مع استمرار الموجة الحارة.. كيف تتنبأ هيئة
كتب وصور- محمود عبدالرحمن:
عبر 5 خطوط بشبكة التليفونات الأرضية، داخل مركز التنبؤات والإنذار المبكر بمخاطر الطقس بهيئة الأرصاد، يستقبل السيد أحمد المكالمات الواردة من محطات الرصد المختلفة على مستوى الجمهورية لاستلام الأرقام الخاصة بحالة الطقس وتسجيلها في كشوف ورقية، تمهيدا لتحويلها إلى الموظف المسؤول عن توزيع تلك البيانات على خرائط جوية متخصصة، لتحليلها من قبل أخصائي التنبؤ بالمركز وإصدار بيان تفصيلي بحالة الطقس والظواهر الجوية المتوقع حدوثها خلال ساعات أو أيام القادمة.
تشهد مصر حاليا، موجة ارتفاع كبيرة في درجات الحرارة على معظم أنحاء البلاد، نتيجة مجموعة عوامل مختلفة؛ أبرزها سيطرة منخفض الهند الموسمي، ومرتفع جوي في طبقات الجو العليا، بحسب الهيئة العامة للأرصاد الجوية.
"كل محطة رصد لازم تبلغنا ببيانات الطقس عندها"، يقول السيد أحمد الذي يتمثل عمله في استقبال تلك البيانات كل ساعة من 120 محطة رصد بمختلف أنحاء الجمهورية، لإذاعتها عبر أنظمة متخصصة إلى المراكز العالمية التي تقوم بتجميع تلك البيانات من مختلف الدول، وإرسالها مجمعة مرة أخرى لتحليلها من الأخصائيين الجويين لاكتشاف الظواهر الجوية وتوقعات حالة الطقس.
"بنستلم البيانات والأرقام دي نوزعها على خريطة ونشتغل عليها"، يقول محمود عباس كبير الراصدين بالهيئة العامة للأرصاد. يشرح عباس الذي يعمل في مهنة الرصد منذ 30 عاما طبيعة عمله، والتي تبدأ بجمع درجات الحرارة من الأكشاك المثبتة في منطقة خارجية تحت أشعة الشمس المباشرة واتجاه الرياح وسرعتها ثم عمل تصحيح لمحطة الرصد بالنسبة لسطح البحر يقول: "التصحيح مهم للمطارات لمساعدة الطيار على معرفة زمن الهبوط"، ليبدأ المتخصصين بالتحليل وإصدار التنبؤات واكتشاف الظواهر الجوية خلال فترة زمنية معينة.
وتبدأ عملية تحليل عناصر الطقس من درجات الحرارة وسرعة الرياح المسجلة عبر أجهزة مختلفة بفصل الكتل الهوائية ومناطق الضغط المرتفع ومناطق ضغط المنخفض، كما تحكي منار غانم متنبئ جوي وعضو المركز الإعلامي بالهيئة العامة للأرصاد الجوية، وعلى أساس حركة الهواء مع الضغط المرتفع والضغط المنخفض يتم معرفة مصدر تلك الكتل الهوائية والمناطق القادمة منها لتحديد درجة حرارة تلك الكتل، تقول منار "لو الكتل دي قادمة من على بحر غير لما يكون جاي من صحراء".
يوجد اختلاف بين الكتل الهوائية القادمة من البحر والقادمة من الصحراء، تقول غانم: "كتل البحر تبقى درجة حرارتها عادية ومحملة بكميات من الرطوبة على عكس الكتل الهوائية القادمة من الصحراء"، وبناء على هذه المعرفة يتم تحديد حالة الطقس خلال الساعات المقبلة سواء بارتفاع درجات الحرارة أو انخفاضها.
"كل نظام تحليل ليه فترة زمنية معينة"، تستكمل منار الحاصلة على بكالوريوس علوم قسم فيزياء جامعة المنوفية، موضحة أن التحليل التقليدي والذي يتم باستخدام الخرائط الجوية والتحليل اليدوي يكفي من 6 ساعات إلى 12 ساعة، لكن مع تقدم التكنولوجيا وبدء استخدام نظام "النماذج العددية"، تضاعفت تلك المدة إلى أيام، حيث يتم وضع معادلات تقوم على ربط عناصر الطقس المختلفة مثل الحرارة والضغط والرياح بالوقت ومن خلال النتائج يتم إصدار تنبؤات تصل إلى 10 أيام.
"التحليل التقليدي أفضل من الحديث"، تستكمل منار التي تعمل في تحليل الظواهر الجوية منذ 9 سنوات، وذلك لمراعاة المتخصص في التحليل التقليدي لخصائص المنطقة التي يتم تحليلها على عكس الأنظمة الحديثة باستخدام التكنولوجيا، تقول "جهاز الكمبيوتر مش عارف طبيعة الهواء في المكان"، موضحا أن هناك تساؤلات تأتي إلينا بشأن اختلاف درجات الحرارة في الهواتف المحمولة عن التي يتم إعلانها في البيان التفصيلي لحالة الطقس: "ناس تبعت تقول درجة الحرارة 40 وفي الموبايل 35"، وهو خطأ في الأنظمة المستحدثة لعدم مراعاة خصائص الأماكن.
وتأثرت العديد من دول العالم ومنها مصر من التغييرات المناخية، مما تسببت في ارتفاع كبير في درجات الحرارة وتغيير أشكال الظواهر الجوية المعتادة مع مرور الوقت وارتفاع متوسط درجات الحرارة على سطح الأرض، تقول غانم: "كان عندنا أمطار ولكن ليس بالمعدل الكبير اللي بنشوفه ده" تتذكر مارس 2020 عندما ضربت مصر حالة من عدم الاستقرار الشديد أدت إلى هطول أمطار استمرت لـ 3 أيام، وتسببت في حالة إغلاق غير معتادة، وغير متوقعة في ذلك التوقيت من العام.