الحرب على غزة: انتهاكات الاحتلال للمستشفيات

كتبته: سهر عبد الرحيم
لم يعد خافيًا على أحد أن الاحتلال الإسرائيلي لم يكتفِ بمنع إدخال المساعدات الإنسانية الضرورية والمواد الطبية إلى قطاع غزة، بل بات يشن حربًا ممنهجة على المنظومة الصحية في القطاع منذ بدء الإبادة الجماعية في أكتوبر 2023. إذ يستهدف الاحتلال المستشفيات التي لا تقتصر مهمتها على معالجة المرضى فحسب، بل أيضًا تحتضن آلاف النازحين الذين يبحثون عن ملاذ آمن، وفقًا للقوانين الدولية التي تحظر استهداف المرافق الطبية.
لا يزال جيش الاحتلال الإسرائيلي يقوم باستهداف المستشفيات والمراكز الطبية في غزة، وآخر تلك الاعتداءات كان على المستشفى الأهلي المعمداني شمال القطاع. الهدف من هذه الهجمات هو الضغط على حركة حماس لإجبارها على الاستسلام لمطالب الاحتلال، والتي تتضمن عرضًا لتبادل الأسرى.
حكاية ليلة مترجم الحلقة 29
المستشفى المعمداني
في فجر يوم الأحد، قامت الطائرات الحربية الإسرائيلية بقصف مبنى الاستقبال والطوارئ وقسم العمليات الجراحية ومحطة توليد الأكسجين في مستشفى الأهلي المعمداني، مما أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة من المستشفى وإخراجه عن الخدمة بالكامل. بعد هذا القصف، تم نقل غالبية المرضى إلى مستشفيات أخرى.
أدعت إسرائيل أن المبنى المستهدف كان يستخدم كقاعدة لقيادة عمليات حركة حماس، وهو ادعاء نفت حركة حماس صحته، حيث اعتبرت ذلك تكرارًا للأكاذيب التي تروجها الاحتلال. فقد أكدت الحركة أن استهداف المستشفيات يمثل استخفافًا صارخًا بالقوانين الإنسانية، واعتبرت سلوك الاحتلال تصرفًا يتجاهل القيم والمبادئ الدولية.
الجدير بالذكر أن المستشفى المعمداني قد تعرض للاعتداءات الإسرائيلية في السابق، ففي 17 أكتوبر 2023، كان هناك هجوم دام أسفر عن استشهاد أكثر من 500 شخص. في الوقت الذي كان فيه الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن، يزور إسرائيل، كان قد رفض تحميل الاحتلال أي مسؤولية عن الهجوم.
من ناحيتها، نفت إسرائيل مسؤوليتها عن تلك الحادثة، بل ألقت باللوم على حركة "الجهاد الإسلامي"، مدعية أن صاروخًا أطلقته الحركة هو السبب وراء الكارثة. وفي محاولة لإثبات روايتها، اعتقلت إسرائيل عددًا من عناصر الحركة وقامت بإجبارهم على الإدلاء بشهادات تحت التعذيب، وهو ما نفته الحركة بشدة.
لقد كان المستشفى المعمداني هدفًا دائمًا للاعتداءات الإسرائيلية، حيث اقتحمت قوات الاحتلال المستشفى في ديسمبر 2023، واعتقلت عددًا من الأطباء والجرحى. وعقب تلك الاعتداءات، بقي المستشفى خارج الخدمة لفترة طويلة قبل أن تتدخل منظمة الصحة العالمية لتزويده ببعض المعدات.
مجمع الشفاء الطبي
قبل ثلاثة أسابيع من استهداف المستشفى المعمداني، تعرض مجمع ناصر الطبي في خان يونس لهجوم أدى إلى اغتيال إسماعيل برهوم، عضو المكتب السياسي لحركة حماس. كما اقتحمت قوات الاحتلال مستشفى كمال عدوان وأحرقت مرافقه، ما أدى إلى اعتقال الطواقم الطبية والمرضى.
وفي 29 مايو 2024، أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني عن إخلاء مستشفى القدس الميداني بسبب التهديدات المتزايدة من الاحتلال، رغم استمرار القصف المدفعي والجوي في محيطه. وقد تمكن الهلال الأحمر من إعادة تشغيل مستشفى القدس في 20 مارس الماضي، لتقديم الخدمات الطبية للمرضى.
لكن، وبسبب السياسات الإسرائيلية الممنهجة، أصبحت معظم المستشفيات في غزة خارج الخدمة، ولا تقدم الخدمات الطبية المطلوبة. ويتواجد حاليًا في مدينة غزة وشمالها حوالي مليون فلسطيني بلا خدمات طبية حقيقية، وهو ما يعكس حجم الكارثة الإنسانية المتصاعدة.
وفي أعقاب الهجوم على المستشفى المعمداني، يواصل الاحتلال الإسرائيلي استهداف 36 مستشفى ومركزًا طبيًا منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023، مما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع.