سبيل مبروكة.. حكاية مطعم مجاني في الإسكندرية
كتبت- هبة خميس
في قلب الإسكندرية، وفي إحدى الشوارع المتفرعة من شارعها الأقدم "فؤاد"، يقع "سبيل مبروكة" وهو مثلما يوحي الاسم، فهو "سبيل للمحتاجين ومطعم مجاني".
حكاية هذا المطعم بدأت على يد ياسمين سلامة، التي تخرجت من كلية الآداب وعملت في عدة مهن حتى ثبتت أقدامها في مهنة الموارد البشرية، كما ظلت لأربعة عشر عاماً في شركات كبرى، إلى أن حدثت نقطة التحول. فتقول: "من سنة الكورونا قررت أبدأ تجهيز وجبات للإطعام، بداية من شراء المكونات، ثم إعداد الطعام، وحتى توزيع الوجبات في المنطقة بشكل عشوائي".
استمرت "ياسمين" بشكل دوري في أيام الإطعام، وخصصت تلك الوجبات بشكل أساسي للأسر الأكثر احتياجا والمشردين. تقول: "بالنسبة لي كنت اشعر أن الناس في الشارع لا يهتم بها أحد، نمر من جانبهم ولا نراهم، بعكس الجمعيات الخيرية التي تعمل لمساعدة الأسر الفقيرة والمناطق العشوائية".
لطبيعة عملها في مجال الموارد البشرية، كانت "ياسمين" تشعر "بأنها تعيش الحياة بنمط ثابت وعمل يعزز لديها الحالة الآلية"، لكن وحدها أيام الإطعام هي التي كانت تخرجها من تلك الحالة، حسبما تصف.
وفي جلسة جمعتها مع شقيقها حول العمل الخيري، طرحت "ياسمين" حلمها بعمل مطعم خيري بشكل كامل، فتقول: "كنت اعتقد أن الاستقرار في حياتي والعمل الثابت يجعلني سعيدة لأنني لم اعرف سوى تلك الحياة، لذلك كنت أقوم بتأجيل فكرة المشروع إلى أن قررت التنفيذ".
نظام الحياة الثابت اختل فجأة، حيث قررت "ياسمين" ترك عملها ومدينة القاهرة والعودة لمدينتها "الإسكندرية" وتوكيل محامي لعمل مطبخ خيري تابع للشؤون الاجتماعية. لكنها فوجئت بالكثير من التدخلات في نظام المطعم وشرط فتح مقر آخر.
وتكمل: "للأسف اكتشفت ان الفكرة صعبة جداً وفكرة المقر تطلب مصروفات كثيرة، فشعرت إنني غير قادرة على الاستمرار، لكن شقيقي اقترح أن نؤسس مطبخ كمطعم صغير ونخصص يوم للإطعام".
لاقت الفكرة الترحيب من "ياسمين"، لكن في تلك الفترة جاء لها عرض لعمل ثابت مرة ثانية، فكرت العودة لنظام حياتها السابق، لكن فكرة مشروع "مبروكة" جعلتها تغلق تلك الصفحة من حياتها للأبد.
حددت "ياسمين" يوم الجمعة كيوم مخصص للإطعام، حيث تستفيد من أرباح المطعم طوال الأسبوع لدعم يوم الإطعام. وفي مطلع رمضان 2023 تمنت "ياسمين" إقامة مائدة رحمن في مبروكة، وحينما ناقشت الفكرة مع أصدقائها تخوف البعض من مضايقة جيرانها لها.. لكنها فوجئت بجارها يعرض عليها محل قريب منها لاستغلاله كمائدة. فتقول: "كانت مفاجأة أن يحدث ذلك، وبالفعل استغلينا المكان لنستضيف دور أيتام وجمعيات".
مع الوقت، تم تصميم هذه المساحة الجديدة مثل المطعم، وتلك الفكرة كانت طموح "ياسمين" من البداية، وهي عمل مطعم خيري للمحتاجين. وفي رمضان الماضي، عمل ذلك المطعم الخيري بكامل طاقته لاستقبال الناس بشكل مختلف، حيث يشعرون انهم ليسوا في مائدة رحمن ولكن في مطعم ذو ديكورات وأماكن جلوس، حسبما تذكر "ياسمين"، التي تختتم حديثها قائلة: "مازال هناك سلوكيات تزعجنا مثل هدر الطعام، أو أن الناس تأخد اكتر من احتياجها، لكننا نحاول تعليم الناس بشكل لطيف ودون أن نشعرهم أنهم يأكلون مجانا".