-

رؤية هلال رمضان.. كيف كانت ليلة الرؤية في العصر

رؤية هلال رمضان.. كيف كانت ليلة الرؤية في العصر
(اخر تعديل 2024-09-09 15:26:01 )
بواسطة

كتب- محمد شاكر:

يمثل شهر رمضان قيمة كبرى في العالم الإسلامي على مدى التاريخ، وارتبط بمفردات دينية تراثية محفورة في ذاكرة العالم الإسلامي؛ تبدأ بليلة الرؤية.

ويؤكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو المجلس الأعلى للثقافة، لجنة التاريخ والآثار، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، أن أول احتفال بليلة رؤية الهلال كان في عام 920هـ/1514م أيام السلطان الأشرف قانصوه الغوري، بحضور القضاة الأربعة بالمدرسة المنصورية، وحضر الزيني بركات بن موسى المحتسب، فلما ثبتت رؤية الهلال وانفض المجلس ركب المحتسب ومشى أمامه السقاؤون بالقرّب الجلدية وأوقدوا الشموع على الدكاكين وعلقوا المواقد والقناديل على طول الطريق إلى بيت الزيني بركات؛ وذلك طبقًا لدراسة أثرية للدكتور علي أحمد، أستاذ الآثار الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة.

وجلس السلطان، في مستهل الشهر، في ميدان القلعة، وتقدم إليه الخليفة والقضاة الأربعة بالتهنئة ثم استعرض كميات الدقيق والخبز والسكر والغنم والبقر المخصصة لصدقات رمضان، الذي عرضها عليه المحتسب بعد استعراضها في أنحاء القاهرة؛ تتقدمها الموسيقى.

وكان احتفال المماليك بشهر رمضان احتفالًا كبيرًا يتفق ومكانته الدينية عند المسلمين، وقد شهد الرحالة ابن بطوطة الاحتفال بهذه المناسبة في مدينة أبيار بالقرب من المحلة الكبرى؛ وهو شكل متكرر في جميع أنحاء البلاد، ووصف هذا الاحتفال وصفًا دقيقًا فقال "وعادتهم أن يجتمع فقهاء المدينة ووجوهها بعد العصر من اليوم التاسع والعشرين لشعبان بدار القاضي، ويقف على الباب نقيب المتعممين، وهو ذو شارة وهيئة حسنة؛ فإذا أتى أحد الفقهاء أو أحد الوجوه تلقاه ذلك النقيب ومشى بين يدَيه قائلًا (باسم الله سيدنا فلان الدين) فيسمع القاضي ومن معه، فيقف القاضي ومَن معه، فيقومون له ويجلسه في مكان يليق به، فإذا تكاملوا هناك ركبوا جميعًا وتبعهم جميع من بالمدينة من الرجال والنساء والصبيان وينتهون إلى موضع مرتفع خارج المدينة، وهو مرتقب الهلال عندهم، وقد فرش ذلك الموضع بالبسط والفرش، فينزل القاضي ومن تبعه، ثم يعودون إلى بعد صلاة المغرب وبين أيديهم الشمع والمشاعل والفوانيس".

أما أهل الحوانيت فيوقدون بحوانيتهم الشمع ويصل الناس مع القاضي إلى داره، ثم ينصرفون. هكذا كان فعلهم في كل سنة، وذكر ابن الحاج في المدخل أن من عادة الناس أن يعلقوا الفوانيس التي جعلوها علمًا على جواز الأكل والشرب وغيرها ما دامت معلقة موقودة.

وفي العصر العثماني في التاسع والعشرين من شعبان، كان القضاة الأربعة يجتمعون وبعض الفقهاء والمحتسب بالمدرسة المنصورية بمنطقة (بين القصرين)، ثم يركبون جميعًا يتبعهم أرباب الحرف وبعض دراويش الصوفية إلى موضع مرتفع بجبل المقطم؛ حيث يترقبون الهلال، فإذا ثبتت رؤيته عادوا وبين أيديهم المشاعل والقناديل إلى المدرسة المنصورية، ويعلن المحتسب ثبوت رؤية هلال رمضان، ويعود إلى بيته في موكب حافل يحيط به أرباب الطرق والحرف بين أنواع المشاعل في ليلة مشهودة، وفي صباح أول أيام رمضان يصعد المحتسب والقضاة الأربعة إلى القلعة لتهنئة (الباشا) الوالي، فيخلع عليهم (قفاطين).