-

حوار- رئيس "الصحة النفسية": اتصالات من غزة لطلب

حوار- رئيس
(اخر تعديل 2024-09-09 15:26:01 )
بواسطة

حوار– أحمد جمعة:

تصوير - نادر نبيل:

كشفت الدكتورة مني عبدالمقصود، الأمين العام للأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان بوزارة الصحة، عن تفاصيل المبادرة الجديدة للصحة النفسية، والتي تنقسم إلى ثلاثة مبادرات فرعية تشمل: الاكتشاف المبكر لاضطرابات طيف التوحد، ومكافحة الاستخدام المفرط للإنترنت والألعاب الإلكترونية، ومكافحة وعلاج الإدمان.

وقالت "عبدالمقصود" في حوار لمصراوي، إن الأمانة شكلت فرقًا للدعم النفسي للمصابين القادمين من قطاع غزة للعلاج في المستشفيات المصرية، وكذلك لدعم الفرق الطبية القائمة على علاجهم، في حين استقبل الخط الساخن للاستشارات النفسية عددًا من الاتصالات من داخل القطاع لطلب الدعم النفسي.. وإلى نص الحوار:

* في البداية.. ماذا قدمتم في ملف الدعم النفسي لمصابي غزة؟

الخط الساخن للاستشارات النفسية "16328" الذي يعمل على مدار اليوم منذ 2020 وقت ذروة جائحة كورونا، تم تجهيزه للعمل طوال الـ 24 ساعة لتلقي استفسارات المواطنين والتعامل مع الأزمات النفسية التي يعانون منها، ويستقبل المكالمات من كافة أنحاء الجمهورية، وفي أثناء الحرب على غزة تم تجهيزه لاستقبال المكالمات من فلسطين، ويقدم الدعم النفسي لمن يحتاجون إليه، وبالفعل تلقينا اتصالات من داخل غزة.

أما عن الدعم النفسي للمصابين القادمين من غزة، حيث بدأنا منذ نوفمبر الماضي في تقديم خدمات الدعم النفسي للأشقاء الذين وصلوا إلى مصر عبر معبر رفح ويعالجون في المستشفيات المصرية، وبدأنا في مستشفيات شمال سيناء بإرسال فرق متخصصة تظل لمدة 24 ساعة في كل المستشفيات التي تستقبل مرضى من غزة، وبالفعل لمسنا أنهم أضافوا فارقًا ليس مع المرضى فقط، بل أيضا مع الفرق الطبية والعاملين بتلك المستشفيات، التي يصل الكثير منهم لدرجة الإنهاك بسبب الصدمات التي يتعرضون لها من تعاملهم مع الناجين من الأحداث والأمر يكون في منتهى الصعوبة.

وهناك تجارب صعبة على الفلسطينيين والفرق الطبية وبالتالي وجود الدعم النفسي إلى جوارهم أضاف لهم، وكان هناك تحسن في الوضع النفسي والصحي لهم.

* هذا الشهر تمر 9 سنوات على افتتاح عيادات "واحة" للدعم النفسي.. ماذا قدمت؟

بالفعل احتفلنا خلال الأسبوع الماضي بمرور 9 أعوام على إنشاء عيادة واحة للتعامل مع الصدمات النفسية، والتي بدأت للأطفال ثم شملت خدمات الكبار، وتقدم خدماتها لأي شخص مصاب بصدمة نفسية أو تعرض لها بأن يحصل على علاج سلوكي ومعرفي أو علاج دوائي حال الاحتياج لذلك، لكن عملها الأساسي للعلاج السلوكي.

الكثير من الأشخاص ينتظمون على العلاج ويتعافون من الأزمة التي تمر عليهم، وتتواجد تلك العيادات في الكثير من المستشفيات ومنها: العباسية، وحلوان، والمعمورة، وأسيوط والمنيا.

* بذكر الحديث عن الاضطرابات النفسية.. ما وضع الصحة النفسية للمصريين الآن؟

الشيئ الجميل والمبشر في هذا الإطار أن ما ذكرناه منذ عدة سنوات بأن الاضطراب النفسي يشمل ربع المصريين في 2020 بعد جائحة كورونا، فهذه النسبة في انخفاض كبير خلال الفترة الأخيرة لأن الناس بدأت تتعرف على مشاكلها بشكل أكبر وتُعالجها بشكل أسرع وهذا أمر إيجابي.

* ما تفاصيل تفاصيل الجديدة للصحة النفسية، والتي تنقسم إلى ثلاثة مبادرات فرعية للمراهقين؟

منذ سنوات وتستهدف مبادرة 100 مليون صحة الأمراض الأكثر شيوعًا وتأثيرًا، ولم تحظ الصحة النفسية على مدار سنوات طويلة بالأهمية القصوى، وليس في مصر فقط بل على مستوى العالم، لكننا نفخر حالياً أن مصر تضع الصحة النفسية على أولويات أجندتها للصحة، لأن الصحة النفسية جزء مهم، ولن تكتمل الصحة العامة سوى باستقرار الصحة النفسية.

المبادرة بها أكثر من محور، لكننا بدأنا بثلاثة محاور نراها ضرورة ويجب لفت الانتباه لها لتوفير خدمات أكثر للفئات المستهدفة، وتشمل 3 مبادرات فرعية هي: الاكتشاف المبكر لاضطرابات طيف التوحد، ومكافحة الاستخدام المفرط للإنترنت والألعاب الإلكترونية، ومكافحة وعلاج الإدمان.

بدأنا بالفعل العمل على مبادرة التوحد لكن الدعاية لم تبدأ بعد، لكننا نستقبل بدأنا التسجيل الإحصائي للبيانات واستقبال المواطنين.

* لماذا وقع الاختيار على اضطراب طيف التوحد لتنفيذ مبادرة له؟

اضطراب التوحد من الاضطرابات "اللي مفروض تتلحق بدري"، وبالتالي الاكتشاف المبكر أمر جوهري في التدخل للعلاج، لأن الاكتشاف المتأخر وعند سن معين تكون نتائج التدخلات ليست أفضل شيئ، وبالتالي هذه كانت الفكرة.

استهدفنا إجراء تقييم للأطفال في مرحلة سنة ونصف بسؤال الأمهات اللاتي يذهبن إلى الوحدات الصحية بشكل دوري عن مهارات أطفالهن، وقد يكون الطفل مصابا باضطراب التوحد، وإذ تم الشك في إصابة الطفل بالتوحد، نعطي الأم بعض المهارات لتنفيذها لأن أحيانا هناك بعض الأمراض تتشابه أعراضها مع التوحد مثل الفقر البيئي، وعبر تلك الإرشادات يُحسن من الأعراض.

ثم يتم الاطمئنان عليه مرة أخرى عند بلوغه عامين وحال عدم وجود تحسن يتم إعطاء الأمهات تدريباً مكثفًا لمدة 3 أو 4 شهور في شكل مجموعات، ويتم تعليمها كيفية التعامل داخل البيت وطريقة تحسين مهارات الطفل سواءً اللفظي أو غير اللفظي.

* ما الإشارة الأولى التي قد تكتشف من خلاها الأمهات إصابة طفلها بالتوحد؟

التوحد قد يظهر من السنوات الأولى والأم منذ ولادة طفلها تلاحظ وجود مشكلة في التواصل البصري مع الأطفال أو عدم الانتباه لها، وقد تتخيل بعض الأمهات أن الطفل لا يسمعها، على الرغم من كون الطفل في الطبيعي يكون منتبهًا لأمه ويطمئن معها، لكن الطفل لا يكون عنده هذه المهارات أو تقليد الإشارات والحديث.

وهناك أطفال يولدون بشكل طبيعي، لكن مع بلوغهم عام ونصف تتراجع مهاراتهم مثل تراجع النطق أو الإشارات، وهنا تلاحظ الأم ذلك.

كما أن طفل التوحد لا يتحمل تغيير الروتين اليومي، كما أن تأخر اللغة والتواصل يكون الأكثر شائعًا في المرض وتلاحظها الأمهات بشكل أكبر.

* ما نسبة إصابة الأطفال بالتوحد؟

عالمياً هناك بعض الدراسات تتحدث عن إصابة 1% من الأطفال بالتوحد، وهناك دراسات أخرى تشير لـ 1 لكل 58 طفل، ودراسات أخرى تتحدث عن 1 لكل 36 طفل، وبالتالي فالأرقام كبيرة وليست منخفضة، لكن لدينا فرصة كبيرة لعلاج الأطفال في مراحل سنية مبكرة بتعلم الكثير من المهارات التي تساعدهم في حياتهم، وبالتالي كلما كان التدخل مبكراً كلما كان التحسن بشكل أفضل.

* ماذا ستقدم المبادرة للأطفال المصابين بطيف التوحد؟

في البداية سنقوم بمسح للأطفال، وتدريب الأهل وهو تدريب معتمد من منظمة الصحة العالمية والهدف منه تحسين مهارات الأولاد عند طريق أهلهم وهو من التدخلات المهمة، وثالثا حال عدم وجود تحسن بتلك الطرق سنبدأ إجراء اختبارات شديدة الدقة للوصول إلى تشخيص دقيق عن طريق أطباء نفسيين وتخاطب وأخصائين ثم وضع الخطة العلاجية التي تختلف من طفل لآخر حسب شدة الأعراض ومستوى تأهيل الأم.

بجانب أن الأطفال يعانون من اضطرابات مصاحبة، مثل الإصابة بالتوحد والاكتئاب أو التوحد والقلق، أو توحد وفرط حركة، وبالتالي حسب الاضطراب المصاحب سيتم وضع الخطة العلاجية، فهناك أدوية للاضطرابات المصاحبة التي ستساعد الطفل، أما التوحد ذاته فليس له أدوية علاجية، ولكن هناك أدوية معينة تساعد في السيطرة على الأعراض.

وبالتالي سيتم تقديم تلك الخدمات للطفل حسب تشخيصه، وتقديم العلاج مجانًا.

* ما تفاصيل المرحلة الأولى لتلك المبادرة؟

المرحلة الأولى ستكون في القاهرة، وتكون البداية بالوحدات الصحية التي تلجأ إليها الأمهات لحصول أطفالهن على التطعيم.

* هل الوحدات الصحية مؤهلة لاكتشاف التوحد؟

هذا ما نقوم به حالياً، عن طريق تأهيلهم، كما أن هناك استبيانات مقننة عالمياً وتستخدم في مصر، ومناسبة للبيئة المصرية، وبسيطة للغاية، وإذا رغبت الأمهات يمكنها أن تلجأ للمنصة الوطنية للصحة النفسية ستجدها متوفرة عبر أيقونة "اطمن على ابنك"، وهذا أحد الأدوات المستخدمة.

* وماذا عن مبادرة مكافحة الاستخدام المفرط للإنترنت والألعاب الإلكترونية؟

بعد فترة كورونا حدث استخدام مفرط للإنترنت خاصة في فئة المراهقين، نتيجة الاتجاه لسياسة الإغلاق، بما في ذلك توقف الدراسة، ونتيجة لذلك اتجه المراهقون إلى الألعاب الإليكترونية بشكل أكبر، ما نتج عنه ما يسمى الاستخدام الخاطئ للإنترنت والألعاب الإليكترونية، في حين اعتمدت منظمة الصحة العالمية مؤخرا مرض يسمى "اضطراب الألعاب الإليكترونية"، لأنه تظهر أعراض تشبه الإدمان، حيث يقضي الشخص أوقاتا طويلة تتعدى 8 ساعات أمام الإنترنت ولا يستطيع التوقف وهناك زيادة في عدد الساعات، وباتت متعته الوحيدة، وحال توقف هذه الألعاب قد يدخل في حالة هياج شديدة.

وهناك جزء مهم في هذه المبادرة وهو التوعية لأن الكثير من الأسر لا تعرف ذلك، بل أحيانًا تشجع بعض الأسر أطفالهم على الاستمرار أمام الإنترنت.

المرحلة الأولى يجري التحضير لها، بإعداد استبيان يتم نشره على المنصة الوطنية وكذلك وسائل الإعلام، حيث يتم سؤالهم عن معلوماتهم، ثم التوعية، ثم تنفيذ الاستبيان مجددًا لمعرفة مدى زيادة درجة الوعي بشأن خطورة إدمان الإنترنت وبالتالي هناك جزء وقائي مهم في تلك المبادرة.

* وماذا ستتصرفون إذا وصل أحد المراهقين إلى مرحلة إدمان الإنترنت؟

هناك استبيان سيكون متوفرًا على المنصة أكثر تخصصا وتظهر نتائجه مدى الحاجة لمساعدة متخصصة أو مجرد نصائح للتعامل والمساعدة.

وأكثر ما يقلق في فئة المراهقين هو الخوف من الاضطرابات المصاحبة، فكثير من المراهقين الذين يعانون من إدمان الإنترنت والألعاب الإليكترونية يعانون من القلق الإجتماعي والخوف من الاندماج مع البشر ويفضل التعامل من خلف شاشة سواءً موبايل أو لاب توب، ويعيش في حياة افتراضية لأنه لا يستطيع العيش في الحياة العادية، وبالتالي يتم تقييم حالته بشكل متخصص ويكون هناك معسكرات تساعدهم للتخلص من هذا المرض، وقد نصل لاحتياج أدوية أو الحجز في المستشفى اعتمادًا على تقييم الحالة.

* هل نسبة إدمان الإنترنت والألعاب الإليكترونية كبيرة في مصر؟

في المجمل سواءً البالغين والأطفال ليست نسبة كبيرة، لكن في فئة المراهقين تم إجراء دراسة في المدارس وكانت النسبة 20 بالمئة يستخدمون الإنترنت والألعاب الإليكترونية أكثر من 6 ساعات، وهذا رقم كبير للغاية، ويسمى سوء استخدام، والأمر يتزايد بشكل ملحوظ.

وبالتالي تبدأ مبادرة مكافحة الاستخدام المفرط للإنترنت والألعاب الإلكترونية بالتوعية في المقام الأول.

* وما تفاصيل المبادرة الثالثة لمكافحة وعلاج الإدمان؟

آخر بحث تم تنفيذه في 2021، أظهر أن نسبة إدمان المراهقين ترتفع، كما أن معلوماتهم عن المواد المخدرة تزيد، وبالتالي بات التدخل ضرورياً، لأننا نهتم بفئة المراهقين وتوعيتهم بالإدمان ومخاطره لأن تلك الفترة تمثل البوابة للدخول لمرحلة خطرة، وكافة الدراسات العالمية تؤكد أن الوقاية في هذا السن أكثر أمر مؤثر.