أطفال غزة.. ما بين الموت وفقدان العائلة والهوية
كتب- محمود الطوخي:
لم يقتصر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المحاصر على عناصر المقاومة وحدهم، لكن القصف الأعمى طال أسرا كاملة فسُجلت أسماؤها في قوائم الشهداء، تاركين في بعض الحالات أطفالهم الرضّع "مجهولو الهوية"، كحال الطفل فايز الكفارنة الذي ظهر في مقطع فيديو مغمض العينين بخدوش عكّرت صفو وجهه بعدما انتشله المسعفون من بين ركام منزل أسرته بمنطقة جباليا بشمال غزة.
تتزاحم العدسات من حوله لالتقاط صور له؛ عسي تقود من تبقى من أهله ويهتدون إليه، الطفل فايز لم يتخط عمره شهرين ولكنه لم يسلم من قصف جيش الاحتلال الصهيوني كغيره من الأطفال والنساء الذين مثلوا 60% من الشهداء البالغ عددهم أكثر من 1400 في العدوان المتواصل منذ 6 أيام على مدن غزة، وفق بيان وزارة الصحة الفلسطينية، فقضي والده وأشقاؤه وأبناء عمومته، بينما أُصيبت والدته بجروح في الرأس نقلت على إثرها إلى أحد المستشفيات بالقطاع، فيما اصطحبه المسعفون إلى مستشفى آخر ليكون "مجهول الهوية".
جاء فايز مع أسرته إلى جباليا هرباً من القصف الإسرائيلي الكثيف على منطقة بيت حانون حيث منزلهم الأصلي، باعتبارها أكثر أمانا لكنها في النهاية لم تكن بعيدة بما يكفي للنجاة، فانهار المنزل عليهم إثر قذيفة أصابته مباشرة وفيما كُتبت له النجاة مع والدته فقد كلاهما الآخر.
"مجهول الهوية" هكذا أطلق المسعفون على الطفل فايز بعد أن عثروا عليه أمس الأربعاء، لمّا عجزوا عن التوصل إلى أي إثبات عن نسبه، ويقرروا بعدها نشر صورته على الصفحة الرسمية لوزارة الصحة الفلسطينية وبعض المواقع الإعلامية؛ أملا في التوصل إلى أحد أقاربه أو من يتعرفون عليه.
بعد ساعات قليلة كانت البشرى، استطاع عمه التعرف إليه وهرع إلى حيثما يكون ابن أخيه في مجمع الشفاء الطبي ليتسلمه، والفرحة (وفق التعبير في بيان وزارة الصحة الفلسطينية) تغمره بعدما اطمأن على سلامة الطفل الرضيع وتأكد من أنه ليس ضمن 326 طفلا استشهدوا خلال الأحداث الجارية في قطاع غزة المحاصر حتى أمس الأول الأربعاء، وربما يصطحبه إلى مستشفى الإندونيسي حيث ترقد والدته حاليا؛ ليكون عزاء لها في من فقدتهم من باقي أفراد أسرتها.