-

زلزال المغرب.. معاناة ساكني الجبال مضاعفة:

زلزال المغرب.. معاناة ساكني الجبال مضاعفة:
(اخر تعديل 2024-09-09 15:26:01 )
بواسطة

كتبت- سارة أبو شادي

مرت ساعات على كارثة الزلزال الذي ضرب جنوب المغرب، لا يزال البحث جاريّا عن الضحايا أسفل الأنقاض، الآلاف من العائلات قضوا ليلتهم ما بين الحدائق والساحات والحقول، المعاناة الكبرى لم تبدأ بعد فهناك مئات العالقين أعلى الجبال ممن تقطعت بهم أوصال الطرق عقب الهزة الأرضية. فحتى الآن لم تصل إليهم أيادي المساعدات، لصعوبة الطرق الجبلية الوعرة والتي أغلقتها صخور الجبال نتيجة الزلزال.

"الأوضاع صعبة الطريق مقطوع وأصبحنا بلا ماء أو كهرباء" "الحسين" شاب ثلاثيني يقيم ببلدة منعزلة أعلى الجبل تسمى قرية امسلان والتي تتبع جماعة إمڭدال، و هي قرية أمازيغية جبلية مغربية وسط المملكة، و تنتمي إمڭدال لإقليم الحوز، الشاب الذي فقد 4 من عائلته ليلة أمس، "رجل وامرأة واثنان من الأطفال"، بات الآن يفترش الحقول رفقة المئات من أبناء قريته الصغيرة والذين غادروا جميعًا منازلهم.

1

تحدّث "الحسين" لمصراوي عن المعاناة الكبرى التي يعيشها الآن، فقريتهم الصغيرة التي تحتوي على نحو 80 منزلًا أصبح سكانها جميعًا في الحقول، ولأنّ الوصول إليهم بات صعبًا أمام رجال الإنقاذ والمساعدات، فمع شروق أول شعاع للشمس بدأوا يبحثون عن ضحاياهم بأنفسهم استخرجوا جثامين 7 من تحت الأنقاض بأيديهم مستعينين بأدواتهم البسيطة، صلوا عليهم ودفنوهم بالقرية، إضافة إلى العشرات من المصابين الذين يصعب عليهم تلقي العلاج إلى الآن في ظل خطورة حالتهم الصحية، بسبب عدم قدرتهم على الوصول إلى المستشفيات، أو حتى وصول الإسعاف إليهم.

"لا نملك سوى جزء بسيط من الطعام والماء" "الحسين" وعائلته والمئات من أبناء قريتهم لا يشغل بالهم حاليا سوى أطفالهم المعرضين للموت جوعًا وعطشًا خلال ساعات إذا لم تصل إليهم أيدي المساعدات، فالطعام والشراب الذي يمتلكه الشاب وعائلته ممن تمكنوا من استخراجه من أنقاض منازلهم، لن يكفيهم سوى يوم أو يومين فقط، حاولوا الاتصال بالسلطة وبعض الجمعيات لتقديم المساعدات إليهم لكنّها لم تصل بعد، وسيكون هناك صعوبة في وصولها.
2

الأمل الذي يعيش عليه الحسين حاليا وعائلته أن تصل الجرافات التي ستساعد في إزالة الحجارة من الطريق وفتحه، من أجل أن تصل المساعدات إليهم، خاصة وأنّه أيضًا من الصعب السير على الأقدام للوصول إلى أقرب منطقة قد يحصلون على مساعدات منها، فالقرى المجاورة لهم جميعها منكوبة وتواجه أغلبها نفس أزمتهم، حتى فكرة الوصول إلى أقرب مدينة أيضًا مستحيلة لأنّ مدينة مراكش ذاتها تبعد عن قريتهم نحو 110 كم.
جمع المساعدات

3
ياسين حكيمي ، منسق أحد الحملات المكلفة بجمع وإيصال المساعدات إلى المناطق المتضررة، في حديثه لمصراوي، ذكر أنّ هناك صعوبة حاليا لإيصال المساعدات إلى المناطق المنكوبة والمتضررة والتي تقع أعلى الجبال، لكن المساعدات تصل فقط إلى المقيمين بالقرى تحت سفح الجبال، والتى يسهل الوصول إليها بخلاف المناطق التي تقع أعلى الجبال.

"حكيمي" يعيش في مدينة تارودانت جنوب المغرب إحدى المناطق التي ضربها الزلزال، يعمل حاليا على جمع المساعدات الإنسانية من أجل إيصالها إلى إحدى القرى المنكوبة والتي تقع في منطقة جبلية مرتفعة، القرية التي من المفترض أن يذهب إليها "حكيمي" لن يتمكن من الوصول إليها إلا سيرًا تحديدًا نظرًا للظروف الوعرة.

صورة 4 زلزال

"أبناء القرى سينزلوا إلى منتصف الطريق ويحملون المساعدات بأنفسهم" المنطقة المنكوبة التي يستعد "حكيمي" إيصال المساعدات إليها هي "تيزي نتاست"، والتي تقع في الوسط بين مدينة تارودانت ومراكش، وهي تقع ضمن سلسلة جبال الأطلس الكبير، ويقع بها نحو 20 قرية، وتعيش عائلة "حكيمي" بتلك المنطقة فهى مقر أبيه وأمه.

"هناك قرى اختفت نتيجة الزلزال" "حكيمي" في حديثه تحدّث عن المأساة الكبرى، وهي دمار قرى بأكملها، فذكر المواطن المغربي،أنّ هناك قرية بجواره قريته اختفت منازلها بالكامل، وفقد نصف سكانها تحت الأنقاض، فمات منها نحو 50 شخصًا حتى الآن، أغلبهم من الرجال كبار السن والأطفال، وذلك لأن بنايات تلك القرية معظمها ترابية مع الهزة الشديدة سقطت بالكامل.

صورة 7 زلزال

في المساء يجتمع المواطنون بالحقل للنوم دون غطاء أو خيام، وفي الصباح يجلس بعضهم في انتظار المساعدات ، والبعض الآخر يسعى للبحث بالأنقاض علّه يعثر على بقايا من محتويات منزله، لكن الأزمة القائمة حاليّا وفقًا لـ"حكيمي" تتمثل في أنّ جميع هؤلاء يحتاجون إلى مساعدات عاجلة وخاصة سكان أعالي الجبال.

رغم صعوبة إيصال المساعدات للعديد من القرى المنكوبة، إلّا أنّ محمد أبو سمية، وعائلته وأبناء قريته والتي تقع في أسفل الجبال، ينتظرون أيضًا كميات كبرى من الإغاثات رغم عدم صعوبة الوصول إليهم لكنّ الضغط الشديد على المساعدات هو من جعل هناك صعوبة في إيصال الكثير من المساعدات والتي وصلت بعضها اليوم.

455890

الرجل الأربعيني، والذي يعيش في قرية إجوكاك، والتي تقع ضمن إقليم الحوز بجهة مراكش آسفي، احتضن بناته وزوجته وهرب نحو ركن صغير بالمنزل أثناء الهزة الأرضية، وظل جالسًا به حتى انتهت الهزة، فخرج رفقته مسرعًا إلى الشارع، "أخدت بناتي وزوجتي جمعتهم وحضنتهم بمكان جانب البيت، حتى وقف الزلزال وخرجنا من البيت".

"الوضع لدينا مؤسف صراحة الناس بدون مأوى" فور بداية الهزة الأرضية رفض محمد والذي يمتلك محلا صغيرًا للمأكولات الخفيفة، الخروج من المنزل، اعتقادًا منه أنّه الأكثر أمانًا، وأنّ الوضع خارجه هو الخطير خاصة وأنّ البيوت المجاورة لمنزلة سقطت بالكامل، لكن عقب انتهاء الهزة أسرع بالخروج واتخذ مكانًا بإحدى الحقول بالقرب من منزله، وافترش فيه خيمة صغيرة له وعائلته، أسوة بالعشرات من أبناء منطقته الذين يمكثون حاليا بالشارع على أمل العودة من جديد لمنزلهم.
صورة 6 زلزال

ارتفاع عدد الضحايا

وقالت وزارة الداخلية المغربية اليوم الأحد (العاشر من سبتمبر 2023) في بيان "في حصيلة مؤقتة، إلى حدود الساعة الرابعة عصرا، بلغ عدد الوفيات الذي خلفته الهزة الأرضية 2122 شخصا، وعدد الجرحى 2421". وسجلت أكبر حصيلة للضحايا في إقليم الحوز (1351) جنوب مراكش حيث تم تحديد بؤرة الزلزال.

ويمتد إقليم الحوز، في معظمه على جبال الأطلس الكبير محتضنا العديد من القرى النائية في الغالب، وسط تضاريس وعرة، وسجل تضرر أكثر من 18 ألف أسرة في هذا الإقليم من الزلزال، وفق ما أفادت قناة "ميدي 1 تي في" التلفزيونية العمومية، حيث نصبت خيام لإيوائها في المناطق المنكوبة.

وأكدت وزارة الداخلية أن السلطات "تواصل جهودها لإنقاذ وإجلاء الجرحى والتكفل بالمصابين من الضحايا، وتعبئة كل الإمكانات اللازمة لمعالجة آثار هذه الفاجعة المؤلمة". كما أشارت إلى تسجيل حصيلة كبيرة من الضحايا في إقليم تارودانت المجاور للحوز جنوبا، بـ492 قتيلا، ولا تزال المملكة تحت صدمة الزلزال الأعنف من نوعه، والذي بلغت شدته 7 درجات على مقياس ريختر، حسبما ذكر المركز الوطني للبحث العلمي والتقني (6,8 حسب هيئة الزلازل الأمريكية).