أحرقت أبيها بسيجارة بانجو.. حكاية طفلة انتقمت
كتب - محمد شعبان:
طفلة في منتصف العقد الثاني من عمرها وجدت نفسها ضحية أسرة مفككة ساقها القدر لتكبر في كنف أب يعاني إدمان المخدرات، حتى بات أسيرها وأضحت هي سيده لتنفرط حبات عقد الأسرة رويدًا رويدًا.
تكرار خلافات الزوجين بسبب إنفاق رب البيت أمواله على "الكيف" وصل محطة فاصلة. سئم الزوج الثلاثيني كلمات رفيقة دربه وتوبيخها الدائم له أمام ابنتهما فقرر طردها.
استقرت الطفلة ذات الـ15 ربيعًا مع أبيها على أمل أن يتبدل حاله لكن دون جدوى وازداد الأحوال سوءًا. واصل الأب ذو الـ36 سنة مسيرته في عالم الكيف بحثًا عن لحظات سعادة واهية سرعان ما تنتهي بانتهاء مفعول تلك السموم.
على خطى والدتها، حاولت الابنة تقويم سلوك أبيها "يا بابا حرام عليك صحتك.. احنا كده هنشحت" ليستشيط غضبًا ويلقنها وصلات الضرب واحدة تلو أخرى تاركًا آثار التعذيب على جسدها النحيف.
مسلسل ضرب الأب لابنته بات عرض مستمر لا تتوقف حلقاته فعقدت الصغيرة العزم على وضع حدًا لفصل أسود في حياتها ملقية بنفسها في التهلكة لتنتظر مصير مجهول خلف القضبان ومن قبلها إحدى دور رعاية الأحداث، ترى ماذا حدث في تلك الليلة؟.
على أطراف مركز أطفيح جنوب محافظة الجيزة تجمع الأهالي على صوت استغاثة "إلحقوني النار هتاكلني". هرع الكل لتقديم يد العون فجاءت الطامة الكبرى بوفاة شخص إثر حروق طالت جسده.
داخل مكتبه بالطابق العلوي بقسم شرطة أبو النمرس، يفحص العميد محمد مختار رئيس المباحث الجنائية لقطاع الجنوب قضية قيد التحقيق قبل أن يقطع تركيزه صوت الهاتف يخبره المتصل "في حريق حصل نتج عنه حالة وفاة".
قد يبدو الأمر قضاء وقدر لكن ثمة شيء جال في صدر صاحب الباع الطويل في البحث الجنائي بأن الواقعة ستذهب إلى أبعد من ذلك ليوجه رجال المباحث بفحص محل البلاغ جيدًا تنسيقًا مع الأدلة الجنائية فضلا عن مناقشة ابنة المتوفى.
تناقض في رواية الابنة أثار شكوك ضباط المباحث ليوجه اللواء هاني شعراوي مدير المباحث الجنائية بتطوير مناقشته وإعادة معاينة مسرح البلاغ.
جهود البحث والتحري للرائد عبد الحليم الجيار ومعاونيه أثبتت صحة شكوك رئيس القطاع، وقعت جريمة قتل بين جدران البيت البسيط، تقمصت فيها الطفلة دور قاتل محترف للتخلص من أبيها انتقامًا لأمها.
ببراءة الأطفال روت "قاصر أطفيح" كواليس ما جرى في ذلك اليوم. انتظرت ذات الـ15 سنة انتهاء أبيها من حشو سيجارته بنبات البانجو وهمت لفتح أسطوانة الغاز لتمتد النيران إلى جسده فور اشعاله السيجارة.
الطفلة أخذت تكرر عبارة "يستاهل اللي حصله.. طرد أمي وضربني كل دا علشان المخدرات" لتصطحبها مأمورية لإجراء المعاينة التمثيلية للجريمة قبل أن تكرر ما نطق به لسانها أمام وكيل النائب العام الذي أمر إيداعها دار رعاية أحداث لدعم بلوغها السن القانونية.