف بشأن احتمال التسلل إلى المستوطنات الإسرائيلية أو الهجوم"، إذ يظهر التحقيق أن هذا كان اعتقادًا أعمى ومطلقًا، وأن أي آراء معارضة - من المخابرات العسكرية في القيادة الجنوبية وفرقة غزة إلى منتدى الأركان العامة - تم إسكاتها.

كما خلص التحقيق إلى أن جيش الاحتلال خفض تشكيلات الأقسام والوحدات، تاركًا في النهاية وحدة واحدة فقط مع الحد الأدنى من الموارد و3 ضباط، حتى تتعقب عدد قليل من كبار عناصر حماس - وليس أكثر من ذلك.

ويقول ضابط على دراية جيدة بالموضوع لصحيفة هآرتس العبرية، إنه كان هناك شعور بالازدراء من الرتب العليا في المجالين العسكري والسياسي، فلم يرغب أحد في سماع رأي هؤلاء الضباط الثلاثة أيضًا، وبالتأكيد ليس عندما حاولوا طرح أسماء لم تكن مدرجة في ورقة مهمتهم المحدودة، كـ "علي القاضي".

وبحسب ضابط في الاحتياط، فإنه يقول "لو تصرفوا ضد القاضي، لكان هذا قد منع هجوم حماس"، موضحًا أن الهجوم يجسد التصور الكامل، والغطرسة، ومعارك الأنا في جيش الاحتلال، وفي جناح المخابرات والقيادة الجنوبية بشكل خاص".

"المناورة على الأرض في غزة كان مستبعدًا"، وفق ما قاله ضابط سابق في جيش الاحتلال، الذي أوضح أن الجيش، كان يركز على تحديد أهداف الصواريخ بعيدة المدى، فضلًا عن أن المعلومات الاستخباراتية على المستوى التكتيكي لحماس، بشأن قوتها العسكرية وقدراتها انخفضت بشكل كبير ووصلت إلى الصفر تقريبًا، فإن الجيش دخل في 7 أكتوبر "بنفس المعلومات الاستخباراتية التي كانت لديه في حرب غزة 2021، فقبل التوغل البري، لم تكن هناك معلومات استخباراتية ذات صلة بقوات المقاومة على المستوى التكتيكي في الميدان ".

هذا كان سبب تأجيل المناورة البرية، كما يقول ضابط مخابرات يتعامل مع قطاع غزة: "كان من الواضح للجميع أنه مع وجود المخابرات الحالية، لم يكن من الممكن إدخال القوات إلى غزة دون تعريض الجنود و والأسرى للخطر، فقد كان من الضروري الانتظار من أجل إنتاج صورة استخباراتية عالية الجودة والقدرة على بناء خطط تشغيلية ذات صلة".

وأثبتت الأسابيع الأولى من الحرب، التي كانت حماس تطلق خلالها مئات الصواريخ على إسرائيل بشكل يومي، والعديد منها في وسط البلاد، أنه حتى التركيز على إطلاق الصواريخ لم يحقق النتائج المتوقعة، إذ يقول ضابط يخدم في قسم غزة: "في الوقت الفعلي، كان الجميع يعلم أننا لم نتمكن حقًا من الحصول على معلومات استخبارية جيدة عن الصواريخ".

"قبل الحرب وقبل المناورة البرية، لم يكونوا يعرفون حقًا مستوى قدرات حماس في الميدان، ولم يكن معروفًا مكان الصواريخ وأين زرعوا جميع قاذفات الصواريخ، ووفقا للضابط، لم يكن هناك كيان واحد في جيش الاحتلال والشاباك يعرف مدى اتساع قدرة حماس على إنتاج الصواريخ.

ويضيف الضابط أن العديد من قدرات حماس لم يتم الكشف عنها إلا من خلال العملية البرية، وهذا ما أوقف عمليات الإطلاق "وليس ضربات القوات الجوية وليس الوحدة متعددة الأبعاد التي تم بناؤها في سنوات كوتشافي، واليوم، يدرك الجميع أن قرار التركيز على خلق معلومات استخبارية وأهداف للصواريخ قد فشل ".

لكن سلسلة الإخفاقات لا تتوقف هنا، يقول الضابط: "حتى قرار التركيز على جمع المعلومات الاستخبارية عن عدد قليل فقط من كبار مسؤولي حماس كان فاشلاً"، مشيرًا إلى أنه بعد أكثر من 7 أشهر من الحرب، لا يزال أغلبهم على قيد الحياة.

وعلاوة على ذلك، يقوم الجيش الآن بما لم يفعله حينها: "اليوم، يبحث جيش الاحتلال عن كل قصاصة من المعلومات لكل قائد في حماس، وإذا وصلوا إلى أحد هؤلاء، بالطبع سيكون هناك احتفالًا كاملًا في وسائل الإعلام، ففجأة أصبحوا شخصيات بارزة مسؤولة عن التسلل، حتى 7 أكتوبر، لم يرغب أحد في سماع مناشدة الضباط، حسب ما نقلته الصحيفة العبرية نقلًا عن ضابط المخابرات.