بعد ساعات من حادث المروحية.. أين الرئيس
كتب - محمود الطوخي:
على مدار الساعات التي تلت الحادث الذي تعرضت له مروحية تقل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته، تضاربت التصريحات الرسمية بشأن تحديد موقع الحادث، فما هي الحقائق ولماذا تماطل إيران في إعلان مصير رئيسها؟
يقول الدكتور الباحث المتخصص في الشأن الإيراني في لندن وجدان عبد الرحمن، جرت العادة بأن إيران دائما ما تبتعد عن تقديم معلومات دقيقة أو مباشرة عن أي حدث، على سبيل المثال، تصريحاتها حول حادث استهداف طائرة الركاب الأوكرانية والتي استمرت لقرابة 3 أيام حتى كشف الرئيس الإيراني حينها عن ملابسات الواقعة.
لذا، من المتوقع أن "نشهد هذا التناقض الصريح في التصريحات من الجهات الرسمية والتي تختلف فيما بينها".
وبعد ساعات من وقوع الحادث، قال النائب التنفيذي للرئيس الإيراني محسن منصوري: "تمكنا من إجراء اتصالات مع أحد ركاب المروحية وأحد طاقم المروحية، يبدو أنه لم يكن حادثا صعبا، نحن نتابع في منطقة كيلومترين من مكان الحادث".
وبالرغم من ذلك، لم يتطرق منصوري إلى الحديث عن مصير الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أو وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان.
ويرى عبد الرحمن، أن منصوري زعم تمكنهم من التواصل مع أحد أعضاء الوفد المرافق لرئيسي على متن الطائرة، لكنهم لم يتحدثوا مطلقا عن مصير الرئيس أو وزير الخارجية، لذلك فإن هذا التصريح يأتي ضمن المعلومات المغلوطة.
ويؤكد أن ما يتضح من تصريحات منصوري، هو أن لدى المسؤولين معلومات تفيد بأن رئيسي قد قتل أو لقي مصرعه في الحادث؛ وهو السبب الذي أدى إلى اجتماع طارئ للحكومة اليوم بحضور النائب.
يُبين الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، أن المادة 131 في الدستور الإيراني تنص على أنه في حال غياب الرئيس تُسند إدارة الحكومة إلى نائبه لمدة 50 يوما لحين إجراء انتخابات.
لكن عبد الرحمن يعتقد أن "إسقاط" الطائرة الإيرانية، فيما يتعلق بخصوص الإشعارات "المزعومة" التي تلقاها المسؤولون من الطائرة، وعدم مقدرتهم على تحديد موقعها حتى الآن، يؤكد أن جهاز الإشعارات الذي من المفترض أن يظل قيد العمل لمدة 72 ساعة لم يعطي هذه الإشارات، وهو ما يدعم نظرية "استهداف الطائرة من طرف خارجي".
يشير عبد الرحمن إلى أن احتمال "اغتيال" الرئيس الإيراني بات واردًا، خصوصا وأن ساعات طويلة مضت دون تحديد مصيره بالرغم من قول المسؤولين أنهم "تواصلوا مع أحد أفراد الوفد المرافق".
تصريحات خامنئي
وفي تصريح نقلته وسائل إعلام إيرانية، قال المرشد الأعلى علي خامنئي: "على الجميع أن يصلي من أجل سلامتهم، لن يحدث أي خلل في عمل البلاد".
كانت رسالة المرشد الإيراني واضحة لـ "عبد الرحمن"، وكذلك لقائه قادة الحرس الثوري والحكومة واجتماعه بمجلس الأمن القومي الإيراني، اعتراف غير مباشر بأن لديهم معلومة عن مصرع الرئيس، لكنهم لا يريدون الإعلان عنها.
ويستدرك الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، أن العاصمة الإيرانية طهران شهدت انتشارا واسعا لعناصر الشرطة والحرس الثوري؛ للسيطرة على أية اضطرابات، يقول: "إذا قضية مقتل الرئيس الإيراني سواء كان اغتيال أو بتحطم الطائرة وارتطامها بالجبل، في كلا الحالتين بالإضافة إلى تصريحات خامنئي، يبين أنه بالفعل قتل".
التنصل الإسرائيلي
القناة 13 العبرية نقلت عن مسؤولين إسرائيليين، قولهم إنه لا علاقة لإسرائيل بتحطم مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.
يعتبر عبد الرحمن، أن فرضية "اغتيال" الرئيس الإيراني من أقوى النظريات، نظرا للانتقادات التي واجهها رئيسي من التيار المتشدد الذي عدّه "أسوأ رجل حكم البلاد منذ الثورة".
أما النظرية الثانية، تعتمد على وقوع الحادث خلال رحلة العودة، فهي تشير إلى استهداف الطائرة من قبل الموساد الإسرائيلي، خاصة وأن إسرائيل تعتمد في الآونة الأخيرة استراتيجية "استهداف رأس الأخطبوط"، مضيفا: إيران تجاوزت كافة الخطوط الحمر لإسرائيل"، وفقا للباحث.
يستشهد عبد الرحمن، بأن الزيارة التي قام بها رئيسي إلى المنطقة القريبة من الحدود مع أذربيجان بالتحديد إقليم "ناجورنو كاراباخ"، الذي يضم قواعد إسرائيلية تحتوي على أعداد كبيرة من المسيّرات "لذلك أعتقد أنه كان هناك رصد واستهداف لطائرة رئيسي من بين المروحيات الثلاث".
التعتيم الإيراني
محاولات "التعتيم الإيرانية" على "اغتيال" رئيسي إذا كان صحيحا، تهدف إلى تهدئة الأوضاع الداخلية؛ إذ الإعلان عنه سيستوجب ردًا صريحا لأن "استهداف الرئيس يعتبر إعلان حرب"، يقول عبد الرحمن.
الرد على اغتيال "رئيسي" إن حدث، سيعرض النظام الإيراني برمته للخطر؛ بسبب عدم تكافؤها عسكريا مع إسرائيل وكذلك تحالفاتها وهو ما يخشاه المسؤولون في طهران: "هناك فتوى في إيران بأن حفظ النظام من أوجب الواجبات".
التصريحات كان للجيش الإيراني نصيبا منها، إذ أكد أنه قام بتحديد "الموقع الدقيق" لحادث مروحية الرئيس الإيراني، موضحا أن إشارة وصلت من المروحية والهاتف المحمول لأحد أفراد الطاقم في موقع الحادث.
لكن سرعان ما نفى الهلال الأحمر الإيراني جميع الأنباء التي تتحدث عن تحديد موقع الحادث.
لتبدأ بعض وكالات الأنباء الإيرانية في استخدام لفظ "حطام الطائرة" بعد ساعات من الحادث، غير أنها نُفيت جميعها فيما بعد.