بالفيديو| أمين الفتوى: كفالة اليتيم "فرض كفاية"
كـتب- علي شبل:
أوضح الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، حكم ومنزلة كفالة اليتيم في الإسلام، مؤكدا أن كفالة اليتيم تُعتبر من الأمور المهمة التي يحث عليها الشرع، وتُصنف كفرض كفاية.
وأضاف أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حلقة برنامج "فتاوى الناس"، المذاع على فضائية "الناس"، اليوم الاثنين، أن "فرض الكفاية" يعني أن كفالة اليتيم واجبة على المجتمع، ولكن ليس على كل فرد بشكل مباشر، فإذا قام بعض أفراد المجتمع أو الأسر بكفالة اليتيم، فإن التكليف يسقط عن البقية، بمعنى آخر، لا يجب على كل فرد في المجتمع أن يتولى كفالة اليتيم، ولكن إذا قام بها البعض، فقد أدوا واجبهم وسقط الإثم عن الآخرين.
وأوضح أن كفالة اليتيم تأتي في إطار "فروض الكفاية"، وهو مصطلح يعني أن المجتمع يجب أن يتحمل مسؤولية كفالة الأيتام بشكل جماعي، وفي حالة تقصير الجميع في كفالة اليتيم، فإن الإثم يقع على المجتمع ككل، أما إذا تولت بعض الأسر أو الأفراد هذه المهمة، فإن الثواب يُكتب لهم ويتحملون مسؤولية هذه الكفالة أمام الله سبحانه وتعالى.
وتابع وسام أنه إذا كانت الأسر تتوجه إلى دور الأيتام وتبدي رغبتها في كفالة اليتيم، فإن هذا يعكس التزام المجتمع بدوره تجاه الأيتام، ويُظهر تعاونهم في تحقيق هذا الواجب الشرعي. وذكر أن الكافل يلقى ثواباً عظيماً من الله تعالى على هذا العمل الصالح، شريطة أن تكون هناك نية صافية واهتمام حقيقي برعاية اليتيم.
كما لفت إلى أن كل أسرة ترغب في كفالة يتيم يجب أن تراعي عدة أمور مهمة، منها توفير الرعاية الكاملة، والاهتمام بجوانب التربية والتعليم والصحة للطفل اليتيم، بما يضمن نموه وتطوره بشكل سليم وفقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية.
أحكام وضوابط كفالة الطفل شرعًا
وكان مركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية أوضح، في بيان سابق، أحكام وضوابط كفالة الطفل شرعًا، وهي:
1- الكفالةُ قد تكون ليتيمٍ ذي قرابة، أو لأجنبيٍ عن أسرةِ الكفيل، وللكفالة في الحالين ثواب عظيم؛ قَالَ سيِّدنا رَسُولُ اللهِﷺ: «كَافِلُ الْيَتِيمِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ» وَأَشَارَ مَالِكٌ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى. [أخرجه مُسلم]. (له): أي قريبٍ له، و(لغيره): أي أجنبيًّا عنه.
2- الكفالة تكونُ بالمال من خلال تحمل نفقات الطفل المكفول في كل ما يحتاج إليه من مأكلٍ أو مشربٍ أو مَلْبسٍ أو تعليمٍ وغيره مع كونه يسكنُ في المؤسَّسةِ الراعيةِ له، وتكونُ -كذلك- عن طريق استضافة الطفل في منزلِ الكفيل وضمِّه لأسرته ومعاملته كالابن أو البنت من حيثُ الرعايةِ لا من حيثُ النَسَب؛ فعَنْ سيدنا رسول اللهﷺ أنه قَالَ: «خَيْرُ بَيْتٍ فِي الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُحْسَنُ إِلَيْهِ، وَشَرُّ بَيْتٍ فِي الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُسَاءُ إِلَيْهِ». [أخرجه ابن مَاجَه]
3- ومع هذا الفَضْل المذكور للكفالة، إلاَّ أنَّ المكفولَ البالغَ ذكرًا كان أو أنثى أجنبيٌ عن كافلِه وزوجِه وأصولهما وفروعهما؛ فيُراعى ضوابط اختلاطِه بالجنسِ الآخر وكشف العورات داخل أسرته الراعية.
4- يجوزُ للمرأةِ الكافلةِ -أو والدتها أو إحدَى أخواتها- إرضاع الطفل المكفول إما طبيعيًّا، أو عن طريق استِدْرَار اللبن بتناولِ بعضِ العقاقير الطبيِّة المُحفِّزة لإنتاجه، ويكونُ بهذا الرضيع ابنًا من الرّضَاع للمرأةِ المُرضعة ولو غيرَ متزوِّجة، وابنا لها ولزوجها إن كانت متزوجة، وأخًا لأبنائهما من الرضاع، ويثبُت للطفل مَحْرَمية الزواج من أبنائهما -هذا على مذهب جمهورِ الفُقهاء-؛ إذ لا يُشترط عندهم أن يكون لبن الرضاع المُحرِّم نتاج زواجٍ أو ولادة؛ بدليل قول سيدنا النَّبِيُّ ﷺ: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ». [أخرجه البخاري]، ويُشترطُ لجواز ذلك:
- ألاَّ يترتب على تناول تلك العقاقير ضرر؛ إذ لا ضَرَر ولا ضِرَار.
- أنْ يتم رضاعُ الطفلِ قبل أن يبلُغ الحَوْلين -على قول جمهور الفقهاء-؛ قال تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}. [البقرة: 233]
- أن تكون الرّضعاتُ خَمْسًا مُتفرّقاتٍ -على المختار-.
- عدم جواز نَسَب المكفُول إلى كافِلِه سواء أكان معلومَ النَسَب أم مجهوله، ولكن يجوزُ إضافة لقب عائلة الكافل إلى اسم المكفولِ بما لا يوحي أنه ابنه أو ابنته من النسب، حتى لا يدخل في التبنِّي المحظور شرعًا؛ منعًا لاختلاط الأنساب، وحفظًا لحقوق الورثة من الضياع؛ قال تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب: 5]، وقال ﷺ في وعيدِ هذا الفعل: «لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إِلَّا كَفَرَ، وَمَنِ ادَّعَى قَوْمًا لَيْسَ لَهُ فِيهِمْ، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» [أخرجه البخاري]، وقال ﷺ أيضًا: «إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الفِرَى أَنْ يَدَّعِيَ الرَّجُلُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ،...». [أخرجه البخاري] الفِرَى: جمعُ فِرْية وهي الكَذِب والبهتان.
5- يجوزُ للكافل أن يهَبَ المكفولَ من مالِه حالَ حياتِه، وأن يُوصِي له بما لا يزيد عن الثُلُث.
6- لا يجوز أن يَرِثَ المكفول من كافلِه ولا من عائِلَتِه، كما لا يجوز أن يرثَ الكافلُ وأسرَته من مَكفولهم.
7- إعادة الطفل المكفول إلى مؤسسة الرعاية مرة أخرى لا ينبغي إلا اضطرارًا في أضيق الحدود، ولسبب حقيقي، لما في إعادة المكفول من آثار سلبية على صحته النفسية.
اقرأ أيضًا: