-

كيف يؤثر استمرار أمريكا وتركيا في رفع الفائدة

كيف يؤثر استمرار أمريكا وتركيا في رفع الفائدة
(اخر تعديل 2024-09-09 15:26:01 )
بواسطة

كتبت- منال المصري:

قال مصرفيون، تحدث إليهم مصراوي، إن تأكيد الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) استعداده للاستمرار في سياسة رفع الفائدة على الدولار سيخلق ضغوطا مباشرة على الجنيه المصري مثل باقي دول العالم والأسواق الناشئة، وفي حال رفعها مجددا سيكون ذلك أكثر تأثيرا على مصر من رفع تركيا الفائدة مؤخرا على الليرة.

كان جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، قال أمس الأول في خطابه الرئيسي بالاجتماع السنوي للفيدرالي في كانساس سيتي بجاكسون هول بولاية وايومنج الأمريكية: "نحن على استعداد لرفع أسعار الفائدة أكثر إذا كان ذلك مناسبا، ونعتزم الحفاظ على السياسة عند مستوى مقيد حتى نكون واثقين من أن التضخم يتحرك بشكل مستدام نحو هدفنا".

وتأخذ الأوساط الاقتصادية العالمية تصريحات رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بأهمية بالغة، فكل رفع أو خفض للفائدة على الدولار ينعكس مباشرة على العملات المحلية للدول، وكذلك على باقي الاستثمارات الأخرى مثل الذهب.

وفي خطوة فاقت توقعات المراقبين، أعلن البنك المركزي التركي، الخميس الماضي، رفع سعر الفائدة بنسبة 7.5% في اجتماع لجنة السياسة النقدية اليوم ليرتفع إلى 25%، في تحول سريع لتصحيح المسار وكبح التضخم والحد من تدهور الليرة.

وقال محمود نجلة، المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت في شركة الأهلي للاستثمارات المالية، لمصراوي، إن استمرار الفيدرالي الأمريكي في اتباع سياسة نقدية تشددية (تقوم على رفع سعر الفائدة) سيخلق ضغوطا مباشرة على كافة عملات العالم وليست مصر فقط، فزيادة الفائدة الأمريكية تزيد من قوة الاستثمار في الدولار وتنعكس سلبا على باقي الاستثمارات الأخرى مثل الذهب.

وأوضح أن البنك المركزي المصري قد يكون مضطرا في اجتماعه القادم خلال شهر سبتمبر إلى رفع سعر الفائدة ليس فقط لمواجهة تبعات استمرار رفع الفيدرالي الفائدة على الدولار (في حال حدوثه)، لكن أيضا لمواجهة مخاطر زيادة التضخم المتسارع، وحماية الجنيه من الانخفاض مقابل الدولار.

ويعقد الفيدرالي الأمريكي اجتماعه المقبل لحسم مصير أسعار الفائدة يومي الثلاثاء والأربعاء 19 و20 سبتمبر وهو ما يسبق اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري لنفس الغرض بيوم واحد فقط، فمن المقرر أن تعقد هذا الاجتماع يوم الخميس 21 سبتمبر.

وخلال عام ونصف، رفعت أمريكا سعر الفائدة 11 مرة على الدولار ليصل إلى نطاق 5.25% و5.5%، وهو أعلى مستوى منذ أكثر من 22 عامًا.

فيما قرر البنك المركزي المصري رفع سعر الفائدة 11% على الجنيه 6 مرات خلال عام ونصف ليصل إلى مستوى 19.25% للإيداع و20.25% للإقراض، بهدف كبح معدل التضخم المتسارع الذي وصل إلى قمة تاريخية في يوليو الماضي عند 36.5% على مستوى المدن، ووصل المعدل السنوي الأساسي 40.7% وهو أقل قليلا من مستواه التاريخي المسجل في يونيو عند 41%.

وأضاف نجلة أن سعر الفائدة يكون له تأثير كبير على الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة، حيث يستند أي مستثمر إلى دراسة جدوى قبل دخول أي سوق لتحديد مسار العملة المحلية أخذا في الاعتبار عوامل مختلفة منها سعر الفائدة مقابل معدل التضخم، فاستمرار وجود عائد حقيقي بالسالب على الجنيه لا يسمح بالمزيد من الاستثمار.

وبالمعادلة الحسابية يسجل العائد الحقيقي على الجنيه المصري سالبا بسبب تآكله من التضخم المتسارع، (فعلى سبيل المثال 19.25% سعر الفائدة على الإيداع مطروحا منه 36.5% معدل التضخم فالناتج عائد سالب 17.25%) أي يخسر المستثمر هذه القيمة من استثماراته في الجنيه.

وأضاف نجلة أن البنك المركزي المصري سيتخذ نفس المسار التقليدي المأخوذ به في كل العالم المتمثل في رفع الفائدة لمحاربة التضخم مثل ما تفعل أمريكا وتركيا، حيث كل تأخير في القرار سينجم عنه تصحيح بشكل عنيف كما تفعل تركيا.

وأوضح أن رفع تركيا للفائدة على الليرة بنسبة 7.5% في آخر اجتماع لن يكون له تأثير مباشر على مصر مثل الفائدة الأمريكية، لكن تداعياته ستكون غير مباشرة في المنافسة على رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار في أدوات الدين الحكومية.

واتفق محمد عبد العال، الخبير المصرفي مع الرأي السابق، على أن استمرار الفيدرالي الأمريكي في رفع الفائدة على الدولار سيخلق ضغوطا على العملات في كافة الأسواق الناشئة، ومنها مصر، بسبب زيادة قوة وجاذبية الاستثمار في الدولار، وعدم وجود مخاطر عليه مثل باقي الأسواق الأخرى.

لكن عبد العال قلل من تأثير رفع الفائدة الأمريكية، في حال حدوثه، على قرار البنك المركزي المصري وذلك لاختلاف أوضاع الاقتصادين، وكذلك تأثر التضخم في مصر بشكل أكبر بسعر العملة وصدمة العرض عن معدل الطلب على الشراء.

وتوقع أن يتجه البنك المركزي إلى رفع الفائدة خلال الاجتماعين المقبلين للجنة السياسة النقدية سيكون تأثرا بصدمة العرض المتوقعة، أي ارتفاع أسعار السلع المستوردة أكثر من اتجاه الفيدرالي الأمريكي لرفع الفائدة.

وأشار عبد العال إلى أن ربط البنك المركزي تسجيل المعدل السنوي للتضخم رقما قياسيا باستمرار صدمات العرض، بحسب تقريره الأخير، يظهر توقعاته بمخاطر ارتفاع أسعار السلع المستوردة عالميا.

كما اتفق عبد العال مع نجلة في عدم وجود تأثير مباشر من رفع الفائدة التركية على مصر وذلك لاختلاف طبيعة الاقتصاديين، فتركيا تحظى بقاعدة تصديرية وتصنيعية ضخمة.

واتفقت سهر الدماطي الخبيرة المصرفية، ونائب رئيس بنك مصر سابقا، مع الرأيين السابقين، على أن رفع الفائدة بالفيدرالي الأمريكي سيكون تأثيره أقوى من رفع الفائدة بتركيا على مصر، لكنها ترى أن محصلة التأثير في المجمل ستكون محدودة للغاية.

وأوضحت أن عدم ارتباط مصر بعملة الدولار مثل دول الخليج لن يضع عليها ضغوطا بضرورة رفع أسعار الفائدة على الجنيه مع كل تحرك من الفيدرالي، لكن حركة الفائدة سترتبط أكثر بأوضاعها الاقتصادية الداخلية.