استراتيجية ترامب الجديدة للأمن القومي
استراتيجية ترامب الجديدة للأمن القومي
في خطوة مثيرة للجدل، أصدرت إدارة ترامب حديثاً استراتيجيتها الوطنية للأمن القومي، التي طال انتظارها. تبرز هذه الوثيقة السياسات الجديدة التي تتبناها الإدارة، والتي تتضمن انتقادات حادة لحلفاء الولايات المتحدة في أوروبا، وتعزز من أهمية النفوذ الأمريكي في نصف الكرة الغربي. حيث تشدد المبادئ الواردة فيها على مبدأ "أمريكا أولاً" وتبني سياسة عدم التدخل، مما يعكس تحولاً ملحوظاً مقارنة باستراتيجية الأمن القومي السابقة لعام 2022، التي كانت تركز بشكل أساسي على تعزيز الديمقراطية والحفاظ على السلام في النظام العالمي القائم.
أهمية الصراع بين روسيا وأوكرانيا
تشير الاستراتيجية الجديدة إلى أن حل النزاع بين روسيا وأوكرانيا يعتبر مصلحة مركزية للولايات المتحدة، لكنها تستخدم لغة أكثر حدة تجاه حلفائها الأوروبيين التقليديين مقارنة بما توجهه نحو روسيا، التي تم تصنيفها في إدارة ترامب الأولى كمنافس جيوسياسي رئيسي.
إعادة ضبط الوجود العسكري الأمريكي
من بين الأولويات الأخرى، تدعو الاستراتيجية إلى إعادة ضبط الوجود العسكري الأمريكي، مع نقل القوات بعيداً عن الشرق الأوسط للتركيز على الأمن ومكافحة الاتجار بالمخدرات في نصف الكرة الغربي. كما تشجع الحلفاء في منطقة المحيطين الهندي والهادئ على زيادة مشاركتهم في جهود ردع النزاعات مع الصين في مضيق تايوان.
تحليل مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي
وفقاً لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي (CFR)، فقد أشار عدد من خبرائه إلى التداعيات المحتملة لوثيقة الأمن القومي الجديدة، حيث تعتبر هذه الاستراتيجية خروجاً جذرياً من حيث المضمون والنبرة مقارنة بالاستراتيجيات السابقة، بما في ذلك تلك التي تم إطلاقها خلال ولاية ترامب الأولى. كانت الوثيقة السابقة تمثل مساراً جديداً للسياسة الخارجية الأمريكية، مع التركيز على مفهوم المنافسة الكبرى مع الصين وروسيا.
الافتقار إلى الوضوح الاستراتيجي
تفتقر استراتيجية عام 2025 إلى الوضوح الاستراتيجي، حيث تميل أكثر نحو الخطاب الجدلي بدلاً من السياسة العملية. لم تعد المنافسة الكبرى مع الصين وروسيا تمثل "النجمة الشمالية"، بل تؤكد الاستراتيجية الجديدة أن الاقتصاد هو "الرهان النهائي" في العلاقات الأمريكية-الصينية.
التوجه نحو أوروبا
فيما يتعلق بعلاقة الولايات المتحدة بأوروبا، تتبنى الاستراتيجية الجديدة مقاربة "حضارية" قائمة على ما تسميه الوثيقة "القيم الغربية" ذات الطابع المحافظ والقومي. وتنتقد الوثيقة القارة الأوروبية لفقدان هويتها الوطنية بسبب الهجرة والتغيرات الديموغرافية.
الشرق الأوسط والسياسة الأمريكية
توضح الاستراتيجية أيضاً أن الشرق الأوسط لم يعد محور السياسة الأمريكية، وهو ما يتماشى مع مواقف ترامب التي أعلنها خلال حملاته الانتخابية. ومع ذلك، يبدو أن هذا التوجه يتعارض مع السياسة الفعلية للبيت الأبيض، حيث تستمر القوات الأمريكية في الانخراط في جهود السلام في المنطقة.
ليلى الحلقة 41
التحديات المستقبلية
تسعى الاستراتيجية إلى معالجة ثلاثة تهديدات رئيسية: الهجرة الجماعية، والجريمة المنظمة، و"التدخل الأجنبي العدائي". ومع ذلك، يبدو أن التركيز على استخدام القوة العسكرية ضد "الإرهابيين المهربين" و"الكارتلات" قد يكون غير فعال على أرض الواقع، وفقاً للعديد من الخبراء.
نظرة شاملة
في النهاية، تمثل استراتيجية ترامب الجديدة تحولاً كبيراً في السياسة الأمريكية، لكنها تعيد إنتاج أولويات قديمة دون معالجة فعّالة للقضايا الأكثر إلحاحاً. بينما تتطلع الإدارة إلى تعزيز نفوذها، يبقى التساؤل حول مدى فعالية هذه السياسات في مواجهة التحديات العالمية المعقدة.
