ملتقى المرأة بالجامع الأزهر يضع روشتة للتعامل
كتب - محمود مصطفى أبوطالب:
عقد الجامع الأزهر، اليوم، الحلقة الـ 15 من برامجه الموجهة للمرأة وحملت عنوان: "أنماط الإنسجام العاطفي بين الزوجين".
حاضر في الملتقى، الدكتورة إنعام محمود حماد، أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر، والدكتور نسرين سمير أحمد، أستاذ مساعد ورئيس قسم الاجتماع بكلية الدراسات الإنسانية، وأدارت الحوار الدكتور حياة العيسوي، الباحثة بالجامع الأزهر الشريف.
وطالبت الدكتورة حياة حسين العيسوي، الباحثة بالجامع الأزهر، باتباع كتاب الله وهَدْي نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم في كيفية التعاملات الأسرية، فقد بلغ أقصى غاية الكمال البشري فهو أتقى البشر وأعلمهم بالله، كما في حديث البخاري: «إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا»، واستعرضت صور من بيت النبوة توضح التعامل مع بعض الأنماط الشخصية المختلفة؛ فقد رُوي أنَّ فاطمةَ رضيَ اللَّهُ عنها اشتَكَتْ ما تلقَى مِن أثرِ الرَّحَى في يدِها وأتَى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ سبيٌ فانطلقَتْ فلَم تَجِدْهُ ، ولقيتْ عائشةَ رضيَ اللَّهُ عنها فأخبرَتْها ، فلمَّا جاءَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، أخبرَتهُ عائشةُ بمجيءِ فاطمةَ رضيَ اللَّهُ عنها إليها ، فجاءَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وقد أخذْنا مَضاجعَنا فذَهَبنا لنقومَ ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : على مَكانِكُما فقعدَ بَينَنا ، حتَّى وجدتُ بردَ قدمَيهِ على صدري ، فقالَ : ألا أعلِّمُكُما خيرًا ممَّا سألتُما إذا أخذتُما مضاجعَكُما أن تُكَبِّرا اللَّهَ أربعًا وثلاثينَ ، وتُسبِّحاهُ ثلاثًا وثلاثينَ ، وتحمداهُ ثلاثًا وثلاثينَ ، فَهوَ خيرٌ لَكُما مِن خادمٍ"
وعن كيفية التعامل مع الزوج البخيل، قالت إنه رُوي عن عائشة رضي الله عنها أن هند بنت عتبة، قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي، إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: «خذي ما يكفيك وولدك، بالمعروف»، أي تأخذ قَدْرَ الكفاية بالمعروف، أي دون زيادة وتعدي.
الزوجة الصالحة سببٌ لسعادة الزوج والأولاد والأسرة، قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم "الدنيا متاعٌ، وخيرُ متاعِ الدنيا المرأةُ الصالحةُ"، لذا نصحنا صلى الله عليه وسلم باختيارها والفوز بها.
وأوضحت الدكتورة إنعام محمود حماد، أنه من الصعوبات التي تواجهنا في الحياة الزوجية أن نتعامل مع شخصية مختلفة عن شخصية تربت تربية خاصة، ولها طباع لم يعتد عليها الطرف الآخر، ولكن بقليل من الصبر والفهم يمكن تجاوز هذه المشكلة.
وأوضحت أستاذ العقيدة، قائلة: من منا لا يريد أن تدوم حياته الزوجية حتى آخر العمر، فاختلاف الطباع لا يعني صعوبة استقرار العلاقة الزوجية واستحالة كونها سعيدة، فإذا ما تحقق التفاهم بين الشريكين تحقق الاستقرار والسعادة، مضيفة أنه علينا أن نعي أنماط الشخصية المختلفة وكيفية التعامل معها ، ومن هذه الأنماط الشخصية النرجسية وهي التي تهتم بشكل كبير وزائد بالذات دون الآخرين وهم أكثر تقديساً لذاتهم، وهذه الشخصية تفتقر القدرة على فهم مشاعر الآخرين ويغلب عليهم التكبر والتعالي .
من جانبها ، قالت الدكتورة نسرين سمير أحمد، إنه لابد أن نبين المقصود من أنماط الشخصية مع عرض نماذج لأنماط الشخصيات السوية وغير السوية، فالشخصية يقصد بها فئة أو صنف أو مجموعة من الأفراد تشترك فى مجموعة من السمات والخصائص ، ولهم نفس الميول والأفكار والتصورات الشخصية والتى غالبا ما تؤثر فى فهمهم وفى إدراكهم وفى تصرفاتهم وفى مظهرهم الخارجى.
وتابعت: ويمكن من خلالها قياس السلوك الإنسانى، والشخصية قد تكون سوية او غير سوية ومعيار السواء أو عدمه فى مجتمعاتنا الإسلامية هو المحافظة على التوازن بين المتطلبات الروحية والاحتياجات الجسدية، فضلا عن التوازن فى المعايير والسلوكيات تجاه الذات وتجاه المحيطين.
وبينت العوامل المؤثرة فى تشكيل الأنماط المختلفة للشخصية، حيث توجد مجموعة من العوامل تؤثر تأثيرا كبيرا فى تشكيل انماط الشخصية وأهمها عملية التنشئة الاجتماعية والتكوين الوراثى والتكوين النفسى والمحيط الاجتماعى، كما أن فترة الخطبة لها دور فى اكتشاف نمط الشخصية لكل من الزوجين، حيث تعد مرحلة الخطبة من أهم المراحل التى تسبق الزواج وتُعرف أيضا بفترة التعارف، وفيها يحاول الشاب والفتاة المقبلان على الزواج التقارب فكريا ونفسيا وسلوكيا، وغالبا ما يتخللها اختبارات وتجارب لكل من الطرفين وعمليات من الشد والجذب، يحدد من خلالها كل طرف الإيجابيات والسلبيات الموجودة فى شخصية الآخر ومدى القدرة على تقبلها والتكيف معها بعد الزواج .
وأوضحت أن المقصود من الحياة الزوجية فى مجتمعاتنا الإسلامية والأسس التى تقوم عليها وكيفية تحقيق التوافق فيها، فهي
تبدأ بمرحلة الزواج بين رجل وامرأة وتقوم على أساس الشراكة فى تكوين الأسرة فضلا عن تأدية الحقوق والواجبات من كل طرف تجاه الاخر، كما تقوم الحياة الزوجية على مجموعة من الأسس منها الشعور بالمسئولية والقدرة على تحملها والاستعداد للتضحية والحفاظ على الأسرار إلى غير ذلك من الأسس، مضيفة أنه كما تتعدد الأمور التى يمكن من خلالها تحقيق التوافق فى الحياة الزوجية ومنها تقدير الطرف الاخر والثناء عليه وتصدير إيجابياته والتغافل عن زلاته.
وقدمت روشتة علاجية لكيفية التعامل مع الأنماط المختلفة للشخصية فى الحياة الزوجية، حيث
يمكن التعامل مع الأنماط المختلفة للشخصية لاسيما الغير سوية منها خلال مرحلة الزواج؛ من خلال الاستعانة بالله والاستقواء به تعالى، ثم اتباع سلوكيات معينة خلال عملية التفاعل فى الحياة الزوجية، ويطلَق عليه العلاج المنزلى وفى حالة فشل العلاج المنزلى من احد الطرفين تجاه صاحب الشخصية غير السوية يتم اللجوء لمختصين فى تعديل السلوك والشخصية.
يُذكر أن هذه البرامج تُعقد برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، وبتوجيهات الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر، وبإشراف الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأنشطة العلمية للرواق الأزهري، والدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر.