أثر الوحدة في الطفولة على الصحة العقلية
تشير الأبحاث الحديثة إلى أن هناك مخاطر صحية متعددة قد يتعرض لها الأفراد في مرحلة منتصف العمر، وهذه المخاطر قد تكون مرتبطة بتجاربهم في مرحلة الطفولة. إذ أظهرت دراسة جديدة أن تجربة الوحدة في الطفولة لا تؤثر فقط على الصحة النفسية، بل تؤثر أيضًا على القدرة المعرفية وتزيد من خطر الإصابة بالخرف في مراحل لاحقة من الحياة، حتى في الحالات التي يكون فيها الشخص محاطًا بأصدقاء مقربين.
ليلى الحلقة 41
الشعور بالوحدة عامل رئيسي
وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "دايلي ميل"، توصلت الدراسة إلى أن العامل الأكثر تأثيرًا في هذه الظاهرة ليس مجرد غياب الأصدقاء، بل الشعور الذاتي بالوحدة والعزلة العاطفية. فقد أظهرت النتائج أن هذا الشعور يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالخرف بشكل ملحوظ، حتى في الأشخاص الذين يمتلكون دائرة من الأصدقاء المقربين.
كما أشار الباحثون إلى أن آثار الوحدة التي يعاني منها الأطفال قد تستمر لسنوات عديدة، تاركة أثرًا دائمًا على الدماغ، حتى لو لم يعد الشخص يشعر بالوحدة في مرحلة البلوغ.
الطفولة فترة حرجة لنمو الدماغ
وصف الباحثون الطفولة بأنها فترة حرجة لتطور الدماغ، حيث يكون الأطفال أكثر عرضة لعوامل التوتر مثل الوحدة، الفقر، انعدام الأمن الغذائي، الإهمال والتنمر. وهذه العوامل يمكن أن تؤثر بشكل كبير على الصحة العقلية والمعرفية على المدى الطويل.
لذا، فإن التدخل المبكر وتوفير الدعم الاجتماعي للأطفال يعد أمرًا بالغ الأهمية. فقد تم إجراء هذه الدراسة بالتعاون بين باحثين من جامعات مرموقة في الصين وأستراليا والولايات المتحدة، بما في ذلك جامعتي هارفارد وبوسطن.
اعتمد الفريق في دراستهم على بيانات طويلة الأمد شملت أكثر من 13,500 مشارك بالغ، حيث تم تتبع صحتهم المعرفية بين عامي 2011 و2018 مع التركيز على مهارات الذاكرة والتفكير ومعدلات التدهور الإدراكي.
أظهرت النتائج أن المشاركين الذين عانوا من شعور متكرر بالوحدة في طفولتهم كانوا أكثر عرضة للإصابة بالخرف بنسبة تصل إلى 51% مقارنةً بمن لم يشعروا بالوحدة، حتى في حالة وجود أصدقاء مقربين لديهم.
ختامًا، أكد الباحثون أن تجربة الوحدة في مراحل مبكرة من الحياة قد تترك "ندبة دائمة" على الدماغ، مما يزيد من أهمية تعزيز الدعم الاجتماعي والعاطفي للأطفال منذ صغرهم.
