البنك المركزي يحسم مصير الفائدة بعد يومين وسط
كتبت- منال المصري:
تباينت توقعات 8 محللين ومصرفيين بشأن قرار البنك المركزي لحسم سعر الفائدة في اجتماع لجنة السياسة النقدية يوم الخميس المقبل، والتي تراوحت بين التثبيت والرفع، وذلك بعد عدة تطورات شهدتها الأسابيع الأخيرة من بينها ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات قياسية، ورفع الاحتياطي الفيدرالي الفائدة الأمريكية خلال الأسبوع الماضي.
وتتجه أنظار مجتمع المال والأعمال إلى لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي هذا الأسبوع، وذلك بعد قرارها بالإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير خلال اجتماعي مايو ويونيو الماضيين، ليظل العائد لديه عند مستوى 18.25% للإيداع، و19.25% للإقراض.
كان البنك المركزي رفع سعر الفائدة على 5 مرات بنسبة 10% خلال آخر 16 شهرا (آخرها 2% في مارس الماضي وقبلها 8% خلال 2022)، بعد ما أثر انخفاض سعر الجنيه مقابل الدولار على زيادة الأسعار (معدل التضخم).
ويأتي اجتماع البنك المركزي للفائدة بعد موافقته على طرح بنكي الأهلي ومصر شهادتين جديدتين بالدولار أجل 3 سنوات الأسبوع الماضي بسعر فائدة مرتفع 7% و9%.
كما رفع الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) سعر الفائدة الأسبوع الماضي بنسبة 0.25% على الدولار، وذلك للمرة الـ 11 منذ مارس 2022، والرابعة خلال العام الجاري، ليصل إلى نطاق 5.25% و5.5%.
توقعات بتثبيت الفائدة
توقع 5 من 8 مصرفيين ومحللين أن يتجنب البنك المركزي استخدام أداة الفائدة لمواجهة ارتفاع التضخم، وأن يثبت سعر الفائدة للمرة الثالثة على التوالي في خامس اجتماع للجنة خلال العام الجاري يوم الخميس المقبل.
وتوقع محمد عبد العال، الخبير المصرفي، تثبيت البنك المركزي سعر الفائدة في اجتماعه القادم رغم رفع الفيدرالي الأمريكي للفائدة، وتسارع معدل التضخم.
وقال عبد العال لمصراوي: "لن يفلح رفع الفائدة على الجنيه في كبح التضخم وذلك لتأثره بسعر صرف الجنيه وتراجعه مقابل الدولار بشكل أساسي بدليل عدم فعالية زيادات الفائدة السابقة وتسجيله تسارعا أكبر".
وشهدت مصر خلال شهر يونيو تسجيل معدلات تضخم سنوية تاريخية فوق مستوى 35% لأول مرة، والتي جاءت أعلى من تقديرات السوق، بحسب الأرقام التي أعلنها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وقفز معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية في شهر يونيو الماضي إلى 36.8% مقابل 33.7% في مايو الماضي، كما ارتفع معدل التضخم السنوي في المدن خلال يونيو الماضي إلى 35.7% مقابل 32.7%، وفقا لبيانات الجهاز.
كما ارتفع المعدل السنوي للتضخم الأساسي خلال شهر يونيو 2023 إلى 41% مقابل 40.3% في شهر مايو، بحسب بيانات البنك المركزي، وهو ما يعد رقما قياسيا جديدا.
وأوضح عبد العال، أن قرارات الفيدرالي الأمريكي غير مؤثرة على مصر بعد استبعاد خفض مؤثر للجنيه في المستقبل القريب، وكذلك لعدم ارتباط مصر بتحركات الفائدة على الدولار مثل الدول الخليجية التي تتماشى مع قرار أمريكا بالزيادة أو الخفض، ولذلك تثبيت الفائدة هو الحل الأفضل.
وارتفع سعر الدولار مقابل الجنيه بنحو 96% منذ 21 مارس 2022، ليزيد متوسط سعره من 15.76 جنيه إلى 30.94 جنيه، وذلك بعد خفض الجنيه 3 مرات رئيسية في مارس وأكتوبر 2022 ويناير الماضي.
وقالت سهر الدماطي، نائب رئيس بنك مصر سابقا، إن البنك المركزي سيتجه إلى تثبيت سعر الفائدة وعدم التأثر بقرار الفيدرالي أو ارتفاعات التضخم كما فعل في الاجتماعات السابقة.
وأضافت أن رفع سعر الفائدة سيتسبب في زيادة معدل التضخم- أي ارتفاع الأسعار- مدفوعة بتحميل المنتجين زيادة تكلفة الإقراض على أسعار السلع والخدمات، وبالتالي سيرتفع التضخم ويتم الدخول في دائرة مفرغة ليست في صالح الاقتصاد.
وبحسب الدماطي، عدم استجابة التضخم وتراجعه بعد زيادات أسعار الفائدة السابقة مقارنة بانخفاضه في أمريكا يرجع إلى اختلاف نوعي الاقتصادين، وكذلك لتأثر مصر أكثر بضغط الدولار وهو السبب الذي إذا تمت معالجته سيتراجع التضخم مباشرة دون الحاجة لرفع الفائدة.
واتفقت منى بدير، الخبيرة الاقتصادية، ومحمد أبو باشا نائب رئيس قسم البحوث بشركة "إي إف جي القابضة"، وهبة منير محلل الاقتصاد الكلي بشركة إتش سي لتداول الأوراق المالية والاستثمار، على التوقعات بعدم تحريك سعر الفائدة في الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية.
وقالت منى بدير، في تقرير سابق لمصراوي: "رفع أسعار الفائدة سيكون مرهونا بتحركات مرتقبة لسعر الصرف".
توقعات برفع الفائدة بين 1 و3%
في المقابل توقع 3 مصرفيين ومحللين أن يرفع البنك المركزي سعر الفائدة بنسبة بين 1 و3% يوم الخميس المقبل، لتقليص فجوة العائد السالب على الاستثمار في الجنيه المصري بسبب ارتفاع معدل التضخم.
ويرى هاني جنينة، الخبير الاقتصادي والمحاضر بالجامعة الأمريكية في القاهرة، أن هناك فرصة مرتفعة لرفع سعر الفائدة بنسبة لا تقل عن 2% خلال الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية للبنك المركزي.
وقال جنينة، لمصراوي، إن الرفع المقبل الذي قد يتراوح بين 2 و3% سيكون الأخير في دورة التشديد النقدي الحالية للبنك المركزي، سواء تم اتخاذه في الاجتماع المقبل للجنة، أو في أي اجتماع تالٍ خلال العام الحالي.
وأضاف أن اختيار التوقيت المناسب لرفع الفائدة المتوقع سيرتبط بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وإن كانت معدلات التضخم الحالية تستحق الرفع بعد المستويات الأخيرة التي وصلت لها في يونيو الماضي، لكنه مطلوب أكثر مع التوقعات بمزيد من ارتفاع التضخم في الشهور المقبلة حتى لا يتحول إلى صدمة تضخمية مستمرة.
وقال محمد بدرة، الخبير المصرفي، إن البنك المركزي يحتاج إلى رفع سعر الفائدة في اجتماع هذا الأسبوع بنسبة 1% لتعزيز جاذبية الاستثمار في الجنيه، وكذلك تقليص فجوة العائد السلبي على الادخار في الجنيه بسبب التضخم.
والعائد الحقيقي على الاستثمار في الجنيه هو ناتج عملية حسابية تتضمن طرح معدل التضخم من سعر الإيداع لدى البنك المركزي ليكون العائد الحقيقي سالب 22% تقريبا.
وأوضح بدرة أن قرارات البنك المركزي برفع سعر الفائدة 10% على مدار آخر 16% شهرا أتت ثمارها بعض الشيء بامتصاص السيولة وتقليص معدلات الشراء بما يستلزم المزيد من الرفع.
ورجح محمود نجلة، المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت في شركة الأهلي للاستثمارات المالية، رفع البنك المركزي سعر الفائدة الاجتماع القادم في ضوء استهدافه التضخم المستقبلي- كما يذكر في تقاريره- والذي من المرجح ارتفاع مستوياته خلال الفترة القادمة.
ومعدلات التضخم الراهنة تفوق بكثير المستهدفات الطموحة للبنك المركزي التي أعلن عنها قبل نهاية العام الماضي عند 7% (±2%) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024، مستهدفا تراجعه إلى 5% (±2%) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026.
وأوضح نجلة، أن زيادة معدلات السيولة في السوق (القوة الشرائية) قد تدفع البنك المركزي إلى رفع سعر الفائدة في اجتماعه القادم لكبح جماح التضخم المتسارع واستهداف رقم أحادي بنهاية العام المقبل.