احترس في الإسكندرية عند الخروج ليلة رأس السنة..
الإسكندرية – محمد البدري:
عادة قديمة اقترب عمرها من مئتي عام، تحدث في الإسكندرية مرة واحدة كل عام عند الاحتفال برأس السنة الميلادية، يقوم خلالها البعض بإلقاء الزجاجات وأكياس المياه من شرفات المنازل مع دقات الساعة الثانية عشر من منتصف ليل العام الجديد، إلا أنها تحولت مع مرور الوقت إلى ممارسة سيئة قد تعرض المارة للأذى.
العادة التي باتت مألوفة بين أبناء الإسكندرية رغم غرابتها لدى باقي محافظات مصر، لم تكن بهذا الشكل في بدايتها، فهي تعتبر أجنبية الأصل وموروثة عن بعض الجاليات الأجنبية التي كانت تقيم بالمدينة الساحلية وخاصة أبناء اليونانية، كانت في بدايتها ذات طابع مختلف لا يوجد فيه أي تعمد لأذى الأشخاص، إذ كان يكتفي المقيمون بوضع متعلقاتهم التي يريدون التخلص منها بجوار أبواب منازلهم.
ومع مرور الزمن تطورت أنماط إحياء تلك العادة بين بعض أبناء المدينة، ومع رحيل معظم أبناء الجاليات الأجنبية تغير شكل الاحتفال ليظهر في صورة تحطيم زجاج وإلقاء أكياس المياه من الشرفات وإطلاق الألعاب النارية، ما جعل الناس يتجنبون السير في الشوارع منتصف ليل العام الجديد تجنبا للتعرض لإصابة ربما تودى بحياة أحدهم.
بدأها اليونانيون لمساعدة الغير
وعن أصل العادة تاريخيا، أوضح عبد الرحمن حسن، باحث في التراث السكندري لـ أن عمرها يرجع إلى نحو 175 عاما عندما بدأ توافد أبناء الجالية اليونانية بكثافة إلى الإسكندرية واعتادوا الاحتفال بليلة رأس السنة بوضع الأشياء التي استغنوا عنها مثل الأواني والأكواب وغير من الزجاج والخزف بجوار أبواب منازلهم حتى يستفيد بها من يحتاجها من المارة.
وأضاف حسن أن بعض أبناء الجالية اليونانية قديما كانوا يقومون أيضا بإلقاء العملات المعدنية من الشرفات والتي تحمل أمنياتهم للعام الجديد وفي النهاية يستفيد بجمعها عمال النظافة والمارة بالشارع.
وأشار إلى أنه بالرغم من أن عادة تحطيم القنينات والقوارير الزجاجية كان يمارسها البعض قديما اعتقادا منهم في طرد الطاقة السلبية والشر عن أصحابها إلا أنها لم تكن الطابع السائد آنذاك للاحتفال مقارنة بفكرة التبرع بالمقتنيات لإفادة الغير .
تحولت إلى ممارسة سيئة
ويرى محمد عجمي، محاسب، أن إلقاء الزجاج وحتى أكياس المياه من الشرفات من أسوأ ما يمكن مواجهته في ليلة رأس السنة، مشيرا إلى أن العديد من المارة معرضين لتلقي إصابات خطرة نتيجة تلك الممارسة، مشيرا إلى أنه كان شاهدا على واقعة قبل سنوات حينما كان يستقل سيارة في منتصف الليل وفوجئ بسقوط عنيف لزجاجات فوق السيارة.
وطالبت شيماء نصر، طالبة، بضرورة التوعية بين المواطنين وخاصة الشباب وصغار السن الذين قد يقومون بذلك الفعل دون إدراك بعواقبه، مؤكدة تعرض أشخاص ومنهم عمال نظافة لإصابات وجروح نتيجة إلقاء أشياء قابلة للكسر من الشرفات.
البعض هجرها
وعلى الرغم من استمرار ظهور آثار تلك العادة في شوارع الإسكندرية في نفس التوقيت من كل عام، إلا أنها بدأت في التراجع تدريجيا خاصة مع تسببها في سنوات سابقة في إثارة استياء الأهالي، بينما تخلى البعض عن إلقاء الزجاج واستخدموا بدلا منه أكياس المياه، في حين يكتفي آخرون استخدام الألعاب النارية في رأس السنة كأحد مظاهر الاحتفال المعتادة.