-

خطيب المسجد النبوي: بعد عهد النبوة عوض الله

خطيب المسجد النبوي: بعد عهد النبوة عوض الله
(اخر تعديل 2024-09-09 15:26:01 )
بواسطة

كـتب- علي شبل:

أكد إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. عبدالمحسن بن محمد القاسم أن أصول التعبير الصحيحة إنما أخذت من مشكاة القرآن الكريم، ومن رغب في تعبير رؤياه فلا يعبرها إلا عند عالم بالتأويل، فليس كل من تصدر يحسن أن يعبر، ولا من اقتصر على كتب الرؤيا معبر، فلها حال مع الأشخاص والزمان والمكان، قيل لمالك رحمه الله أيعبر الرؤيا كل أحد؟، فقال: “أبالنبوة يلعب”.

وأضاف القاسم، في خطبة الجمعة اليوم بالمسجد النبوي- نقلا عن وكالة الأنباء السعودية واس: من وهبه الله حسن التأويل فليلزم تقوى الله وليبتعد عن الرياء وحب الشهرة، وليسأل ربه العون والسداد، وليحذر العجب فإنه سالب للنعم، وليحمد الله على هذه النعمة، قال يوسف عليه السلام شاكرا لنعمة الله: “رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث”، والمفتي والمعبر والطبيب يطلعون من أسرار الناس وعوراتهم ما لا يطلع عليه غيرهم، فعليهم استعمال الستر فيما لا يحسن إظهاره، والرؤيا الصادقة واقعة لا محالة سواء عبرت أم لا، فيعقوب قال ليوسف عليهما السلام: “لا تقصص رؤياك”، ولم يعبرها ومع هذا وقعت، والمعبر إنما يكشف حقيقة ما دلت عليه الرؤيا، وقد يصيب وقد يخطئ، قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه بعد تعبيره لرؤيا: “أصبت بعضا وأخذأت بعضا”، وأما زمن وقوعها فقد تقع حالا وقد يتأخر وقوعها قليلا أو كثيرا، قال عبدالله بن شداد رحمه الله: وقعت رؤيا يوسف بعد أربعين سنة، وإليها ينتهي أقصى الرؤيا، وليعلم المسلم أن ما يقضيه الله له خير سواء في العاجل أو الآجل.

وأضاف خطيب المسجد النبوي: حين بعد العهد بالنبوة وآثارها، عوض الله المؤمنين بالرؤيا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا اقترب الزمان – أي قرب قيام الساعة- لم تكد تكذب رؤيا المؤمن”، وأما زمن قوة نور النبوة ففي ظهور نورها وقوته ما يغني عن الرؤيا، وأصدق الناس رؤيا أصدقهم حديثا في اليقظة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا”، قال ابن حجر رحمه الله: من غالب حاله الصدق في يقظته استصحب ذلك في نومه فلا يرى إلا صدقا، وهذا بخلاف الكاذب والمخلط فإنه يفسد قلبه ويظلم فلا يرى إلا تخليطا وأضغاثا، فالزم الصدق في الحديث ولازم التقوى تظفر بخيري الدنيا والآخرة، قال تعالى: “وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ۖ وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا”.

وتابع القاسم: رؤيا الأنبياء عليهم السلام تثبيت لهم في أشد المحن والأحداث، وهي لهم وحي دون غيرهم، قال إبراهيم لإسماعيل عليهما السلام: “يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ” فرفع الله مقام إبراهيم بتصديقه الرؤيا وامتثاله أمر ربه فأبقى له ثناء صادقا جيلا بعد جيل، قال تعالى: “وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ”، ويوسف عليه السلام بدأت حياته برؤيا: “يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ”، وتحققت رؤياه بعز ورفعة ورفع أبويه على العرش، وخروا له سجدا، وأول الخير والنور لهذه الأمة كان بالرؤيا، قالت عائشة رضي الله عنها: “كان أول ما بدأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من وحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح”، وفي غزوة بدر أرى الله نبيه صلى الله عليه وسلم النصر في المنام، فأخبر أصحابه فقويت قلوبهم، واجترأوا على حرب عدوهم مع قلتهم، “إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا ۖ وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ”، وبشر عليه الصلاة والسلام بفتح مكة في المنام وهو في المدينة، “لَّقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ۖ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ ۖ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا”، ففتحها الله له بعد عام، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى رؤيا يقصها على أصحابه، بل إذا صلى الصبح أقبل على أصحابه بوجهه ويسألهم هل رأى أحد البارحة رؤيا، وأصل تشريع الأذان إقرار من النبي صلى الله عليه وسلم لرؤيا رآها الصحابي عبدالله بن زيد رضي الله عنه.

اقرأ أيضًا: