أسرار السحر والعالم السفلي في مصر القديمة
كتب- محمد شاكر
تصدر الحديث حول السحر، وأعمال الربط والفك وغيرها من الخرافات، مواقع التواصل الاجتماعي، الفترة الماضية، بعدما دخل عدد من النجوم والمشاهير على الخط، مؤكدين في تصريحات تليفزيونية أنهم عانوا من السحر والأعمال.
وفيما يلي نستعرض مظاهر السحر في حضارة مصر القديمة، حيث يؤكد بعض الباحثين أن السحر كان ينظر إليه باعتباره وسيلة للتواصل مع الآلهة ومحاولة لجلب الحظ، والتفاعل مع العالم السفلى، وخلال السطور التالية نسعى إلى فك بعض طلاسم هذه القضية وفك رموز وأسرار الغموض فيما يحيط بعمل الكهنة ولعنة الفراعنة وغيرها من الأمور..
والسؤال الذي يطرح نفسه هل كان السحر واقعاً يفرض نفسه في الحضارة الفرعونية أم أنه كان مجرد أساطير.
وقد ذكر السحر في القرآن الكريم ما يدل على ممارسة المصريين القدماء للسحر في قوله تعالى: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيم).
ويروي المؤرخ العربي الكبير ابن إياس قصة عن مدينة "أمسوس العجيبة" مؤكدا أن أهل المدينة عملوا على جوانب هذه المدينة أصناما من نحاس أصفر وهي مجوفة، مليئة بالكبريت، ووكّلوا بها روحانية النار، فكانت إذا قصدهم عدو أرسلت تلك الأصنام من أفواهها نارا أحرقته من وقته".
كما يروي الباحث محمد أبورحمة في كتابه "السحر عند الفراعنة" بعض ما جرى للورد هوارد كارتر الذي مول البعثة التي اكتشفت مقبرة الملك الذهبي "توت عنخ آمون"، حيث أصابته عقب إعلانه الاكتشاف لعنة تعويذة مصرية قديمة مكتوبة في المقبرة تقول "كل من ينتهك هذه المقبرة سأنقض عليه كما ينقض الطائر على فريسته"، فمات، وفي نفس الليلة وعلى بعد آلاف الأميال، لاقت زوجته نفس مصيره، حين لدغتها بعوضة، أما سكرتيره الخاص ريتشارد بيتيل فقد عثر عليه ميتا في حمام أحد الأندية.
وفي ذات الكتاب يؤكد أبورحمة أن السحر في مصر القديمة لم يكن سوى قوة خارقة يستطيع من يمتلكها الإتيان بأعمال يعجز عقل الإنسان العادي عن إدراك سرها، وهي قوى خارقة عرف سرها الكهنة المصريون، واقتصر علمها عليهم، أما السحر بمعناه الدارج في عصرنا هذا، أو الذي نعرفه بمسمى "السحر الأسود" فكان ممنوعا يحرمه القانون المصري القديم ويجرمه، بل إنه كان يحكم على من يمارسه بالإعدام.
وقال أبورحمة: الكهنة المصريين كانوا يدرسون السحر في المعابد ويأخذونه عن الكتب المودعة بمكتبة تلك المعابد والتي كانت تسمى بيوت الحياة، وكان لا يؤذن للسحرة بإدخال تلميذ في مدارسهم إلا بعد تمرين طويل على قواعدهم لتطهير النفس ومقاومة الشهوات والامتناع عن الأطعمة وعن ملاذها وعن كل ذي روح حتى تصفو مداركهم بهذه الرياضة الغذائية.
وفي نفس السياق يستعرض الدكتور زاهى حواس، عددا من القصص والأسرار حول الملوك الذين اعتمدوا على السحر في تشييد مجدهم، وذلك فى كتابه «جنون اسمه الفراعنة».
ويؤكد حواس أن المصريون القدماء كانوا يستعملون السحر فى جميع نواحى حياتهم اليومية، السبب هو الإيمان الأصيل لديهم بأن هناك قوى خفية تؤثر فيهم مثل العين أو الحسد، وكذلك الجن والعالم غير المحسوس.
ويشير إلى أن الملوك القدماء كانوا عظماء فى السحر، وكان هناك سحرة مشهورين فى العالم القديم، باتباعهم أساليب سحرية فريدة، مثل قصة «خوفو والسحرة»، وقصة «الكاهن الذى قبض على عشيق زوجته بتمساح من الشمع»، وقصة الملك سنفرو والد الملك خوفو مع الساحر الذى شق له المياه لكى تعثر فتاة على سوارها الذى سقط فى الماء.
ومن أشهر الشخصيات التي ألمت بعلم السحر في مصر القديمة، «إيمحوتب»، والذي بلغ من الشهرة والمكانة الرفيعة، فلم يكن إيمحوتب يقدم للناس ممارسات سحرية ساذجة، وإنما كان وزيرا في بلاط «الملك زوسر»، وهو مبتكر علم الهندسة المعمارية، وتشهد على ذلك تحفته المعمارية بسقارة، كما أنه كان رجل دولة من الطراز الأول، وفي عصر الدولة الحديثة أصبح «إيمحوتب» شخصية مقدسة في الأوساط العلمية.
أبوالهول..
وفي كتاب "تاريخ في الظل.. بحثاً عن الحقيقة في مناطق معتمة" للباحث وليد فكري، ذكر قصة مثيرة عن أبو الهول، والذي لا يعرف أحد متى بني ولأي غرض، وهل كان يمثل شخص خوفو صاحب الهرم الأكبر أم أن وراءه سراً خفياً لا يزال مجهولاً.
ويقول المؤلف: إن أبو الهول بني في عهد قديم جداً، لحماية مدخل عاصمة مصر القديمة (منف) من العدوان، وعواصف الرمال، وكانت له مقدرة النطق، فكان ينبئ المصريين عن قدوم جيش معاد أو عاصفة أو طوفان أو وباء أو قحط، وكان يقول لمن سُرق ماله من الذي سرقه.