-

خفض أسعار الفائدة في مصر: الأبعاد والتوقعات

خفض أسعار الفائدة في مصر: الأبعاد والتوقعات
(اخر تعديل 2025-10-02 18:17:00 )
بواسطة

كتبت - منال المصري:

قررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري في اجتماعها الذي عُقد يوم الخميس خفض أسعار الفائدة بشكل ملحوظ، حيث تم تخفيض سعر عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة بمعدل 1% ليصبح 21% و22% و21.50% على التوالي. كما تم تعديل سعر الائتمان والخصم ليصل إلى 21.50%، وهو ما يعكس تقييم اللجنة لأحدث التطورات في معدلات التضخم وتوقعاته منذ اجتماعها السابق.

تأتي هذه الخطوة بعد خفض أسعار الفائدة لأول مرة منذ أربع سنوات ونصف، حيث تم تخفيضها بمجموع 525 نقطة أساس في ثلاث مراحل خلال الأشهر الأخيرة، لتصل إلى أدنى مستوياتها التاريخية.

وفقًا للبيان الرسمي، أوضحت اللجنة أنها ستستمر في تقييم القرارات المتعلقة بجدول التيسير النقدي بناءً على كل اجتماع على حدة، مُؤكدةً أن تلك القرارات تعتمد على التوقعات والمخاطر المحيطة بها، بالإضافة إلى البيانات المستجدة.

كما ستتابع اللجنة التطورات الاقتصادية والمالية عن كثب، وستقوم بتقييم التأثيرات المحتملة لها. ولن تتردد في استخدام جميع الأدوات المتاحة لتحقيق استقرار الأسعار، مستهدفةً الوصول بمعدل التضخم إلى 7% (± 2 نقطة مئوية) في الربع الرابع من 2026، و5% (± 2 نقطة مئوية) في الربع الرابع من 2028.

ما الأسباب وراء هذا القرار؟

أشار البنك المركزي في تقريره إلى وجود أسباب محلية وأخرى عالمية وراء خفض سعر الفائدة في الفترة الحالية.

الأسباب المحلية

شهدت وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي تسارعًا ملحوظًا، حيث سجلت 5% في الربع الثاني من عام 2025 مقابل 4.8% في الربع السابق. وبالتالي، بلغ متوسط معدل النمو 4.4% في السنة المالية 2024/2025 مقارنةً بـ 2.4% في السنة المالية 2023/2024، مدعومًا بمساهمات إيجابية من قطاعات الصناعات التحويلية غير البترولية، والسياحة، والتجارة.

رغم هذا التسارع في النمو، إلا أن الناتج لا يزال أقل من طاقته القصوى، مما يعني أن المستوى الحالي سيستمر في دعم الاتجاه النزولي المتوقع للتضخم على المدى القصير، حيث من المتوقع أن تبقى الضغوط التضخمية محدودة من جهة الطلب في ظل استمرار السياسة النقدية الحالية.
سيوف العرب الحلقة 11

بالنسبة لتطورات التضخم، فقد تراجع المعدل السنوي للتضخم العام إلى 12.0% في أغسطس 2025 مقارنةً بـ 13.9% في يوليو 2025، كما انخفض المعدل الأساسي للتضخم إلى 10.7% في أغسطس 2025 من 11.6% في يوليو 2025.

هذا التباطؤ يعكس التطورات الشهرية المحدودة في معدلات التضخم، إذ سجلت 0.4% و0.1% في أغسطس 2025 على التوالي، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى انخفاض أسعار السلع الغذائية واستقرار أسعار السلع غير الغذائية. وتشير التراجعات الواسعة في معدلات التضخم خلال الأشهر الثلاثة الماضية إلى تحسن توقعات التضخم وانحسار آثار الصدمات السابقة.

في إطار هذه التطورات الإيجابية، تشير تقديرات البنك المركزي المصري إلى أن التضخم سوف يستمر في التراجع ليصل إلى ما بين 12% و13% في المتوسط خلال الربع الثالث من عام 2025، مقارنةً بـ 15.2% في الربع السابق.

وعلى المدى المتوسط، من المتوقع أن يستمر التضخم في الاتجاه النزولي، ولكن بوتيرة أبطأ نتيجة لتباطؤ انخفاض تضخم السلع غير الغذائية، بالإضافة إلى الإجراءات المقررة لضبط الأوضاع المالية العامة.

وبالتالي، تشير التوقعات إلى أن متوسط التضخم العام قد يسجل حوالي 14% في عام 2025، ليقترب من مستهدف البنك المركزي المصري بحلول الربع الرابع من 2026، ومع ذلك لا تزال توقعات التضخم عرضة لمخاطر صعودية من الجانبين المحلي والعالمي، بما في ذلك تحريك الأسعار المحددة إداريًا بما يتجاوز التوقعات وتصاعد التوترات الجيوسياسية الإقليمية.

الأسباب العالمية

في الآونة الأخيرة، شهدت الأسواق مؤشرات على تعافي النمو واستقرار توقعات التضخم، مما دفع البنوك المركزية في الاقتصاديات المتقدمة والناشئة إلى مواصلة تيسير سياساتها النقدية تدريجيًا في ظل التطورات العالمية السريعة.

أما بالنسبة للأسعار العالمية للسلع الأساسية، فقد واصلت أسعار النفط استقرارها بشكل كبير، رغم وجود ضغوط طفيفة مؤخرًا بسبب عوامل العرض، بينما سجلت أسعار السلع الزراعية تغيرات متباينة وإن كانت محدودة.

ومع ذلك، لا يزال النمو والتضخم العالميين عرضة للمخاطر، خاصةً مع احتمالية تصاعد التوترات الجيوسياسية وحالة عدم اليقين المرتبطة بالسياسات التجارية.