-

بريطانيا تتأهب وألمانيا تحذّر.. كيف أصبح خيار

(اخر تعديل 2024-09-09 15:26:01 )
بواسطة


كتب- محمود الطوخي

في خضم التوترات الأمنية على الساحة العالمية، والتي ازدادت حدتها مع اندلاع الحرب بأوكرانيا في فبراير 2022، ترى بعض الدول الأوروبية أنها باتت هدفا محتملا في ظل تنامي النفوذ والقوة العسكرية لكل من روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران.
التهديدات الآنية، دفعت بعض الجيوش الأوروبية وعلى رأسها بريطانيا، إلى اتخاذ إجراءات تهدف إلى تعزيز قدراتها العسكرية، استعدادا لحرب محتملة مع محاور القوة الشرقية المتمثلة في الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية.

استعدادات بريطانية للحرب

تسعى بريطانيا إلى الانتهاء من تطبيق خططها المستقبلية من أجل الاستعداد للحرب المحتملة خلال 3 سنوات، وفق أحدث تصريح لقائد جيشها الجنرال باتريك ساندرز: "لدينا 3 سنوات للاستعداد لحرب ضد محور اضطرابات يضم روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران".
وأكد ساندرز على أنه مهما كانت نتائج الحرب في أوكرانيا، فإن "روسيا ستخرج أكثر خطورة وتسعى للانتقام لمساعدتنا كييف".

تصريحات ساندرو تتوافق مع رؤية وزير الدفاع البريطاني الأسبق، الأمين العام السابق لحلف شمال الأطلسي "الناتو" جورج روبرتسون، الذي عينته الحكومة البريطانية في وقت سابق من يوليو الجاري، رئيسا للجنة مراجعة للقوات المسلحة البريطانية.
وقال روبرتسون: "نواجه رباعيا قاتلا من الدول التي يزداد تعاونها مع بعضها بمرور الوقت، علينا أن نكون قادرين على مواجهة ذلك الاتحاد"، وفق ما أدلى به لوسائل إعلام بريطانية.
وبالرغم من وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأحاديث عن نواياه بمهاجمة أوروبا بـ"الهراء"، فإنه توعد، بداية يونيو الماضي، بتسليح أطراف ثالثة معادية للغرب بهدف مهاجمة المصالح الأوروبية والأمريكية، ردا على الدعم العسكري لأوكرانيا وكذا السماح باستخدام الأسلحة الغربية في استهداف الأراضي الروسية.

ترامب وسياساته الاستقلالية

وتزداد مخاوف الأوروبيين مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر المقبل، خصوصا عقب تصريحات المرشح الجمهوري دونالد ترامب، فبراير الماضي، إذ قال إن الولايات المتحدة لن تكون مضطرة إلى الدفاع عن حلفائها الغربيين الذين يتخلفون عن سداد التزاماتهم المالية لحلف الناتو.
وعلاوة على ذلك، اتهم زعيم المعارضة الألمانية فريدريش ميرتس، نهاية يونيو الماضي، حكومة بلاده بعدم تجهيز ألمانيا بشكل كاف لاحتمال عودة ترامب إلى البيت الأبيض.
بينما قال المفتش العام للجيش الألماني كارستن بروير، اليوم الثلاثاء، إن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب "رفع مرآة بطريقة غاشمة أمام الأوروبيين وأوضح أن علينا القيام بدور أكثر استقلالية عن الولايات المتحدة.. لقد أدركنا ذلك مع الحرب الروسية العدوانية".

وأشار بروير في تصريحاته لصحيفة "زيكسيشه تسايتونج" الألمانية، إلى أن وتيرة تسلّح الجيش الروسي قد تسمح له خلال فترة تتراوح بين 5 إلى 8 سنوات بالزحف نحو أراض تابعة لحلف الناتو.
وجاءت رؤية بروير، بناءً على تحليلات خاصة إلى جانب ومعلومات من أجهزة سرية وقوات مسلحة لدول في الحلف بالإضافة إلى تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كأساس لهذا التقييم.

بريطانيا لا تقوى على الحرب

يعتمد الأوروبيون بشكل شبه كامل على القدرات العسكرية الأمريكية لتأمين بلادهم ضد أية تهديدات محتملة، استنادا إلى المادة الخامسة من مواثيق الحلف والتي تتعلق بالدفاع المشترك، إذ تعتبر الهجوم على أحد أعضاء الناتو هجوم على جميع الأعضاء، والتي لم يتم تفعيلها سوى مرة واحدة عقب هجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة.
لكن الحرب الأوكرانية كشفت مساوئ الأمر على جيوش القارة العجوز، إذ أشارت تقارير عسكرية أوروبية إلى أن الاعتماد على القوات الأمريكية في أوروبا، أضعف قدراتها.

وهو ما أكده تقرير بريطاني رسمي، حذر فيه الجيش من التورط في حروب كبرى، بحسب صحيفة "دايلي ميل" البريطانية.
وأكد التقرير الصادر عن لجنة الدفاع بمجلس العموم البريطاني، مطلع فبراير الماضي، أن الجيش البريطاني هو الأضعف من بين جيوش المملكة المتحدة بسبب "أوجه القصور الكبير في القدرة"، نتيجة النقص في المركبات والدبابات والذخيرة.
إلى جانب ذلك، قال قائد الجيش باتريك ساندرز، إن الجيش البريطاني قد يضطر إلى تجنيد العامة في حال انخراطه بحرب؛ نتيجة صغر حجم القوات النظامية.

استياء أمريكي من الضعف

وفي فبراير عام 2023 أبدت الولايات المتحدة استياءها من "حالة الضعف التي وصل لها الجيش البريطاني"؛ إذ أكد مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، أن واشنطن لا تصنّف الجيش الملكي كواحد من بين أقوى الجيوش في العالم.

وفي أعقاب ذلك، صرّح قائد عسكري بريطاني سابق، بأن جيش بلاده غير قادر على حمايتها إذا انخرطت في حرب شاملة، بالرغم من كونها صاحبة أعلى إنفاق دفاعي في أوروبا والثانية في الحلف الأطلسي خلف الولايات المتحدة.

تحالفات روسيا مع الدول الشرقية الثلاث

وخلال مساعيها لمواجهة التكتل العسكري الغربي الداعم لأوكرانيا في الحرب، عمّقت روسيا من علاقاتها العسكرية والاقتصادية مع كل من الصين وإيران وكوريا الشمالية.
وبحسب اتهامات أمريكية، فإن الصين تزود روسيا ببعض المواد والمنتجات التي تغذي الصناعات الدفاعية الروسية لتصنيع ما تحتاجه من أسلحة خلال الحرب، إذ أشار وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إلى أن نحو 70% من أدوات الآلات و90% من واردات روسيا الإلكترونية الدقيقة تأتي من الصين.

أما بالنسبة إلى علاقات روسيا مع كوريا الشمالية، فإن أحدث ما جاء في عملية التعاون بين البلدين، كان توقيع اتفاقية دفاع مشترك، في يونيو الماضي، تنص على تقديم المساعدة إحدى الدولتين في حالة تعرضها لهجوم أو اعتداء.
كما حذرت تقارير غربية من أن كوريا الشمالية تزود روسيا بأنظمة المدفعية والصواريخ البالستية والصواريخ قصيرة المدى لمساعدتها في الحرب بأوكرانيا.

وعلى الرغم من أن العلاقات بين روسيا وإيران لم ترى بعد إلى مستوى التعاون الاستراتيجي، فإن طهران واجهت اتهامات عدة بتزويد موسكو بمئات الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة لاستخدامها في الحرب بأوكرانيا.
وذكرت وكالة "رويترز" البريطانية، في أبريل الماضي، أن إيران زودت روسيا بنحو 400 بينها صواريخ بالستية (أرض-أرض) من عائلة "فاتح-110" بمدى يصل إلى 700 كيلومتر.