-

عناية الإسلام بالطفولة ورعاية الأطفال

عناية الإسلام بالطفولة ورعاية الأطفال
(اخر تعديل 2025-12-24 02:17:00 )
بواسطة

نشرت وزارة الأوقاف المصرية عبر موقعها الرسمي نص خطبة الجمعة القادمة بعنوان "مظاهر عناية الإسلام بالطفولة". وتهدف الخطبة إلى توعية المجتمع بمظاهر الرعاية التي يوليها الإسلام للطفولة، مستندة إلى سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مع التركيز على كيفية حماية الأطفال من مخاطر الألعاب الإلكترونية.

وفيما يلي النص الكامل لخطبة الجمعة القادمة وفقًا لبيان الأوقاف:

نص خطبة الجمعة القادمة

الحمدُ للهِ الذي جعل الطفولةَ أمانةً مصونة، ونفحةً ربانية، وغرسًا مباركًا؛ إن صَلُح أثمر، وإن أُهمِل انكسر. جعل في رعاية الصغار قُربةً، وفي الإحسان إليهم عبادةً، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ نبيّ الرحمة، وإمام الإنسانية، الذي مسح على رؤوس الأطفال، وعلى الصحب والآل؛ أما بعد:

إن الطفولةَ صفحةٌ بيضاء، وقلبٌ غضٌّ نديّ، إن كُتِب فيه خيرٌ دام، وإن زُرِع فيه إيمانٌ قام. جاء الإسلامُ بمنهجٍ ربانيٍّ يرعى الطفلَ رحمةً وتربية، ويحفظ له حقَّه كرامةً وعنايةً، فبنى الإنسانَ من بدايته، وأصلح المجتمعَ من جذوره.
بارينيتي الحلقة 85

عناية الإسلام بالطفل قبل ولادته

1- حق حسن اختيار الشريك:

الأسرة هي البيئة الأولى التي تتشكَّل فيها شخصية الطفل نفسيًّا وأخلاقيًّا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "تُنْكَحُ ‌الْمَرْأَةُ ‌لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا؛ فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ". [متفق عليه]

وعن السيدة عائشة رضي الله عنها، قالت: "تَخَيَّرُوا ‌لِنُطَفِكُمْ، وَانْكِحُوا الْأَكْفَاءَ، وَأَنْكِحُوا إِلَيْهِمْ" [رواه ابن ماجه]. هذا التوجيه النبوي لا يحمي الزوج فحسب، بل يحمي الأبناء من بيئةٍ فاسدةٍ أو مضطربةٍ تُفسد نشأتهم وسلوكهم.

2- حق الحياة وتحريم الاعتداء:

الشريعة أحاطت الطفل بأحكامٍ دقيقة، وقرَّرت له حقوقًا ثابتة، في مقدِّمتها حقُّه في الحياة والرعاية، وحرَّمت الاعتداء عليه بأي صورةٍ من صور الأذى أو الإجهاض بغير حق، صيانةً للنفس التي عظَّم الله شأنها. قال سبحانه: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الأنعام: ١٥١].

حقوق تتعلق بعد ولادته

1- الاسم الحسن:

للاسم أثرٌ نفسيٌّ بالغ في تكوين شخصية الطفل وثقته بنفسه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ، وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ، فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ" [رواه أبو داود].

2- الرضاع والرعاية الجسدية:

الإسلام نظَّم شأن الرضاع بدقة، حيث جعل له أحكامًا واضحة تحافظ على حق الطفل في التغذية والرعاية. قال الله تعالى: {وَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: ٢٣٣].

3- حقوق مالية:

الإسلام أثبت للطفل حقوقًا مالية، فقرَّر له حقَّه في الميراث، ليُحفظ نصيبه حتى بعد ولادته، تأكيدًا لاعتبار وجوده الشرعي.

4- التعليم من حقوق الطفل الأساسية في الإسلام:

الله أولا العلم منزلة عظيمة، فقال تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: ١]، وهي أول كلمة نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم. أكد النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الحق بقوله: "طَلَبُ ‌الْعِلْمِ ‌فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ" [رواه ابن ماجه].

5- التربية الصالحة القويمة:

من حقوق الطفل في الإسلام أن يُربَّى على القيم الفاضلة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ" [رواه أبو داود].

تعامل الجناب النبوي المعظم مع الأطفال

1- عطف النبي صلى الله عليه وسلم:

كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم عطوفًا رحيما بالأطفال، حيث كان يحملهم في المساجد ويقبلهم أمام القوم. فقد روى الصحابة عن تعامله الحنون معهم، مما يعكس إنسانيته العظيمة.

2- بدء السلام على الأطفال:

كان النبي صلى الله عليه وسلم يبدأ بالسلام على الأطفال، ليشعرهم بأهميتهم وثقتهم بأنفسهم. وكان يُدعوهم بألقاب لطيفة مثل "يا بني".

حماية الأطفال من الألعاب الإلكترونية

إن الألعاب الإلكترونية لم تعد مجرد وسيلة ترفيه، بل تحولت إلى إدمان يهدد التربية وصحة الأطفال وسلوكهم. لذلك، يجب على الأهل مراقبة ما يلعبه أطفالهم.

الإسلام يدعو إلى الترويح عن الأطفال

الألعاب التي تنمي الملكات أو توسع القدرات الذهنية مقبولة، ولكن يجب مراقبة محتواها وتحديد أوقات استخدامها. عن عبد الله بن عمرو قال: "فإن لجسدك عليك حقًا" [رواه البخاري].

الألعاب الضارة أو غير المفيدة

يجب حظر الألعاب التي تحتوي على محظورات أو تدعو للعنف أو الرذيلة. على الأهل توعية أطفالهم بخطورة هذه الألعاب.

واجب الوالدين

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: ٦]. يجب على الآباء تعليم أطفالهم وتوجيههم نحو أنشطة مفيدة.

إجراءات لمواجهة الألعاب الإلكترونية غير المفيدة

يجب تعليم الأطفال الفرق بين الألعاب المفيدة والمضرة، وتحديد أوقات استخدام الأجهزة الإلكترونية. كما يُفضل اللعب المشترك بين الآباء والأبناء لتعزيز الثقة.

ختامًا، يجب على الأهل أن يكونوا على وعي تام بمحتوى الألعاب التي يلعبها أطفالهم، لحمايتهم من المخاطر التي قد يتعرضون لها.