ارتفاع أسعار السجائر.. ما الذي تقوله فواتير
كتب - عبدالله عويس:
تدخل السجائر ضمن مزاج شعبي لملايين المواطنين في مصر، تقدر أعدادهم بنحو 18 مليونا، بحسب آخر إحصاء رسمي معلن. يعاني هؤلاء جميعا من ارتفاع متسارع في الأسعار، سواء بشكل رسمي أو غير رسمي. ارتفاع طاول السجائر الأجنبية والشعبية، وفيما يوجه الكثيرين أصابع الاتهام للتجار، يكون البائع الأخير، السبب في رأي المشتري.
يبيع محمد سيد ضمن ما يبيع سجائر مختلفة، ارتفعت أسعارها جميعا، ويدخل في جدال مع المشتريين حول تلك الزيادة التي ترتفع يوما بعد يوم، في مظلة غير رسمية، وفيما يخبر الرجل زبائنه بأن الزيادة ليست من عنده، يخبره المشترون بأن كل طرف يحيل الأزمة إلى طرف آخر، في ظل تصاعد للأسعار لا يتوقف.
«في كل يوم وربما مع كل علبة سجائر أبرئ ساحتي من تلك الزيادة، يسمع الناس في الإعلام أن التاجر هو السبب، لكن لست تاجرا مثلما يظن البعض» يشير محمد إلى سلسلة من المبيعات يكون فيها الطرف الأخير، إذ يسبقه تجار نصف جملة وتجار جملة ومندوبين للشركات التي تصنع السجائر وتطرحها للجمهور.
منذ شهور والشاب يشتري السجائر من تجار جملة، بأسعار تزيد على أسعارها الرسمية، وحين يستفسر عن السبب، يتم إخباره بأن المعروض قليل والطلب مرتفع بطبيعة الحال، وهو إذ يحرص على بقاء الزبون لديه، فإنه يشتريها بسعر مرتفع ثم يبيعها بهامش ربح قد يصل لـ10 جنيهات في العلبة الواحدة، تعويضا للنقص، وتعويضا للمكسب.
واحتلت أزمة ارتفاع السجائر، جزءا كبيرا من حديث القنوات والصحف ومواقع التواصل الاجتماعي خلال الفترة الأخيرة، ليصرح إبراهيم إمبابي، رئيس شعبة السجائر باتحاد الصناعات، أن تخزين بعض التجار للسجائر، جعل مكسبهم يصل إلى 100 مليار جنيه بسبب تلك الزيادة غير الرسمية، مطالبا البرلمان لمناقشة الأمر والموافقة على تعديل ضريبة السجائر.
كانت آخر زيادة رسمية في أسعار سجائر الشرقية للدخان، التي تشمل كليوباترا، في مارس الماضي، وصلت العبوة إلى 24 جنيها آنذاك، لكن سعر سجائر كليوباترا وصل إلى 55 جنيها للعلبة، وتصل إلى 60 جنيها. وفي ذلك يقول هاني أمان الرئيس التنفيذي للشركة الشرقية للدخان إن الشركة تضخ بمعدلات إنتاج وفقا للحصة السوقية والاستهلاك اليومي، لكن الممارسة الاحتكارية السبب فيما يحدث من زيادات.
لكن الأزمة لا تتوقف عند سجائر كليوباترا، بل تمتد إلى باقي أنواع السجائر. في يوليو الماضي، أعلنت شركة "فيليب موريس" زيادة أسعار منتجاتها في مصر، بزيادة تقع بين 3 و5 جنيهات، متضمنة سجائر ميريت ومارلبورو وإل آن إم، لتصبح أسعارها الرسمية، لعلبة مارلبورو كرافتد بكافة أنواعها 49 جنيها، بعدما كانت بـ44 جنيها، وسعر علبة مارلبورو بـ59 جنيها بعدما كانت بـ54 جنيها، أما سجائر إل آند إم أبيض وأزرق وأحمر فارتفعت إلى 42 جنيها بعدما كانت بـ39 جنيها.
وهذه الأسعار الجديدة التي أعلنت عنها الشركة في الشهر الماضي، كانت أقل مما تباع به السجائر في السوق، لكن بعد الزيادة ارتفعت بشكل أكبر بشكل غير رسمي. أحد باعة السجائر، أوضح أن السجائر التي بات يحصل عليها أقل من المعتاد، ليبحث عنها لدى تجار الجملة، بعيدا عن حصته من الشركة، وهو في تلك الحالة يشتريها بسعر أعلى «المعروض قليل، فأشتري من التجار بسعر مرتفع وأبيعها بأسعار أغلى لتحقيق لربح».
يخرج البائع فاتورتين من عنده، مقارنا الأسعار الرسمية بغير الرسمية، في الفاتورة الرسمية، التي حصل عليها من الشركة، كان سعر خرطوشة إل آند إم بكافة أنواعها، تباع بـ417.15 جنيه، في حين كانت تباع بـ650 جنيها لسجائر إل آند إم أحمر، و585 لسجائر إل آند إم أزرق، فيما كانت أسعار سجائر إل آند إم أبيض، من التجار تصل إلى 520 جنيها، ليكون أقصى فارق بين السعر الذي تبيع به الشركة والتاجر الذي يشتري منه هذا البائع، 232.85 جنيه في الخرطوشة الواحدة التي تضم 10 علب سجائر، ليكون الفرق في علبة السجائر الواحدة أكثر من 23 جنيها في سجائر إل آند إم أحمر.
يقول ذلك البائع، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إنه مضطر لشراء السجائر من الباعة بذلك السعر المرتفع، وإلا فإنه لن يجد ما يبيعه، وهو في حاجة لبقاء الزبون لديه، حتى إذا عادت الأسعار لوضعها الطبيعي، يظل ذلك الزبون يتعامل معه «وأضطر للخوض في نقاشات مع الباعة، وأخبرهم بأن الأمر خارج عن إرادتي، إذا فقدت زبونا فقد أفقد غيره» يحكي الرجل، الذي يزيد سعر العلبة للمشتري فتصل إليه بـ70 جنيها في بعض الأحيان.
يقول أحمد جابر، وهو أحد مدخني السجائر منذ 10 أعوام، إن تلك الارتفاعات المتزايدة سواء بشكل رسمي أو غير رسمي، غير معهودة، وربما بحث عن علبة سجائر في أكثر من مكان، عله يشتريها بسعر أرخص ولو حتى كان الفارق 5 جنيهات «أدخن كل يوم علبة تقريبا، من سجائر إل آند إم أحمر، كان سعرها الرسمي 42 جنيها وتباع بـ50، لكنها الآن تباع بـ70 جنيها، هذه أرقام خيالية».
وفيما ينتظر الجميع، المدخن والبائع والتاجر والشركات انخفاض الأسعار غير الرسمية للسجائر، فإن أزمتها ما تزال مستمرة، وسط محاولات تعلن عنها شركات السجائر والشعبة، للحد من تلك الزيادات غير الرسمية.