العادم القاتل.. كيف أنقذت مكالمة أسرة كاملة في
الشرقية - مصراوي:
أنقذت العناية الإلهية اسرة كاملة قوامها زوجين وثلاثة أطفال وسيدة عجوز من الموت مختنقين داخل منزل الأسرة الكائن في عزبة العويضة التابعة لقرية ميت حبيب وسط مركز بلبيس جنوب محافظة الشرقية؛ بعدما استنشق الجميع انبعاثات كربونية.
الواقعة التي جرت فجر الجمعة، بدأت تفاصيلها حين عاد رب الأسرة المدعو "أشرف" صاحب الأعوام التي تناهز الأربعين ربيعًا إلى منزله (سائق توك توك)، بيد أن عودته في تلك الليلة على ما يبدو لم يكن يصحابها إرهاقه هو فقط؛ إذ كانت ماكينة التوك توك تئن هي الأخرى و"شكمانها" يُزمجر في وقته الأخير.
عاد الرجل وانفرد بمركبته الخربة في فناء منزله يحاول جاهدًا إصلاح العطل الذي أصابها، ولوهلة ظن أنه نجح في الأمر ليترك المركبة على حالها وموتورها دائرًا لكي يتأكد من تمام إصلاحها، بيد أنه تركها وخلد وأهل بيته إلى النوم.
تسربت رائحة العوادم الكربونية المنبعثة من المركبة لتُصيب الجميع بحالات اختناق فشلت رئاتهم جميعًا عن تحملها، ليتبدل صمت البيت من النوم إلى الصراخ ومنازعة الموت في طرفة عين، قبل أن يتمكن "أشرف" من الزحف حتى أمسك هاتفه وضغط على الأرقام الثلاثة ليُبلغ الإسعاف ويسقط إلى جوار هاتفه قبل أن يُنهي بلاغه.
في غضون دقائق بالكاد لامست عدد أصابع اليد الواحدة حضر رجال الإسعاف، وكان عددهم ستة أشخاص تأكيدًا لما التقطوه من شفاه صاحب البلاغ الذي كان ينازع الموت، وحين دلف المُسعفون إلى المنزل الذي كان واضحًا بضوضاء ماكينة التوك توك رغم انسدال أستار الظلام على منازل القرية، كان المشهد مؤلما؛ إذ كانت الأسرة جميعها مطروحة أرضًا وعلى فراش النوم وكأنها جثث تنتظر أن تلفظ أنفاسها الأخيرة لتفارق الحياة.
استعان رجال الإسعاف بخبرات السنين وهم يُحضرون أسطوانات الأكسجين ويفرغ الجميع ما تعلمه وعاشه من حالات طارئة تجاه الأسرة، وخلال دقائق كانت عربات الإسعاف الأخرى (الدعم) قد حضر وتم تزويد الجميع بالأكسجين اللازم لتستعيد رئة كلٍ منهم قدرتها على استقبال الهواء النقي ومجاهدة ما تعانيه من اختناق مميت.
في ظرف دقائق شقت أضواء عربات الإسعاف ظلام القرية في طريقها إلى مستشفى بلبيس المركزي، وهناك تم استكمال الإجراءات الطبية ليُكلل مجهود رجال الإسعاف بالنجاح ويكتب الله النجاة والسلامة للأسرة وأفرادها الذين استعادوا وعيهم في غضون سويعات قليلة.
الملحمة التي جت كان أبطالها من رجال الإسعاف هم: السائقين تامر محمد علي وجمال محمد عبدالجليل، والمُسعفين شعبان محمد إسماعيل ووليد عبد العزيز سلامة، الذين لاقوا إشادة واسعة من جانب الدكتور عمرو رشيد رئيس مجلس إدارة هيئة الإسعاف المصرية، والذي أكد خلال تصريحاتٍ له، اليوم السبت، على متابعته بكل تقديرٍ واعتزاز تفاصيل تلك الملحمة واطمئنانه على تعافي كافة أفراد الأسرة، قبل أن يؤكد على فخره بالسائقين والمُسعفين ومتلقي الاستغاثة الهاتفية "رضا سليم محمد" ومسؤول القيادة وإدارة الحدث "هيثم كمال المسلمي" والمسعف "وحيد محمد قطب" (أول من تمكن من الوصول إلى مصدر الاستغاثة).