"نفسي ادفنه ونروح نزوره".. سيد في انتظار عودة
كتب- محمود عبد الرحمن:
أمام منزل رشاد سعد الذي وصل مساء أمس الأربعاء من مدينة درنة الليبية التي دمرها الإعصار دانيال، وقف سيد كمال أمين مع عدد من الأهالي قرية الشريف بمحافظة بني سويف، الذين لا يعرفون مصير أبنائهم في ليبيا، ليستفسر من رشاد عن ابنه وأخوه وأبناء عمومته الثلاثه، أملًا في معرفة أي الأخبار تثلج نار قلبه المحترق، فجميعهم كانوا يقيمون في سكن واحد في ليبيا، عندما حدث الإعصار يوم الاثنين الماضي، لم يستطع سيد التواصل مع حد منهم، ولا يعرف مصيرهم.
"من الصبح بلف وكل ما أسال حد يقول أغلب الجثث مجهولة ومنعرفش عنهم حاجة"، يقول سيد، الذي ظل يتردد على منازل الأشخاص العائدين من المناطق التي ضربها الإعصار، لعل أحدهم يخبره بمعلومات عنهم، بعدما انقطع الاتصال بهم ولم يتم الكشف عنهم ضمن ضحايا القرية الذين تم دفنهم.
"مش موجودين في الضحايا وكمان مش في الناس اللي رجعت"، يستكمل سيد، يحاول الرجل الذي يعاني من إعاقة حركية ولا يجيد القراءة والكتابة، منذ الحادث الاتصال بنجله علاء صاحب الـ 21 عاما وشقيقه الذي يكبر نجله بعامين لكن دون فائدة: "كنت بكلم إبنى دايما أنا وأمه بس من يوم الحادث مفيش خبر والموبايل مغلق"، يتذكر الأب المكالمة الأخيرة بينه وبين نجله قبل يومين من الحادث يقول: "قالي هنزل كمان شهرين قولت ليه شد حيالك عشان نبني البيت وتتجوز".
منذ 3 أعوام اتخذ علاء نجل سيد قراره بالسفر، كغيره من مئات الشباب من القرية، حزم الشاب أغراضه برفقة أبناء عمومته للسفر إلى ليبيا، طمعا في توفير حياة كريمة لأسرته، يقول الأب "كان بيشوف الشباب اللي راجع من ليبيا بيكون معاهم فلوس قالي يابا هسافر وهنزل أخطب ونبنى البيت"، ترك الشاب السنة الأخيرة من دبلوم الزراعة للسفر والعودة لتحقيق أحلام والده ببناء منزل جديد.
"نزل من شهرين خطب بنت كان بيحبها ومشى"، يستكمل سيد الذي تزيد أوجاعه كلما ارتفع أصوات صراخ أهالي بعض الضحايا بالمنازل المجاورة له يقول "الشارع اللي أنا فيه مات فيه 7 شباب"، يتمنى الرجل أن يعود ابنه سالما إلى المنزل أو العثور على جثمانه ودفنه مثل غيره من شباب القرية: "نفسي ادفن جثته عشان نروح نزوره".