"يا بلح الواحة يا جميل".. "موسم الدميرة" ينشر
الوادي الجديد – محمد الباريسي:
تحتل مصر صدارة العالم في إنتاج التمور، برصيد 1.7 مليون طن من 15 مليون نخلة تنتشر في محافظات الجمهورية، وفق أطلس نخيل البلح والتمور الصادر بالتعاون مع "منظمة الأغذية والزراعة" بالأمم المتحدة (الفاو) في 2019، بينما تأتي محافظة الوادي الجديد الأولى بين محافظات الجمهورية في الإنتاج، بـ13 نوعًا، تُجمع من قرابة 4 ملايين نخلة مثمرة.
حالة من السعادة تشهدها غالبية بيوت الواحات بمحافظة الوادي الجديد، نظرًا لبدء موسم جني المحصول الاستراتيجي الاقتصادي الوحيد بالمحافظة، التي تمثل 44% من مساحة مصر، وتمتلك نحو 3.8 مليون نخلة من نوع السيولة، الذي يصدر إنتاجه من البلح إلى الأسواق المحلية والعالمية.
وبدأ مزارعو محافظة الوادي الجديد، حصاد محصول التمر في جميع الحقول الزراعية على مستوى المراكز الإدارية الخمسة وقراها ليستمر الموسم حتى منتصف أكتوبر المقبل، وذلك بعد اكتمال نضج المحصول بسبب ارتفاع درجات الحرارة عن معدلاتها الطبيعية، وهو السبب الرئيس في تقدم علامات نضج المحصول عن السنوات الماضية.
شرع تجار الوادي الجديد تحديد السعر الجديد لتمور وبلح الواحات، والذي يتراوح من 27 إلى 30 جنيها، فيما بدأ السعر مع بدايات الموسم في نهاية يوليو الماضي بـ20 جنيه، إذ يعتبر حجم البلح وجودة النضج هو المحدد الرئيسي للسعر فبلحة "الجامبو" ذات الحجم الكبير والكاملة النضج والتي يميل لونها للأسود، وهي التي يمكن تصديرها للدول الأوروبية والدول العربية، تعتبر الأعلى سعرًا.
محمد صلاح عبد ربه، مزارع من الخارجة، قال إن موسم البلح يبدأ بعد جمع المزارعين المحصول من النخيل الخاص به، والذي يبدأ منتصف أغسطس ويستمر لمدة شهرين ونصف الشهر على الأقل، مؤكدا أنه يتوقع أن ينتهي موسم الحصاد خلال شهرين فقط بسبب ارتفاع درجات الحرارة عن معدلاتها الطبيعية حتى لا يتلف المحصول.
وأضاف صلاح، أن معظم المزارعين بمحافظة الوادي الجديد ينتظرون موسم جني التمور من العام للعام على أحر من الجمر، نظرا لارتباط حياة المزارعين بموسم الجني بهدف سداد الديون وزواج الأبناء، لافتا إلى أن موسم جني المحصول يبدأ منتصف سبتمبر من كل عام، لكن هذا العام اختلف تمامًا عن الأعوام السابقة بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
وتابع: يعتبر محصول البلح هو المحصول الاستراتيجي الوحيد بمحافظة الوادي الجديد، لما ينشره من سعادة ويمثله من دخل رئيس وعائد اقتصادي لمزارعي الواحات، الذين يطلقون على هذا الموسم اسم الدميرة وهي كلمة واحاتية تعني جمع البلح من أشجار النخيل.
فيما أعلنت مديرية الزراعة بالوادي الجديد آخر حصر لأعداد النخيل بالمحافظة حتى مايو 2023، والذي بلغ 3.8 مليون نخلة، نظرا للتوسع في أعمال زراعة النخيل بعد نجاح مبادرة زراعة النخيل الرئاسية في تحقيق طفرة في أعداد النخيل ومن المستهدف في ديسمبر المقبل الوصول إلى 4 ملايين نخلة.
الدكتور مجد المرسى، وكيل وزارة الزراعة بالمحافظة، قال إن مبادرة زراعة نخيل البلح والتي أطلقها رئيس الجمهورية في 12 يناير 2019 تستهدف الوصول إلى 5 ملايين نخلة، كما أن إنتاج الوادي من التمور بلغ نحو 175 ألف طن من التمور أغلبها من التمر السيوى أو الصعيدي بإجمالي 125 ألف طن، مؤكداً أن خطة تسويق المنتج نجحت في الموسم الماضي في التعاقد مع عدد من الدول الأوروبية والآسيوية لتصدير المُنتَج وتوفير الكميات المطلوبة وفتح أسواق تصديرية جديدة.
وقال إبراهيم خليل، مدير مكتبة مصر العامة الأسبق وأحد جامعي التراث بالمحافظة، إن محصول البلح ارتبط بعادات وتقاليد لدى سكان الواحات، منذ مئات السنين، وارتبط جنى البلح بمواسم الزواج والتعليم في الوادي الجديد، (خلال موسم جنى البلح.. في كل بيت فرح)، لافتًا إلى اعتماد الأهالي على عائد بيع المحصول في تزويج أبنائهم واستكمال الأبناء مراحل التعليم.
وأضاف خليل، أن الفلكلور الشعبي ارتبط كثيرًا بمحصول البلح، فقد أُطلق العديد من الأغاني الشعبية لتعبر عن الفرحة بموسم جنى البلح، منها: (يا بلح الواحة يا جميل.. على النخيل في الهوا بتميل)، كما انتشرت صناعات حرفية معتمدة على مكونات النخلة، كحرفة الجريد والسعف في تصنيع الكراسي والمناضد والشنط وغيرها، بالإضافة إلى رواج فرص عمل جديدة طوال موسم جنى البلح، منها إنشاء الشباب شوادر لجمع البلح من الأهالي، وعمل الفتيات في تصنيع البلح داخل المصانع ووحدات التصنيع المنتشرة في ربوع الوادي الجديد، ونقل السيارات والشاحنات المحصول داخل وخارج الوادي الجديد.